ثوار درعا ثابتون رغم انعدام الخيارات..”الموت ولا المذلة”

مصطفى محمد

مقابل إصرار النظام السوري على فرض واقع جديد، تبدو الخيارات المتاحة أمام ثوار درعا محدودة للغاية، وخاصة أن النظام يرفض كل الحلول التي من شأنها إعادة الواقع الميداني إلى ما قبل الحصار على درعا البلد، الذي بدأ قبل 40 يوماً.

ويجد ثوار درعا، وتحديداً أبناء درعا البلد أنفسهم بين القبول بتسوية جديدة، أو الدخول في مواجهة عسكرية غير متكافئة، بعد سحب السلاح الثقيل من يد فصائل درعا سابقاً، ومحاولات النظام من خلال شخصيات تابعة له زعزعة الموقف الشعبي الرافض لتهديدات النظام.

ويقول رئيس محكمة “دار العدل” في حوران سابقاً عصمت العبسي إنه “لا خيارات كثيرة أمام أهالي درعا، والمطلب اليوم هو العودة إلى الوضع ما قبل الحصار، لكن إصرار النظام على الحسم العسكري يعني فعلياً إما قبول التسوية والمذلة، أو الموت”.

ويضيف العبسي ل”المدن”، أن درعا وأهلها “حسموا أمرهم منذ أكثر من عقد، بعدم قبول العيش في كنف الظلم”، مستدركاً: “لكن الحال الإنساني اليوم سيء جداً”.

وتعبيراً عن واقع الحال، طالبت لجنة درعا في بيان الأربعاء، الجانب الروسي باحترام التزاماته، والتحلي بالمسؤولية اللازمة بصفتها الضامن لاتفاق التسوية في درعا، الذي تم التوصل إليه في صيف العام 2018.

وقال البيان إن أهالي درعا قدموا أكثر من مقترح لتجنب المجزرة، وصولاً إلى قبول التهجير نحو مناطق بعيدة، لكن جميع هذه المقترحات قوبلت بالرفض، واختتمت اللجنة بيانها: “لقد قالها أهالي درعا منذ اليوم الأول للثورة، الموت ولا المذلة”.

من جهته، يقول رئيس “المجلس السوري للتغيير” وعضو اللجنة الدستورية المصغرة عن المعارضة حسن حريري إن الوضع في درعا ليس جديداً على أهلها، فدرعا عايشت تجارب سابقة، وما يبدو للآن أن الثبات هو السائد في أوساط درعا.

ويضيف في حديث ل”المدن”، أنه “لا خيارات أمام أهالي درعا وثوارها إلا الثبات، لأن البديل مرعب للغاية”.

ولم تفلح روسيا حتى الآن في جسر الهوة بين النظام المتعنت، ولجان درعا، ولذلك لجأت إلى حلول آنية، حيث فرضت الثلاثاء تهدئة ليوم واحد، حتى تتمكن من فرض تسوية جديدة، المستفيد منها النظام بطبيعة الحال.

وتدل المعطيات على إصرار واضح من جانب النظام على إحداث تغيير جذري في معادلة السيطرة في الجنوب السوري، مدعوماً بالموقف الإيراني، إذ جرى تداول أنباء عن نية الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، السيطرة على الجامع العمري ورفع علم النظام فوقه، أو هدمه بالقصف.

وكانت لجان درعا المركزية قد قدمت عرضاً يقضي بتهدئة جديدة، يتضمن نشر نقاط عسكرية داخل الأحياء المحاصرة تابعة للفرقة 15 وفرع الأمن العسكري، مع نقاش إشراك قوات من اللواء الثامن في الفيلق الخامس الموالي لروسيا، وهو ما رفضه النظام.

ومقابل تعنت النظام، هناك حساب آخر يخدم أهالي درعا، وهو عدم وجود رغبة روسية بالتصعيد، بدلالة غياب طائراتها عن مساندة قوات النظام.

إنسانياً، تشير مصادر “المدن”، إلى تسجيل حي درعا البلد حالات نزوح كبيرة نحو درعا المحطة عبر حاجز سرايا، لقناعة الأهالي بصعوبة التوصل إلى اتفاق، وتلفت المصادر إلى النقص الكبير في الغذاء والدواء، ومياه الشرب، وغياب التيار الكهربائي وسط موجة الحر الشديد التي تضرب المنطقة.

وفي ضوء ما تقدم، تبدو إيران هي المستفيد الأبرز من التصعيد، بحيث يتيح لها الوضع الراهن التمدد في مناطق قريبة من الحدود الأردنية.

 

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى