الأسباب الرئيسية وراء احتجاجات الأحواز: تهميش وعنصرية وطمس الهوية   ||   مقدار نقص المياه حير بعض الخبراء المحليين والدوليين

كريم عبديان

خلال الأسبوع الماضي شهدت مدن عدة في الأحواز المحافظة ذات الغالبية العربية والواقعة في جنوب غرب إيران، تظاهرات واحتجاجات عدة بسبب نقص المياه. بدأ الأمر برمته من خلال نداء عبر الإنترنت يدعو إلى إقامة تظاهرة احتجاجية بسبب شح المياه في الأهواز والمدن والبلدات العربية المجاورة.

وانطلقت تلك التظاهرات مساء يوم الخميس في 15 يوليو (تموز) في مدينة الحميدية، واستمرت مع انضمام المزيد من المحتجين، وغالبيتهم من الشبان والمزارعين الفقراء وصغار مربي الماشية وصيادي الأسماك. وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً، انضمت مجموعة من الشبان من مدينة الفلاحية إلى التظاهرات الاحتجاجية التي شهدت سقوط أول ضحية، وهو رجل يبلغ 26 عاماً من العمر، ويُدعى مصطفى النعيماوي الذي أُصيب برصاصة في صدره وفارق الحياة.

وفي اليوم التالي، انضمت كوت عبد الله، وهي إحدى ضواحي الأهواز إلى التظاهرات، حيث لقي كل من قاسم نصري وعلي مزرعي حتفيهما. نتيجة لذلك، تأهبت المدن الأخرى في الخفاجية والحويزة ومعشور (ماهشهر) والفلاحية (شاديكان) والمحمرة (خورمشهر) والسوس (شوش) والعديد من المدن والبلدات المتاخمة، وأعلنت انضمامها إلى الاحتجاجات.

وأُفيد أن 17 مدينة في الأقل انضمت إلى المتظاهرين على الرغم من مقتل أربعة محتجين عرب عبر إطلاق الأعيرة النارية مباشرة من قبل قوات الأمن. كما أفادت مجموعة محلية تُعنى بحقوق الإنسان عن إصابة المئات بجروح.

ومن بين الشعارات التي رُفعت وتردد صداها في الاحتجاجات “بالروج بالدم نفديك يا أهواز”، “بالروح بالدم نفديك يا كارون”، “نحن عطاشى”، “المياه من حقنا”، “أوقفوا التطهير العرقي للعرب”، “لا للتهجير القسري”، “لا للدمج القسري”، “أعيدوا مياهنا المسروقة التي حُول مسارها”، كما أن بعض الدعوات حثت المواطنين على الانضمام إلى التظاهرات.

وتزامناً، انتشرت العديد من الفيديوهات التي أظهرت الطريق الرئيس والوحيد الذي يربط مدينة مقاطعة الأهواز بطهران مقطوعاً من قبل المحتجين، الذين أضرموا النيران في الإطارات. ولجأت قلة من المحتجين في بعض المدن إلى الأسلحة وتبادلوا إطلاق النار مع قوات الأمن.

بيد أنه، وخلال التظاهرات، أُطلقت شعارات شددت أيضاً على سلمية الاحتجاجات، وهي شعارات لا تزال الغالبية تتقيد بها في وقت حث فيه الناشطون خارج البلاد المتظاهرين على عدم الانخراط في اشتباكات مسلحة مع قوات الأمن، لأن النظام يستخدم ذلك ذريعة لقمع المطالب السلمية.

غير أن مقدار نقص المياه حير بعض الخبراء المحليين والدوليين. فإقليم الأهواز هو عبارة عن أرض صالحة للزراعة تبدأ من سفح جبل زاكروس وتمتد إلى شط العرب، الذي يشكل الحدود المائية بين إيران والعراق. وتضم الأهواز 35 في المئة من مصادر المياه الإيرانية، إذ يمر نهر كارون وهو أكبر نهر في إيران عبر المحافظة العربية إلى جانب أنهار مارون والكرخة والدز والجراحي. يُشار إلى أن نهري الكرخة وجراحي قد جفَّا بالكامل.

الأسباب الرئيسة لاندلاع التظاهرات: تحويل مسار الأنهر التي تمر عبر الأراضي العربية

أنشأ النظام سدوداً وحول مسار مياه الأنهر كنهر كارون إلى مقاطعات أصفهان ويزد وكرمان غير العربية. وبذلك أصبحت أصفهان والمحافظات الفارسية الوسطى كيزد وكرمان ورفسنجان، المركز الرئيس للصناعات الثقيلة التي يحتاج إنتاجها إلى كميات ضخمة من المياه. واستُنزفت مياه نهر زاينده رود، الذي يشكل النهر الرئيس الذي يمر عبر أصفهان وجُفف بالكامل جراء الاستخدام الصناعي المفرط وسوء إدارة النظام للمياه. وبالتالي، جرى تحويل مياه كارون وكرخة ودز من خلال إنشاء تسعة سدود وبناء مئات الكيلومترات من قنوات تحويل المياه إلى المناطق الصناعية في أصفهان على حساب الشعب الأهوازي العربي، الذي يعيش على ضفاف هذه الأنهر.

واتُّخذ هذا القرار الاستراتيجي (تحويل مسارات الأنهر) خلال عهد الرئيس الأسبق أكبر رفسنجاني عقب الحرب الإيرانية – العراقية، بهدف وقف قيام الاستثمارات عمداً في المناطق الحدودية، حيث تعيش غالبية الجنسيات غير الفارسية في إيران، لأن الحكومة المركزية الفارسية لا تثق بالشعوب غير الفارسية وتعتبرهم خطراً أمنياً عليها. عوضاً عن ذلك، أُقيمت كل الاستثمارات في طهران وخراسان وأصفهان وفارس وكلها مقاطعات وأقاليم فارسية بحت. بيد أن أصفهان حظيت بحصة الأسد من مجموع تلك الاستثمارات خصوصاً في مجال الصناعات الثقيلة.

ويجري تحويل مياه الأنهار الرئيسة في الأهواز في وقت تعاني فيه المنطقة نقصاً حاداً في مياه الشرب، مما يحرم السكان العرب من مياه الري والشرب التي هم في أمسِّ الحاجة إليها.

وبحسب الأرقام الرسمية، تعاني 800 بلدة في الأقل في إقليم الأهواز من شح المياه، ولا تزال تؤمن حاجاتها الأساسية من خلال الاستعانة بصهاريج المياه. ولسخرية القدر، غُمرت كل هذه المدن والبلدات في الأهواز بالمياه جراء فيضان كان يمكن تجنبه في الأهواز منذ عامين. وفي حين لم يمد النظام يد العون للمناطق العربية المنكوبة جراء الفيضان، نظم الشبان الأهوازيون لجان مساعدات، إذ جمعوا الملابس والطعام ووزعوها على المتضررين جراء الفيضان. ولكن لسوء الحظ، جرى توقيف المئات منهم واعتُقلوا لبضعة أشهر.

ومنذ أن بدأ النقص في المياه بفعل النظام في بداية فصل الصيف، فقدَ الآلاف من صغار المزارعين في الأهواز قطعانهم، وانتهى بهم الأمر ينظرون بحسرة إلى أراضيهم القاحلة، فضلاً عن آلاف العمال المزارعين والصيادين الذين خسروا مصادر رزقهم. ونتج عن ذلك تضرر النظام البيئي للمنطقة بشكل حاد، فيما دُمرت مستنقعات هور العظيم التي كانت تشكل موطناً طبيعياً لنحو 20 ألفاً من جواميس المياه التي تساعد آلاف منتجي الألبان العرب على كسب قوتهم.

يُشار إلى أن ما يناهز 270 صنفاً من الأسماك والطيور والحيوانات البرية تتخذ من الأراضي الرطبة في هور العظيم مسكناً لها. كلها نفقت إلى جانب ملايين أشجار النخيل المنتجة للبلح بعد أن كانت الأهواز في فترة من الفترات ثاني أكبر مصدر عالمي للبلح والتمور بعد العراق.

وفي هذا الإطار، يقول نشطاء في حقوق الإنسان إنه فُرض نقص حاد في المياه بشكل قسري على العرب. وهذا ليس أمراً عرضياً أبداً، إذ لا يمكن أن يكون شح المياه في محافظة تحتوي على ستة أنهار رئيسة وتضم 35 في المئة من الموارد المائية في إيران مجرد صدفة، بل هو جزء من سياسة تطهير عرقية تنتهجها الحكومة المركزية الفارسية لدمج العرب في إيران بشكل قسري، أو كما يعتقد البعض محاولة القضاء عليهم. ويصف البعض هذا الأمر بالإبادة الثقافية السافرة للعرب في إيران.

نبذة عن الخلفية

يواجه عرب الأهواز في إيران ظاهرة مؤسفة لمعاداة العرب، وهي ظاهرة أطلقتها أولاً النخبة الفارسية وكرستها مع مرور الوقت. ومن ثم أصبحت هذه الممارسة منتشرة في أوساط طبقات المجتمع الوسطى وليس ضمن النخبة المثقفة وحسب. وألقت الطبقة الأرستقراطية الفارسية والشيعية التي حكمت إيران بعد سقوط سلالة القاجار الحاكمة على مدى المئة عام الماضية اللوم في التأخر الإنمائي لإيران على الديانة الإسلامية والعرب الذين أدخلوها إلى إيران.

وعلى الرغم من كون العرب أو عرب الأهواز من الجنسيات المكونة للمجتمع الإيراني إلى جانب جنسيات غير فارسية أخرى كأتراك أذربيجان والأكراد والبلوش والتركمان واللور، فضلاً عن مجموعات إثنية ومحلية أخرى محدودة العدد كالأرمن والأشوريين واليهود، فإن عرب الأهواز يحتلون أسفل درجات سلم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمساواة في حقوق المواطنة.

بعد صعود الشاه محمد رضا وسطوع نجمه ومن خلال فرض نظام مركزي، أطاح عام 1925 الإدارة الذاتية المحلية وقتل آخر أمرائها، الشيخ خزعل، وألحق المحافظة بطهران خلافاً لرغبة سكانها العرب ومن دون مشاركتهم. اعتمدت الدولة الفارسية لغة رسمية لها، التي يتحدث بها حالياً أقل من 30 في المئة، بحسب السيد حاجي بابايي، وزير التعليم في التسعينيات. كما غيرت الدولة اسم المحافظة من عربستان إلى خوزستان.

على مدى أكثر من 50 عاماً من حكم الشاه القومي الفارسي المتطرف رضا بهلوي وفي التاريخ الحديث خلال 43 عاماً الماضية في ظل حكم الجمهورية الإسلامية، عانى الشعب الأهوازي العربي أكبر عملية قمع وتطهير عرقي وحشية على يد الأنظمة الملكية التابعة لبهلوي وفي فترة حكم ولاية الفقيه. جردت هذه الأنظمة العرب من حقوقهم الإنسانية، إذ شنت هذه الأنظمة عمليات طرد للعرب من أراضيهم التاريخية بالقوة واستبدلت بهم مهاجرين غير عرب ولا ينتمون إلى السكان الأصليين. وجراء ذلك، تحول العرب إلى مواطنين درجة ثانية وثالثة في البلاد.

بحسب المؤرخ الأميركي وليام سترانك في كتابه الذي يحمل عنوان “حكم الشيخ خزعل ابن جابر وقمع الإمارة العربية: دراسة للإمبريالية البريطانية في جنوب غرب إيران” (The Reign of Shaykh Khazal Ibn Jabir and the Suppression of the Principality of Arabian: A Study of British Imperialism in Southwestern Iran)، فإنه تزامناً مع اكتشاف النفط في المنطقة في عام 1908، كان 98 في المئة من سكانها من العرب، غير أنه اليوم لا يزال العرب يشكلون 80 في المئة من سكان المحافظة.

خلال حكم الجمهورية الإسلامية، وعلى غرار نظام حكم الشاه السابق، كان يُنتخب ويُعين الحاكم العام لخوزستان وكل الحكام والسكان المنتمين إلى النخبة والطبقة الوسطى في المحافظة من غير العرب. ومنذ ثورة عام 1979، كان حكام المحافظة كافة البالغ عددهم 19 من غير العرب.

تجاهلت السلطات المتعاقبة في إيران الشعب الأهوازي بشكل متعمد وأبقته على الهامش. وتعرض العرب لاستئصال أراضيهم العربية وهويتهم الوطنية العربية وثقافتهم ولغتهم وتقاليدهم، وواجهوا عملية دمج قسرية حُرم فيها الأطفال العرب من تلقي التعليم بلغتهم الأم.

وفي حين تشكل أراضي الأهواز 80 في المئة من إنتاج النفط الإيراني، يعيش عرب الأهواز في فقر مدقع، إذ لا تحصل منطقتهم أو سكانهم المحليون على أي من عائدات النفط.

فضلاً عن ذلك، وضعت الأنظمة الملكية الإيرانية السابقة والأنظمة الدينية الحالية موطن عرب الأهواز تحت استعباد سياسي وثقافي واجتماعي واقتصادي. فقد جردت هذه الأنظمة السكان العرب الأصليين للأهواز من أبسط حقوقهم الإنسانية وخفضت مستواهم إلى سكان ينتمون إلى الطبقتين الثانية والثالثة.

