صباح يوم 31 آذار/مارس عام 2000 شيع حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والتجمع الوطني الديمقراطي الأمين العام للحزب، والأمين العام للتجمع د. جمال الأتاسي من مشفى الشامي بدمشق في موكب كبير مهيب من السيارات مرورًا أمام منزله في أوتوستراد المزة بدمشق وعيادته، مقابل بناء مجلس الوزراء باتجاه طريق دمشق حمص وتحول الموكب الحاشد قبل مدينة حمص إلى مقبرة آل الأتاسي على يسار الطريق، وبعد اجراءات الدفن ألقيت الكلمة باسم الحزب وألقى الأستاذ رياض الترك كلمة باسم التجمع وألقيت كلمات أخرى واتجه المشيعون إلى فندق السفير بحمص حيث أقام أخو الفقيد حفل غداء لهم، وتم إلقاء كلمات أخرى وقصائد في مناقب الفقيد وحضرنا الأمسية للعزاء وعدنا إلى دمشق وفوجئ نظام البعث الحاكم بقوة قوى المعارضة واتساع تيارها، بعد أن توهموا أنها انتهت انطلاقتها في أول عقد الثمانينات، وتم قمعها بالحديد والنار والحل الأمني العسكري والاعتقال الطويل والتعذيب وارتكاب المجازر.
كانت وفاة الفقيد بعد عشرة أيام من المؤتمر العام الثامن للحزب وانتخابه أمينًا عامًا بتاريخ 21 آذار/مارس وانتخابي للموقع الثاني كأمين عام مساعد، وشرفني الحزب بموقع الأمين العام والتجمع بموقع الناطق الرسمي باسمه ورئاسة القيادة المركزية، واتفقنا مع آل الأتاسي على إقامة حفل تأبين بمناسبة مرور أربعين يومًا في صالتين من فندق الشام وتم اختيار الأمين العام المساعد للحزب المرحوم محمد عبد المجيد منجونة عريفًا لحفل التأبين وفوجئنا بحضور بعض قادة حزب البعث (المرحومين عبد الرحمن خليفاوي ومصطفى طلاس)
وكان المناضل ابو ضرار يرحب بالحاضرين من الحزب والتجمع ومن المشاركين في حفل التأبين، وهناك من اقترب السدة التي تلقى منها الكلمات وطلب منه الترحيب بالقياديين الذي حضروا، فلم يستجب، لولا أننا في قيادة الحزب والتجمع طلبنا منه ذلك، وقدمني بصوته الجهوري وكلماته الثورية، وقدمت كلمة الحزب بمناقب أمينه العام عن تاريخه النضالي ودوره في الحزب والتجمع والمعارضة والعمل الوطني، كما قدم كلمة التجمع أحد أعضاء القيادة المركزية، وألقيت كلمات أخرى، وقدمت السيدة سهير الأتاسي كلمة العائلة.
كانت عملية التشييع والتأبين مؤشرًا على قوة الحزب وشعبيته وقوة التجمع وتيار المعارضة الوطنية، على الرغم من كل إجراءات القمع والبطش والتنكيل على مدى 30 عامًا.
كان يكتب النشرات وتقارير المؤتمرات والمقالات الفكرية والسياسية الهامة ويدير الحزب إدارة ناجحة وكنا شبابًا من حوله في القيادة واللجنة المركزية، وقيادات الفروع ونتعلم ونستفيد من فكره المبدع وخبرته الواسعة، ونساهم في بناء الحزب، وكنت أقف إلى جانبه منذ عام 1964 مع أعضاء نشيطين في بناء الحزب وتطويره، منهم راغب قيطاز، وأبو ضرار رحمهما الله، ويوسف صياصنة، والمرحوم محمد جبر المسالمة، وعيسى المسالمة، ورجاء الناصر، ومخلص صيادي، وعبد المجيد حمو، ومحمد عمر كرداس، والمرحوم محمد فليطاني/ أبو عدنان، وغيرهم. مع جهود من شاركوا في تأسيس التنظيم في بيروت والقاهرة المرحومين نهاد القاسم، وجاسم علوان، وجادو عز الدين. وكان يدير التجمع إدارة متميزة بالفكر والتنظيم يساعده في ذلك مناضلين ومفكرين منهم ميشيل كيلو، وأحمد فايز الفواز، وعبد الله هوشه، وعبد الغني عياش رحمهما الله، ومازن عدي. هذا غيض من فيض من تاريخ جمال الأتاسي لابد من استكماله فيما بعد.
حرصنا في الحزب والتجمع على جمع الأعمال الكاملة وشكلنا لجنة من محمد عمر كرداس وسراب الأتاسي ومازن عدي، وتم جمع الأعمال الكاملة وتبويبها وتحضيرها للطباعة وهي مع الدكتورة سراب في قبرص، واتصلت بها مرارًا للقاء في بيروت، أو إرسال الملف ولم يتم ذلك بعد بسبب الأحداث والتطورات، لكننا في الحزب والمعارضة نؤكد أهمية الإنجاز.
ويتابع الحزب نضاله بعد جمال الأتاسي أمينه العام، وبعد انتهاء ولايتي بقيادة المكتب السياسي والأمين العام الأخ أحمد العسراوي وفي العمل الوطني في إطار هيئة التنسيق الوطنية، وفي إطار هيئة التفاوض السورية وفي اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية / جود حتى تحقيق أهداف الشعب السوري وثورته المستمرة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.