محمد خليفة: شاعر وباحث وكاتب صحافي

عبدالرحيم خليفة

بدأت علاقة محمد خليفة مع صنعة الكتابة وتطويع الحروف وتشكيلها، شاعراً، وهو على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، تزامنًا مع تفتح وعيه السياسي وانخراطه في الشأن العام بحيوية ونشاط كبيرين، بين 1967_ 1970.

حيث عرفته مدينته، حلب، شاعراً متميزاً يعتلي منصات ومنابر الشعراء، في المهرجانات والأمسيات التي كانت تشهدها المدينة، في مرحلة زاخرة بالنشاط الثقافي والأدبي، وفي هذه الفترة أسس مع الدكتور مضر صقال والأستاذ حسام الدين كردي رابطة أدبية أسموها (رابطة عبقر) جعلو لها بيتًا من الشعر عنوانًا: ” ان نفترق نسبا يؤلف بيننا____ أدب أقمناه مقام الوالد” وتعهدهم ورعى موهبتهم، حينها، الأستاذ القدير عبد الله الطنطاوي والناقد محمد الحسناوي رحمه الله.

صدر للشاعر محمد خليفة ديوانًا واحدًا، وللآسف لم أجد منه أي نسخة في مكتبته وذلك لحله وترحاله والانتقال من بلد لآخر، كما أني لا أتذكر اسم دار النشر التي أصدرته، أو تاريخ صدوره، في إطار سعيي لجمع تراثه وأرشفته. كما أن له ديوان مكتوب لم يطبع ويوزع، سنعمل على طباعته قريباً، إنشاء الله. نشر قصائده في العديد من الصحف والمجلات، أذكر منها صحف ومجلات سورية خصوصًا الأدبية منها في بداياته صعوده، ومجلة الدوحة الشهرية والشراع الأسبوعية.

لعل مصادفات القدر جعلت محمد خليفة الذي بدأ حياته شاعراً أن يكون آخر إنجازاته، ونشاطاته المتعددة، تنظيم مهرجان شعر الثورة السورية الأول، في ذكراها العاشرة، ضمن فعاليات (ملتقى العروبيين السوريين) والذي شارك فيه أكثر من أربعين شاعراً سورياً، كان هو أحد فرسانه.

من سوء الطالع أن القدر لم يمهله لإرواء شغفه وحبه للشعر لتنظيم مهرجان الشعر العربي الأول في ذكرى عيد الجلاء في 17 نيسان/ أبريل، علمًا أنه بدأ التحضير له، من خلال التواصل مع عدد من الشعراء العرب المؤيدين للثورة السورية، كما كان دأبه تشكيل رابطة للشعراء السوريين المنحازين للثورة والمؤمنين بها.

خطف العمل الصحفي والكتابة والبحث، وقبل ذلك العمل السياسي والنضالي محمد خليفة من ميدان الشعر، ولذلك لا يعرفه الكثيرون شاعراً موهوباً ومبدعاً.

في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، في المرحلة الجامعية، حيث درس الحقوق في جامعة دمشق، وكانت رغبته دراسة الأدب العربي في مصر/ القاهرة، زاد اهتمامه بالأدب والثقافة والفنون بأنواعها، فقد كان عاشقاً للسينما والفن التشكيلي، ومواظباً على حضور المعارض الفنية وجديد السينما، خصوصًا الأجنبية، وفي هذه الفترة برز لديه ميل لتعلم موسيقى العود والعزف، واشترى عوداً لهذه الغاية إلا أن التقاليد الاجتماعية لأسرة محافظة، وتحديدًا أبي، رحمه الله، منعه من الاستمرار وتنمية موهبته، فباع عوده الذي كان يطمح أن يتعلم أصوله.

بدأ محمد خليفة العمل الصحفي مراسلاً من سورية لمجلة (المصباح) اللبنانية، الثقافية المتميزة جدًا، في عام 1980 والتي رأس تحريرها الأستاذ القدير، الأخ والصديق المحترم، الياس سحاب، أطال الله في عمره، والتي استمرت بالصدور حتى نهايات عام 1981.

