شنّت الحكومة السورية هجوماً عنيفاً على فرنسا، على خلفية زيارة قام بها وفد من وزارة الخارجية الفرنسية إلى مناطق السيطرة الكردية في شمال شرقي سوريا. ووصف بيان لوزارة الخارجية السورية الزيارة بأنها «انتهاك سافر» للقوانين والأعراف الدولية، واتهم فرنسا بالقيام بـ«عمل تخريبي بالشراكة بالعدوان على سوريا».
وزار وفد فرنسي برئاسة ستيفان روماتيه، رئيس مركز الأزمات والطوارئ في وزارة الخارجية الفرنسية قبل نحو 10 أيام شمال شرقي سوريا والتقى قيادات كردية. وكانت الزيارة تتعلق بشكل رئيسي بملف إعادة حملة الجنسية الفرنسية من عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» الذين تم أسرهم أو قتلهم، علماً بأن فرنسا أعادت نحو 169 طفلاً و57 امرأة من بين هؤلاء منذ عام 2019. كما ناقش الوفد آلية دعم المجتمعات المحلية في شمال شرقي سوريا والظروف الأمنية في المخيمات التي تضم الآلاف من عائلات «داعش» المحلية والأجنبية، وكذلك العبء الثقيل الذي تتحمله الإدارات المحلية.
وعلّقت وزارة الخارجية في دمشق بالقول إن زيارة الوفد الفرنسي إلى شمال شرقي سوريا أمر غير مشروع و«انتهاك» للأعراف والقوانين الدولية. وقال مصدر رسمي في الوزارة إن لقاء الوفد الفرنسي بما سمّاها «التنظيمات الانفصالية الانعزالية»، في إشارة إلى الإدارة الكردية و«قوات سوريا الديمقراطية»، «يشكل انتهاكاً سافراً لسيادة ووحدة الأراضي السورية، ويظهر مجدداً الدور التخريبي والعداء الفرنسي المستحكم لسوريا، وشراكة فرنسا الكاملة في العدوان على سوريا من خلال دعمها للمجموعات الإرهابية والميليشيات الانفصالية»، بحسب وصف البيان السوري.
وأضاف المصدر أن سوريا «تذكّر الحكومة الفرنسية بأن مكافحة الإرهاب تكون بالتعاون مع الدولة السورية التي واجهت هذا الإرهاب، وليس بالتعاون مع التنظيمات الانفصالية التي شكلت غطاء للحكومة الفرنسية ويجمعها معها هدف واحد هو العداء لسوريا وشعبها وانتهاك سيادتها والمسّ بوحدة أراضيها».
وطالبت الخارجية السورية المجتمع الدولي بإدانة سلوك الحكومة الفرنسية ووصفتها بـ«الرعناء».
وكانت فرنسا قد أعلنت في 4 يوليو (تموز) الحالي أنها أعادت 10 نساء و25 طفلاً كانوا محتجزين في مخيمات تضم متشددين وأفراداً من عائلاتهم في شمال شرقي سوريا، في رابع عملية من هذا النوع في غضون سنة وقد تكون الأخيرة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضحت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب، في بيان، أن من بين 10 نساء تتراوح أعمارهن بين 23 و40 عاماً، أودعت سبعاً في الحجز لدى الشرطة تنفيذاً لمذكرة جلب، فيما ستمثل الثلاث الأخريات اللواتي صدرت بحقهن مذكرة توقيف أمام قاضي التحقيق لتوجيه الاتهام إليهن.
ومن بين القاصرات، وضعت فتاة تبلغ 17 عاماً أيضاً في الحجز لدى الشرطة.
ويُحتجز عشرات آلاف الأشخاص بينهم أفراد عائلات متشددين من أكثر من 60 جنسية، في مخيّمَي «الهول» و«روج» اللذين يديرهما الأكراد في شمال شرقي سوريا، وفي السجون العراقية.
وكانت هؤلاء الفرنسيات توجهن طوعاً إلى مناطق يسيطر عليها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا. وقد اعتقلن بعد إعلان القضاء، عام 2019، على «الخلافة» المزعومة التي أقامها التنظيم.
ويخضع كل بالغ انتقل طوعاً إلى المناطق السورية والعراقية التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش»، لإجراءات قضائية.
وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أنه أعيدت 16 امرأة و35 طفلاً إلى فرنسا خلال عملية أولى في صيف 2022 تلتها في أكتوبر (تشرين الأول) دفعة ثانية ضمت 15 امرأة و40 طفلاً. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت وزارة الخارجية إعادة 15 امرأة و32 طفلاً.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية، عقب عملية الإعادة الأخيرة للنساء والأطفال، في 4 يوليو، أن «فرنسا شكرت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا على تعاونها الذي جعل هذه العملية ممكنة».
وتشكل إعادة المحتجزين في هذه المخيمات، مسألة حساسة في الكثير من الدول ولا سيما فرنسا، خصوصا أن البلاد كانت مسرحاً لهجمات شنها متطرفون من تنظيم «داعش» في عام 2015.
واعتمدت فرنسا حتى صيف عام 2022 سياسة «إعادة بحسب الحالة»، مركزة على الأطفال اليتامى أو قصر وافقت أمهاتهم على إسقاط حقوقهن عليهم. وبموجب هذه السياسة، أعادت باريس فقط نحو 30 طفلاً، كانت آخر دفعة منهم في مطلع عام 2021.
المصدر: الشرق الأوسط