ارتكزت سياسات الجمهورية الإسلامية، على غرار الأنظمة السابقة، على إلغاء الهوية الوطنية لعرب الأهواز، واستطراداً لهويات أخرى كالأتراك والأكراد والبلوش والتركمان، والهدف من ذلك هو “فرسنة” البلاد، حين يجب أن يكون كل شيء فارسياً. ترتكز هذه السياسة على عقيدة قمعية وشوفينية تهدف إلى إلغاء الثقافات غير الفارسية، خصوصاً هوية السكان الأصليين العرب وثقافتهم.

تجدر الإشارة إلى أن التركيبة الاجتماعية-السياسية للمجتمع الإيراني مصممة ومؤيدة وخادمة لفكرة أن إيران هي دولة واحدة مع لغة واحدة ودين واحد وهوية واحدة – بيد أنه في الواقع تشكل إيران أكثر بلد قائم على التعددية في المنطقة. فما من مجموعة إثنية أو عرقية تملك غالبية عددية على مستوى البلاد، بل إن كل جنسية وكل مجموعة عرقية تشكل الغالبية في موطنها.

ومن خلال استخدام العقيدة الدينية الشيعية والأدب والتاريخ واللغة والتعليم الفارسي، يفضل النظام بشكل استراتيجي ممنهج ومتعمد مجموعة عرقية على المجموعات الأخرى، مما يخلق عدم المساواة ويرسي مفهوم التهميش والحقد والطائفية في مختلف الأوساط العرقية، وبالتالي يقمع أي فرصة للتغيير الديمقراطي.

ويطالب العرب بأبسط حقوقهم الإنسانية بما في ذلك حق التعليم بلغتهم الأم. وغالباً ما وُصفت مطالب عرب الأهواز بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية على أنها مطالب “انفصالية” و”انشقاقية” أو اعتُبروا “دمى في أيدي الدول الغربية” أو “خطراً على وحدة الأراضي”.

وتستمر حكومة الجمهورية الإسلامية في ظل حكم الرئيس روحاني في تكثيف سياسة إعادة التوطين القسرية، وذلك لإجبار السكان العرب على مغادرة عربستان، وذلك من خلال إغراء المستوطنين القادمين من محافظات أصفهان بحوافز اقتصادية. كما غُيرت أسماء المدن والبلدات والقرى والأنهار وسواها من المعالم الجغرافية من العربية إلى الفارسية خلال حكومات بهلوي السابقة، وبقيت على حالها حتى اليوم.

ويعيش عرب الأهواز الذين هُجروا من أراضيهم التاريخية في أحياء فقيرة مكتظة، في ظل مؤشرات تنمية بشرية لا تصل إلى معدل التنمية الوطنية الإيرانية الإجمالي. وتبلغ مستويات الأمية في أوساط عرب الأهواز نحو 50 أو 60 في المئة للرجال، وهي نسبة أعلى لدى النساء مقارنة بنسبة تتراوح بين 14 و18 في المئة في إيران بشكل إجمالي.

أضف إلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى الآثار التي خلفتها الحرب الإيرانية-العراقية واستمرار الألغام الأرضية بقتل وبتر أطراف وتشويه المزارعين العرب، فضلاً عن التلوث الناتج عن الأسلحة الكيماوية، الذي يؤدي إلى ارتفاع معدلات التشوه الخلقي لحديثي الولادة.

وعلى الرغم من الضمانات التي يلحظها الدستور لإرساء العدالة، أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن عرب الأهواز يفتقرون إلى مياه الشرب النظيفة بشكل شبه كامل، وإلى الصرف الصحي أو خدمات أساسية أخرى كالكهرباء… كما تشير التقارير إلى أن مصادرة الأراضي من قبل السلطات الإيرانية هي من الممارسات المنتشرة للغاية، وتكاد ترقى إلى كونها سياسة تهدف إلى سلب العرب وتجريدهم من أراضيهم التقليدية. ويبدو أن هذا يشكل جزءاً من استراتيجية تهدف إلى إعادة توطين العرب قسرياً في مناطق أخرى، مع تسهيل انتقال غير العرب إلى خوزستان، وهو أمر مرتبط أيضاً بالسياسات الاقتصادية على غرار عدم توفر قروض من دون فائدة للعرب المحليين.