في هذه الفترة بدأ بالكتابة السياسية في مجلة (القومي العربي) التي كان يصدرها حزب الاتحاد الاشتراكي في لبنان، مع بداية تردده على لبنان والانخراط في أوساطها السياسية والفكرية والثقافية، من خلال التزامه السياسي مع تنظيم الطليعة العربية، قبل أن يغادر سورية بشكل نهائي في بدايات عام 1981 ويستقر في بيروت، التي اضطر لمغادرتها بعد الاجتياح “الاسرائيلي” ودخول القوات الاسرائيلية لبيروت في عام 1982.

قبل ذلك، وفي سنوات عمله السياسي في سورية، كان يكتب في نشرة التنظيم الشعبي الناصري (الراية الناصرية)، مقالاته وتحليلاته السياسية، ولكنها كانت بالطبع مغفلة الاسم.

في 1981 كان من ضمن الطاقم الذي بدأ التحضير لاصدار مجلة (الشراع) اللبنانية، وصدر عددها الأول في ذكرى ميلاد جمال عبدالناصر في 15 يناير/ كانون الثاني 1982، وكانت ضمن مشروع قومي طموح، فشارك في الكتابة لقسمها السياسي، ورئس تحرير قسمها الثقافي الذي بلغت عدد صفحاته ال36 صفحة، كما أنه كان مشرفًا على تحرير (مجلة مصر)، التي هي مجلة داخل المجلة، وعدد صفحاتها 16 صفحة بورق متميز، من حيث النوع واللون والطباعة، ضمن مسعى تفاعلي مع مصر التي كانت مشمولة بالمقاطعة العربية من قبل النظام الرسمي العربي.

استمر محمد خليفة في العمل مع مجلة الشراع حتى الأيام الأخيرة من عمره، لذلك كان الأستاذ حسن صبرا رئيس تحرير مجلة (الشراع) وصديقه وزميله الوفي محقًا حين نعاه في مقال طويل قائلاً: “يامن كنت وحدك نصف الشراع”.!!

تعد “المرحلة اليونانية” 1983_ 1992 المرحلة الأخصب في حياة محمد خليفة، الصحافي والكاتب والباحث، ففي هذه المرحلة بدأ العمل والكتابة مع صحيفة (السفير) اللبنانية، إضافة لمجلة الشراع، حتى التقى بالرئيس الجزائري أحمد بن بلة، بعد خروجه من السجن (أمضى ٢٢ عامًا من حياته في سجون الاحتلال الفرنسي والسلطات الجزائرية) ، ونشوء علاقة متميزة بينهما أثمرت كتاباً عنه حمل عنوان (أحمد بن بلة: حوار معرفي شامل)، صدر في بيروت 1985 عن دار الوحدة للطباعة والنشر، وترجم لعدة لغات، السويدية والفرنسية والانكليزية.

تخلل المرحلة اليونانية، لمدة اقتربت من السنة والنصف 1985_ 1986،  “المرحلة الباريسية” حيث كلفه الرئيس الراحل أحمد بن بلة برئاسة تحرير (مجلة البديل)، التي كان يصدرها من هناك، بطبعتيها العربية والفرنسية.

بعد أن عاد للاستقرار في أثينا/ اليونان عمل مع عدد كبير من الصحف والمجلات، فقد أصبح مراسلًا لصحيفة (الحياة) اللندنية_ اللبنانية، وغطى لها حرب البوسنة والهرسك على مدى سنوات، كأخبار ومقالات وتحقيقات ميدانية وتحليلات سياسية، كما معظم شؤون منطقة البلقان، وتطوراتها، وهو مادفعه بعد ذلك لاصدار كتابه المهم جداً،  والمرجع لأي باحث ومتخصص، (الاسلام والمسلمون في بلاد البلقان) الذي صدر عن مركز دراسات العالم الاسلامي، ومركزه في مالطا، صيف عام 1994، وبلغت عدد صفحاته 730 صفحة من القطع الكبير.

كما عمل مع مجلة (اليوم السابع) الباريسية، الأسبوعية، منذ صدورها وحتى توقفها، والتي كان  يرأس تحريرها الأستاذ بلال الحسن، شافاه الله وعافاه، ومدير تحريرها المرحوم جوزيف سماحة، وأثار أحد مقالاته الذي كان غلافًا للعدد، في حينه، عام 1998 عاصفة من ردات الفعل والتهديدات للمجلة ولمحمد نفسه، وكان تحت عنوان: الهجرة السورية إلى اليونان.

