يواصل الفنان السوري الكبير علي فرزات فتح ملفات علاقته مع بشار الأسد، ليكشف بريشة رسام كاريكاتير صورا مضحكة عن البلاهة الرئاسية التي كانت تطبع سلوك وتصرفات الوريث غير الشرعي في المزرعة الأسدية!
كانت الساعة الثامنة صباحاً عندما اتصل بشار بي وأخبرني بأنه ذاهب إلى قرية حدودية في الجنوب السوري، بعد درعا اسمها (جبا)، وسيزور أهل القرية من باب التشجيع ومدّهم بالطاقة الإيجابية في مواجهة ظروفهم المعيشية الصعبة، ولمنحهم شعورا بأن هذه الزيارة “مكرمة رئاسية”!، وقال أيضا بأنه قد أخبر الفنان ياسر العظمة والفنانة مي سكاف والشاعر ممدوح عدوان بالأمر.
خرجنا كلّ في سيارته، وكان موكباً مؤلفاً من حوالي 7 أو 8 سيارات وأثناء سيرنا توقفت جميع السيارات فجأة، وكانت الأرض من حولنا قفراء إلا من صخور سوداء صغيرة مرشوشة على الأرض ورمال رمادية. لا أثر حتى لشجرة.
هرع معه مجموعة من ذوي الأطقم الرمادية والنظارات السوداء. ظننت في بادئ الأمر أنه سيعطي تعليمات في استصلاح الأرض وجرّ الماء لها والاستفادة من زراعتها وتحسين الدخل القومي لسوريا، ورفع قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
للوهلة الأولى بدا رجال الأمن وهم يروحون ويجيئون بسرعة وبشكل غير منتظم.. بصراحة كان المنظر مضحكاً، ولكنني لم أفهم شيئاً مما يدور في هذا الفراغ البري؟.
ثمة رئيس يقف في وسط حلقة من الأطقم الرمادية وأذرع تحمل أجهزة (توكي هوكي) وهي تتحرك بسرعة وتشير إلى كافة الاتجاهات.
نزلت من السيارة لأستطلع الأمر، فأشار لي أحد المرافقة بأن ألتزم البقاء في السيارة. رجعت أراقب الوضع من مكاني.. تخيلت بأن ثمة كميناً على مستوى رئاسي سيقوم به بشار في تلك المنطقة الحدودية، وقد جلبنا معه كشكل من أشكال التمويه ليوهم العدو بأنه ثمة مجموعة من الفنانين والشعراء والممثلين سيقومون بورشة فنية وأدبية في البرية.. وتخيلت بأن بشار سيباغتهم ويهجم على الجنود الإسرائيليين وينتزع الجولان بأبسط الطرق وأمهر أساليب الخداع.
وبينما أنا في تخيلاتي السوريالية كان الرئيس قد غاب في اتجاه أشار به أحد أفراد المرافقة. لاحظت أن “الرئيس” ورجل الأمن وصلا إلى مكان وراءه منحدر، حيث بقي رجل الأمن واقفاً وغاب “الرئيس” وراء التلة، وبعد مضيّ بعض الوقت بدا بشار يظهر شيئا فشيئا من وراء التلة إلى أن بدا بطوله الكامل وهو منهمك برفع بنطاله ويشد السحّاب.
ضحكتُ بصوت عال ولكن في سري. أكمل الموكب سيره إلى أن وصلنا لقرية (جبا)…وكان منظراً مروعاً من الخراف وهي تذبح على طول طريق القرية الوحيد المعبّد، ودخلنا بيت المختار حيث انتظم أهل القرية في المجلس بجانبه حسب مواقعهم السياسية والأمنية والاجتماعية.. وراحت الخطب والهتافات والأشعار الرنانة تنهال من كل صوب وانتشر المصورون والصحفيون والكاميرات العادية والمحمولة واكتفى بشار برفع ذراعه محيياً الناس في القاعة.
كان الغداء قد تم تحضيره واصطفت الصواني الكبيرة المليئة بالرز واللحم على شكل رتل طويل أمام بشار.. والناس أخذوا أماكنهم حول الطعام.
كان ياسر العظمة ومي سكاف وممدوح عدوان والداعي نجلس على يمينه ويساره، وفجأة بدا “الرئيس” يقتطع قطعاً من اللحم بيده على طريقة أهل القرية ويلقيها أمامنا كتقليد يقلد به عادات أهل القرى أثناء الطعام!.
التفتُّ أنا حولي وأخذت الصحن الذي وضع فيه لي “الرئيس” قطعة اللحم وخرجت إلى فناء البيت وتواريت خلف كوخ صغير لجمع الحطب والقيت بالطعام في برميل بلاستيكي أزرق ..ولاحت أمامي صورة (الرئيس) في البرية وهو يرفع بنطاله ويشد السحاب دون أن يشطف يديه…!!؟
أما القرية الحدودية.. فلم ينلها من هذه “المكرمة الرئاسية” ولا حتى قطعة لحم!
المصدر: اورينت