في زيارة لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحق السكن المناسب، ميلون كوثري، إلى الأهواز في يوليو (تموز) 2005، أكد أن مصادرة الأراضي كانت تتم فعلاً لإنشاء مشاريع سكنية وصناعية تستثني عرب الأهواز. وفي تصريح له آنذاك، قال بأن “… آلاف الأشخاص يعيشون وسط مجارير مفتوحة ومن دون صرف صحي ومن دون أدنى مقومات الوصول المنتظم إلى المياه والكهرباء والغاز… وبحسب التقديرات التي حصلنا عليها، هُجر ما يقارب 200 إلى 25 ألف مواطن عربي من بلداتهم”.

وتسارعت عملية التطهير العرقي في ظل حكم الرئيس روحاني، إذ أُنشئت المنطقة الحرة في أروند على مساحة 155 كلم مربع، وهي عبارة عن منطقة عسكرية-صناعية تقع على طول الحدود مع محافظة البصرة العراقية. واستُئصلت قرى وبلدات بأكملها إفساحاً في المجال أمام إنشاء مشاريع بتروكيماوية.

وجدير بالذكر أن مصادرة الأراضي المملوكة من قبل السكان العرب الأصليين على يد الحكومة الإيرانية شكلت سياسة ممنهجة وقائمة منذ عام 1925. وجرى منح الأراضي المصادرة إلى مستوطنين عرب غير أصليين. فخلال السنوات الخمس عشرة الماضية فحسب، تم الاستيلاء على ما يفوق 260 ألف هكتار وما مجموعه 450 ألف هكتار من أراضي المزارعين الأهواز الأصليين بشكل قسري وبالقوة. ويهدف هذا النموذج إلى كسر التركيبة العرقية وتغيير الاختلاط العرقي الموجود في المحافظة وتفريغ المدن والقرى في خوزستان من سكانها العرب الأصليين.

ومنذ عام 2004، اعتمدت الأنظمة الإيرانية سياسة توطين هائلة من خلال تهجير عرب الأهواز الأصليين وإعادة توطين مليون فارسي غير عربي من المحافظات الجنوبية الشرقية، والإتيان بهم إلى الأهواز. ويتهم النشطاء الأهوازيون اللواء محسن رضائي، القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني، والعضو الحالي في مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، بأنه يتولى الإدارة الرسمية لهذا المشروع الاستيطاني، وهو شخصية قومية متطرفة ومعروفة بمعاداتها للعرب. ويهدف هذا المشروع إلى إعادة توطين مليوني نسمة من عرب الأهواز الأصليين وتطهيرهم عرقياً خلال فترة تمتد على عشر سنوات. رغم رفض رضائي والسلطات وجود مثل هذا المخطط الذي يعتبره الأهوازيون خطرا على وجودهم.

وفي إطار سياسة تطهير عرقي حكومية أُطلق عليها اسم “تجارب الأرض” أو Hmemyesh Sarzamini، جرى قسراً تهجير 1.2 مليون أهوازي إلى المحافظات الوسطى وإعادة توطين 1.5 مليون فارسي من السكان غير الأصليين مكانهم في مستوطنات مدفوعة من الدولة.

يُشار إلى أنه يحظر على عرب الأهواز ارتداء زيهم الوطني والتقليدي في المراكز الرسمية، فهم أشبه بشعب مهمش وغير رسمي.

ومُنعت الشعب العربي الأهوازي من المشاركة في إدارة شؤونها الخاصة، إذ لا يكمل سكانها أي تمثيل محلي أو وطني فعلي. فالأقلية العربية في إيران محرومة بالكامل من حقوقها المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وبحسب تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، “لا تزال ملايين الألغام الأرضية باقية من مخلفات الحرب الإيرانية-العراقية في محافظة خوزستان، وهي تقتل السكان الأصليين القاطنين في جنوبي غرب إيران وتبتر أطرافهم يومياً.

كما أدرجت منظمة الصحة العالمية مدينة الأهواز، على رأس لائحة أكثر المدن تلوثاً في العالم. ويعود السبب في ذلك إلى التصحر الذي أحدثه الإنسان بفعل تحويل مسار مياه النهرين الرئيسين في خوزستان: كارون والكرخة.

تظهر كل المؤشرات أعلاه بأن الوضع في إقليم الأهواز متفجر بالفعل، إذ تدل التقارير الأخيرة بأن التظاهرات الاحتجاجية بلغت مقاطعة لورستان غير الفارسية. وانتشرت رسائل تضامن عديدة عبر عنها الأتراك في كل من محافظة أردبيل وأذربيجان الغربية والشرقية وكردستان ومحافظة سيستان وبلوشستان. يبقى أن ننتظر لنرى كيف ستعمل إيران لمواجهة هذا التحدي الجديد الذي يهدد وجودها.

 

المصدر: اندبندنت عربية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى