تصاعدت وتيرة الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق مؤخرا، من قبل المليشيات الموالية لإيران، فيما يتوقع خبراء استمرارها وتصاعدها في ظل ما يصفه بعضهم بـ”ضعف” القرار السياسي في البلاد.
وخلال الأيام الأخيرة، أصبحت هذه الهجمات شبه يومية، ووقعت في غرب البلاد وفي بغداد وفي أربيل، عاصمة إقليم كردستان في الشمال، كما أنها تتشابه إذ تستخدم فيها صواريخ أو طائرات مسيرة وتستهدف قواعد عسكرية أو السفارة الأميركية في بغداد.
ويرى خبراء أن تكرار الاعتداءات والعمليات الانتقامية ضد الأميركيين تصبّ في حلقة خطيرة بدأت منذ شهور وليست على وشك الانتهاء.
المحلل السياسي أحمد الشريفي يرى، في حديث لموقع “الحرة”، أن الهجمات “ستستمر وقد تتصاعد حدتها” مشيرا إلى أنه يمكن رغم ذلك احتواؤها.
ويقول الشريفي إن الميليشيات التي تنفذ هذه الاعتداءات “تستثمر وتستغل ضعف القرار السياسي في البلاد”، مضيفا أن هذه الجماعات والفصائل ومن يحركها “معروفون”.
وتتبنى هذه الهجمات أحيانا مجموعات مجهولة تطالب برحيل الولايات المتحدة أو تتوعد بالانتقام لمقاتلين قضوا في ضربات أميركية، وتنسب إجمالا إلى فصائل موالية لإيران مجتمعة تحت مظلة الحشد الشعبي.
وفي أعنف هجوم في الأشهر الأخيرة، أطلق 14 صاروخا، الأربعاء، على قاعدة عين الأسد العسكرية في غرب العراق.
ولم يكن هذا الهجوم الأول من نوعه ضد قاعدة عين الأسد الواقعة وسط الصحراء والتي تؤوي جنود التحالف المناهض للجهاديين ومعظمهم من الأميركيين، لكن حجم العملية “غير مسبوق” وفقا لفرانس برس.
ونفذت حتى الآن حوالى خمسين عملية ضد المصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام. ولكنها تبدو حتى الآن استعراضًا للقوة يهدف إلى نقل رسائل، في رأي الخبراء.
ويقول حمدي مالك، المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة لوكالة فرانس برس إن الهدف الأول للمجموعات الموالية لإيران هو “تفادي خسارة مصداقيتها داخل قاعدتها الشعبية”.
ويوضح أن “عدم تحركهم يعني أنهم يخاطرون بفقدان احترام المكونات الأخرى من محور المقاومة” الموالية لإيران في سوريا ولبنان واليمن.
وبحسب اللواء حمد نمس، أطلق 24 صاروخا، الأربعاء، من شاحنة محمّلة بالطحين. وأوضح لصحافيين دعوا إلى القاعدة، الخميس، أن “السيارة حصلت على جميع التصاريح اللازمة لعبور الحواجز”.
وبلغ 14 صاروخا هدفها، ما أسفر عن إصابة جنديين أميركيين بجروح طفيفة في القاعدة، بحسب المتحدث باسم التحالف الكولونيل وين ماروتو الذي وعد في تغريدة على “تويتر” بمحاسبة المنفذين وبمعاقبتهم.
وبالنسبة للمحلل الشريفي، في حديثه لموقع “الحرة”، يجب على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن يجتمع بهذه الفصائل ويضغط على قادتها مستعينا حتى بالضغط الدولي وإن لم تستجيب عليه أن يستعمل موراد الدولة لمواجهتها.
ويحيي الحشد الشعبي المنتمي رسميا إلى القوات العسكرية العراقية الرسمية بانتظام هذه الهجمات، لكنه لا يتبناها علنا.
وترى الباحثة في معهد “بروكينغز”، مارسين الشمري، أن “الهدف هو وقف نفوذ وسلطة هذه الميليشيات الموالية لإيران التي تعمل تحت أعين الدولة العراقية التي لا حول لها ولا قوة”. وتهدّد السلطات في كل مرة بالمحاسبة، لكنها لم تنجح حتى الآن في إحالة منفذ واحد أمام القضاء.
وتتصاعد التوترات بين واشنطن وطهران اللتين تخوضان على خط مواز مفاوضات صعبة للغاية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وتقول الباحثة “هناك ارتباط عام بين الملفين، لكن يجب ألا نغفل حقيقة أن المجموعات الناشطة في العراق لها أيديولوجيتها وأهدافها الخاصة”. وتصر على أن دائرة الهجمات والعمليات الانتقامية.
وترى أن حلقة الهجمات ورد الفعل ستستمر، لكن لا أحد “لديه مصلحة في التصعيد”.
ويتساءل مسؤول عسكري عراقي رفيع قائلا “إلى متى ؟ (…)”، معتبرا أن المجموعات المسلحة “تلعب بالنار”.
وكان الحشد توعد بـ”الثأر” لمقاتليه الذين قضوا في ضربات أميركية في 28 يونيو في العراق وسوريا حيث تمّ إحباط هجوم بطائرة مسيّرة ضد الأميركيين الاثنين.
وتصاعدت لهجة الحشد ضد الوجود الأميركي في العراق منذ مقتل نائب قائد قوات الحشد أبو مهدي المهندس مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020 في غارة أميركية في مطار بغداد.
المصدر: الحرة. نت