وعمل مع صحيفة (الراية) القطرية اليومية حيث كان يكتب لها عدة مقالات أسبوعيًا، في شؤون الأدب والثقافة والسياسة. إضافة لمجلة (المنبر) الشهرية الباريسية_ اللبنانية، التي كانت تصدر عن مجلس الاغتراب اللبناني.

وخلال هذه الفترة الخصبة من حياته وعطائه زادت مساحات إسهاماته، فكتب وتعاون مع مجلة (شهرزاد) الرصينة المتخصصة في شؤون المرأة، ومع مجلة (المرأة المسلمة).

في أواخر الثمانينات بدأ يكتب لمجلة (الوحدة)، الفكرية، الشهرية التي كانت تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية، وشارك في بعض ندواتها البحثية، كما بدأ في الكتابة لمجلة (مستقبل العالم الاسلامي) الفكرية، البحثية المتميزة، الصادرة عن مركز مستقبل العالم الاسلامي والذي صدر له عن ذات المركز إضافة لكتاب الإسلام والمسلمون في بلاد البلقان. عبارة عن دراسة بعنوان: (النظام الدولي الجديد بين المقصود والمنشود). ونشر العديد من الأبحاث والدراسات في مجلة (رسالة الجهاد) الليبية.

وفي هذا الصدد، أو المجال يمكن الاشارة إلى عدد من الدراسات والأبحاث التي نشرها في مجلة (المستقبل العربي) الصادرة عن  مركز دراسات الوحدة العربية في مراحل مختلفة ومبكرة، من عمله البحثي والصحفي، 1979.

لم يكتف بالعمل والكتابة للصحف والمجلات فاقتحم مجال العمل الاذاعي، فاشتغل وتعاون مع محطة BBC البريطانية، وإذاعة وطن اللبنانية_ الباريسية.

هنا يمكن الاشارة، أيضًا، لتعاونه مع الصحافي السوداني الصديق منصور شاشاتي على إصدار (تقرير أثينا) الأسبوعي لعدة سنوات، ومن ثم المساهمة والتعاون معه في صحيفة (أخبار السودان) المناهضة لانقلاب المخلوع عمر البشير، واليوم هو صاحب ورئيس تحرير موقع (الضفتان) ومايزال يقيم في أثينا، وقد تعاون، مع محمد حتى اللحظات الأخيرة من حياته، في نشر كل ما يتعلق بقضايا الثورة السورية.

ومن المهم جدًا في مسيرته الإعلامية الوقوف عند تجربته مع مجلة (النشرة) التي كانت تصدر في اليونان و”تعنى بشؤون حركات التحرر العربية والعالمية”، والتي اغتيل أول رئيس تحرير لها، الأستاذ ميشيل النمري في أثينا، وأصابع الاتهام تشير إلى النظام السوري في اغتياله وتصفيته، ومن ثم رأس تحريرها الأخ والصديق محمود خزام، والمشرف العام على إصدارها الصديق الأستاذ خليل الزين، رحمه الله، الذي اغتيل هو الآخر، بعد ذلك بسنوات، في غزة، في ظروف غامضة.

عندما كتب محمد خليفة في مجلة (النشرة) استخدم أسماء مستعارة أشهرها اسم (خالد العربي) الذي دعى في إحدى مقالاته الطويلة لمنظمة (فتح) سورية بين قوى وأحزاب المعارضة السورية في مواجهة نظام الأسد الأب، وكانت تلك رؤية مبكرة، صادقة، عن آليات مواجهة نظام القتل والاجرام، كما نشر فيها، أي في مجلة النشرة، مع مانشر في مجلة الشراع أهم تفاصيل (تنظيم ثورة مصر) بقيادة خالد جمال عبد الناصر ومحمود نور الدين، رحمهما الله، وهو التنظيم الذي لاحق الاسرائيلين والأميركان في شوارع القاهرة، قبل كشفه، واستمد كامل معلوماته الدقيقة حول التنظيم من صديقه خالد عبد الناصر، رحمه الله، الذي كان مقربًا منه وعمل معه، وهي المعلومات التي استكملها في 2018 بنشر وديعة خالد جمال عبد الناصر في مجلة الشراع اللبنانية، المفضلة له دومًا، التي كان بعض تفاصيلها مفاجىء ومثير للاستغراب والدهشة من قبل الكثيرين، وبسبب هذه العلاقة حاولت بعض الجهات الدولية الاستخبارية استمالته لمعرفة تفاصيل عن التنظيم  وتلك قصة آخرى.

مع ظهور الإعلام الفضائي، وتحديداً محطة الجزيرة، شارك في برنامج الاتجاه المعاكس الأسبوعي في ثلاث حلقات، الأولى عن القبائل ودورها في الحياة العربية وبناء الدولة الوطنية، مع حميدي دهام الجربا، شيخ شيوخ قبيلة شمر في سورية، والثانية عن المسلمين في جمهوريات يوغسلافيا، قبل تفككها، مع أمجد ميقاتي رئيس إحدى مراكز الأبحاث والدراسات في يوغسلافيا السابقة، المتعاطف مع الصرب، ويمكن مشاهدتهم على اليوتوب، والثالثة وهي الأهم والأخطر عن اتفاق وادي عربة في الذكرى الرابعة لتوقيعه، بثت 3نوفمبر/ تشرين ثاني1998، مع وزير خارجية الاردن السابق كمال أبو جابر،  والذي كان هو نفسه وزيرًا لخارجية المملكة عام 1994 حين توقيع الاتفاق، وهي حلقة مهمة أحدثت ضجة كبرى وأدت لإغلاق مكاتب قناة الجزيرة في عمان لعدة شهور، وبعد ذلك قامت إدارة الجزيرة بحذفها عن اليوتوب، ولا أثر لها اليوم في أرشيف قناة  الجزيرة، وتم على إثرها تغيير شارة مقدمة البرنامج الذي تظهر فيه صورة محمد خليفة رحمه الله. والحلقة، المشار إليها، في اليوم التالي لبثها تناولتها الصحف العربية، بعشرات المقالات، حول مضمونها وشخص محمد خليفة، وقناة الجزيرة ودورها، وتحديدًا برنامج الاتجاه المعاكس، وتلقى على إثرها تهديدات عديدة، وتوقف معها مشروع طموح للعمل مع القناة والإقامة في قطر، ومن نتائجها أيضًا توقف عدد من الصحف والمجلات من التعامل معه ونشر كتاباته.

في “المرحلة السويدية”، التي نال فيها عضوية اتحاد كتابها، وبعد اتفاق غزة_ أريحا أصدر كتابه (السلام الفتاك_ سلام أشد هولًا من الحروب) الذي صدر في القاهرة عن (مركز الحضارة العربية للاعلام والنشر)، الذي يديره الأخ والصديق الأستاذ علي عبد الحميد، وكان لي شرف المساعدة في طباعته ونشره، حيث كنت أقيم حينها في القاهرة.

وفي هذه السنوات صدر له كتاب (المسألة الألبانية) عن مركز فلسطين للدراسات والأبحاث في غزة. إضافة لكتابه الجاهز تمامًا للطباعة والنشر (الاسلام والمسلمون في شمال أوربا- السويد مثلًا)، الذي لم أحصل على نسخة منه، ورقية أو الكترونية، للأسف الشديد، وهو لم يطبع بسبب ظروف لا طائل من شرحها الان.

ويمكن الاشارة أيضًا في ذات السياق لمخطوط كتاب (المرجعيات الأيديولوجية للجمهورية التركية) التي حالت ذات الظروف من نشره وطباعته.

في سياق المزاوجة بين محمد خليفة الصحافي والمناضل العروبي، وضمن مشروع سياسي وفكري، في عام 1991، صدرت في القاهرة مجلة (الغد العربي)، ككتاب غير دوري، كان مع الأخ والصديق  الدكتور عبد الحليم قنديل منسقا التحرير، لها، وهو مشروع ونشاط على صلة بالأخ والصديق الأستاذ حمدين صباحي، رئيس (مركز إعلام الوطن العربي_ صاعد) وفي عددها الأول ساهم  بدراسة مهمة عن (الناصرية في عالم متغير)، ولكن المجلة لم تستمر، وصودر العدد الثاني من المطبعة من قبل أجهزة الأمن المصرية، وتوقف المشروع بفعل عوامل موضوعية عديدة، كانت فيها الطموحات أكبر بكثير من الفرص والامكانات.

في “المرحلة السويدية” سعى مع بداية وصوله إلى هناك لإصدار صحيفة عربية تعنى بشؤون الجاليات العربية والإسلامية وهو الأمر الذي تحقق في نهايات عام 1994 بالتعاون مع الرابطة الاسلامية في السويد التي صدر عنها صحيفة (الرابطة) الشهرية ورأس تحريرها منذ صدور عددها الأول ولمدة سنة تقريبًا قبل أن يغادرها لأسباب لا طائل من الخوض فيها.

في سنوات الثورة وتحديدًا في 2016 أصدر كتابه: (الغزو الروسي لسورية) الكترونيًا، وهو عبارة عن 37 مقالًا نشرت جميعها في مجلة الشراع اللبنانية وغطى السنة الأولى من الغزو الروسي لسورية.

وفي الفترة نفسها تعاون وكتب لصحيفة (جيرون) الالكترونية التابعة لمركز حرمون للدراسات المعاصرة، ومع صحيفة (إشراق) التابعة لجمعية منبر الشام، التركية، إضافة لموقع (المدار نت)_ اللبناني الذي يديره الأخ والصديق الأستاذ محمد حمود الذي حرص على النشر فيه وتقديم كل الدعم الممكن له.

كتب العديد من الدراسات في قضايا فكرية وثقافية ومعرفية، خلال سنوات الثورة السورية، لتجمعات وتشكيلات سياسية، ساهم في تأسسيها أو دعته للحديث والنقاش، وبعضها نشر في موقع (ملتقى العروبيين)، الذي كان مستشاره للتحرير  منذ انطلاقته في 22 شباط/ فبراير 2020 وحتى رحيله، وكان له دورًا مهمًا في انطلاقته واستمراره ونجاحه، وشكل له طموحًا كبيرًا كصرح إعلامي عروبي سوري.

إضافة لمئات الأوراق والمنطلقات والأهداف العامة التي كتبها لهذه الجهة أو تلك، والبيانات السياسية المتعلقة بمناسبات وأحداث ولكنها لا تحمل اسمه.

أيضًا، كان يُعد كتابًا عن الثورة السورية، تقييم ومراجعات، من خلال حوارات مع عدد من الشخصيات التي كان لها دورًا مؤثرًا وفاعلاً في الثورة السورية، أو كانت شاهد عيان ومساهمة في صناعة الحدث السياسي، من موقعها، وبدأها بحوار مع الدكتور برهان غليون، ونشر على حلقات في مجلة الشراع اللبنانية، في العام الماضي، 2020، وأرسل أسئلته لعدد آخر من الشخصيات، وكان ينتظر ردودها واجاباتها.

لا بد في النهاية من التنويه إلى أني في هذا العرض الموجز والسريع أغفلت جانبًا مهمًا من علاقاته في عالم الصحافة والكتابة والبحث في العالم العربي مع شخصيات أثرت عالمنا العربي خلال النصف القرن الأخير، وأكثر، منها على سبيل المثال لا الحصر، وممن رحلوا عن دنيانا حتى لا يبدو في الأمر تزلفًا لأي كان، محمد حسنين هيكل، الياس مرقص، جورج طرابيشي، ومطاع صفدي، كامل زهيري، خير الدين حسيب، عصمت سيف الدولة، أمل دنقل، سميح القاسم، مظفر النواب، ناديا لطفي، جميل حتمل، محمد أبو صلاح…إضافة للعشرات من زملاءه في مهنة البحث عن المتاعب، ورجال الفكر والسياسة والأدب، ممن عرفهم وتعامل معهم، وربطته بهم علاقات وطيدة.

برحيله خسر الاعلام العربي قلمًا نظيفا وصادقًا وطاهرًا ظل حتى آخر لحظة من حياته منخازًا لقيم الخير والحق والعدل والجمال، قيم الحرية والديمقراطية والمساواة، قيم حقوق الانسان باعتباره الغاية والوسيلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى