الساحل الأفريقي… أي مستقبل بعد إنهاء عملية “برخان”؟

فادي الداهوك

طرح إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إنهاء عملية “برخان” العسكرية قبل نحو أسبوع، وعن “تغيير عميق” في الحضور العسكري الفرنسي في المنطقة الأفريقية يفترض أن يتحقق بحلول نهاية يونيو/حزيران الحالي، تساؤلات كثيرة حول مستقبل منطقة الساحل الأفريقي.

ويشمل التغيير الذي يسعى إليه ماكرون، تشكيل “تحالف دولي يضم دول المنطقة”، وخفض عدد القوات العسكرية الفرنسية التي تقاتل تنظيمات متشددة. وكان قد أعلن عن رغبته في تغيير استراتيجية باريس في عملية “برخان” على المدى الطويل وتخفيض التواجد العسكري، مطلع هذا العام، إلا أن الاضطراب السياسي في مالي، والانقلاب الذي نفذه الكولونيل هاشمي غويتا في مايو/أيار الماضي، عجّل هذه الخطة.

وقال الباحث في القضايا العسكرية مورغان باغليا، لـ”العربي الجديد”، إنه “كان من الصعب على السلطات الفرنسية ألا تأخذ في الاعتبار التطورات الأخيرة في مالي، ولا سيما الانقلاب الذي حدث في مايو ضد الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا. لذلك، فإن هذا الإعلان له هدف سياسي أيضاً: بشكل رئيسي، إشراك القوة المالية الجديدة لمنح ضمانات الثقة لفرنسا والجهات الفاعلة الدولية، بعد ذلك، سيتعين على باماكو القيام بدور أكثر أهمية في تأمين مناطق قتال معينة في الأشهر المقبلة، وهذا كان الهدف الرئيسي لعملية برخان”.

إعلان ماكرون لم يشر إلى إنهاء الدور الفرنسي بأكمله في منطقة الساحل الأفريقي، بل إلى إطلاق استراتيجية جديدة، تشمل التركيز على مهام القوات الفرنسية الخاصة، إلى جانب القوات الأوروبية الخاصة، بالإضافة إلى إنشاء قوات خاصة من دول المنطقة. وأشار ماكرون إلى هذه المسألة من خلال قوله في إعلان إنهاء عملية “برخان”، إن “فرنسا لا يمكنها أن تحل محل دول لا تريد تحمل مسؤولياتها”، في إشارة إلى الدول الحليفة للقوات الفرنسية في منطقة الساحل.

في هذا السياق، أوضح باغليا أن الخطوة الفرنسية “تهدف إلى إدامة الوجود العسكري الفرنسي المحدود على المدى الطويل (..) لمشاركة العبء المالي والسياسي لهذا التدخل وتحقيق نتائج أفضل، وهذا يتحقق بالضرورة مع إشراك دول المنطقة، بالإضافة إلى الحلفاء الأوروبيين والولايات المتحدة الأميركية”.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت تخفيض مشاركتها في العمليات العسكرية في الساحل، إذ تقدم دعماً عسكرياً يشمل 5100 جندي وضابط لمساعدة القوات الفرنسية، تنحصر مهماتهم في تقديم دعم لوجستي يشمل عمليات التجسس والمراقبة بالطائرات المسيّرة، وتبلغ تكلفة هذه المساعدة نحو 45 مليون دولار سنوياً، بالإضافة إلى غطاء جوي تقدمه بريطانيا للقوات الفرنسية يشمل مروحيات “سي اتش 47” وحوالى مئة طيار.

ومن خلال حشد الدعم الدولي لعملية “برخان”، نجحت باريس في “تعزيز مكانتها كقوة على المستويين العسكري والدبلوماسي، من خلال إظهار قدرتها على تنسيق تدخل متعدد الجنسيات، وإبعاد قوات عسكرية كبيرة عن الأراضي الفرنسية، وأن تكون ضامناً للاستقرار في المنطقة، هذه الاستراتيجية على حد سواء من أجل استقرار غرب أفريقيا والمغرب العربي والقارة الأوروبية”، وفق باغليا.

ويأتي إنهاء عملية “برخان” العسكرية بعد ثماني سنوات من التدخل الفرنسي في منطقة الساحل، حيث انتشرت القوات الفرنسية للمرة الأولى عام 2013 في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند، بناءً على طلب من السلطات المالية، وبلغ عديد القوات الفرنسية أكثر من 5 آلاف جندي، ما سمح بوقف تقدم الجماعات المتشددة، وتجنب انهيار الدولة المالية، لكنه لم ينجح في تحقيق الاستقرار الكامل بعد، وأصبح من دون نهاية واضحة.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى