محمد خليفة  فارس ترجل قبل وقته.! 

حميدة نعنع

في اللحظات المظلمة من تاريخ الأمم تبرز في الطريق المظلمة ومضات ضوء تنير الطريق للتائهين والعابرين، هكذا كان محمد خليفة. طريق الحرية في سورية كان مظلمًا وطويلاً تحت حكم الدكتاتورية العسكرية، حيث فتحت السجون، ولوحق المناضلون من أجل الحرية، ونفي من لم يستطع تحمل عبء انعدام الحرية: كتاب، صحافيون، مناضلون سياسيون، فنانون. أفرغت سورية ونخبتها الثرية من هؤلاء المناضلين كان الكاتب والصحافي، والباحث، محمد خليفة في الجامعة، وفي كلية الحقوق تحديدًا، لمع اسم محمد خليفة كمناضل ضد النظام الدكتاتوري الذي فرضه حافظ الأسد  على سورية، وفي ١٩٨٠ لم يعد ذلك المناضل الشاب يتحمل ثقل ملاحقة النظام له كونه صحافي حر كان ينقل أخبار الأحرار السوريين، وخاصة مجزرة المشارقة، ومجزرة بستان القصر، ومجزر أقيول إلى الصحافة اللبنانية التي تقف بشجاعة ضد الدكتاتورية في سورية.
عمل مع مجلة الشراع التي ترأس فيها بعد هروبه من سورية القسم الثقافي ومجلة مصر. محمد خليفة ككثير من المناضلين السوريين الذين لم يجدوا مكانًا يؤون إليه خوفًا من انتقام النظام السوري، ولم يستطع البقاء في لبنان وهيمنة حزب الله الحليف غير الشرعي للنظام السوري فانتقل إلى أثينا  وإلى باريس، وفي باريس رُفض السماح له بالبقاء، فرحل من بلد إلى آخر حتى رست سفينته في السويد التي استقبلت العديد من المناضلين والكتاب.
في السويد لم يستكن للغربة فظل على تواصل مع مجلته وأصدقائه ومع مجموعة من المناضلين يعقد مؤتمرات تجمع المناضلين العرب من أجل البحث في الصعوبات التي تواجه الأمة العربية في هذه العاصمة أو تلك.
في المؤتمر السنوي الذي عقده ملتقى العروبيين في العام 2019 في باريس تعرفت إلى محمد خليفة شخصيًا، كما تعرفت إلى موقفه الفكري والسياسي بشكل عام، وموقفه من الثورة السورية التى كان أحد  من عمل على تفجيرها.  وناضل ممثلًا لها في مؤسسات عدة إلى أن وافته المنية في العاصمة السويدية في ٢٢ نيسان/ابريل ٢٠٢١ بعد صراع مع وباء كوفيد19 الذي اختطف عديدًا من المناضلين السوريين.
حلم محمد خليفة بوطن حر ديمقراطي لكن هذا الحلم لم يتحقق رغم التضحيات التي قدمها الشعب السوري في انتفاضته ٢٠١١، رحل هذا الرجل الصلب والمناضل الديمقراطي قبل ان يتحقق حلمه.
لم ييأس وظل شمعة تضيء الطريق التي أصبحت معتمة بعد الضربات التي تلقتها الثورة لمن سكنه اليأس.
إلى جنات الله أيها المناضل الرجل الشهم الذي لم يعرف الاستكانة للظروف القاسية، فربما تجد في السماء التي لم تجدها على الأرض، ربما تجد هناك الأمن والحرية.

 

الكاتبة : حميدة نعنع

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كان المناضل الصحفي المفكر ابن مدينة حلب محمد خليفه مثالا لكل المناضلين في التصدي للاستبداد والفساد لقد أضاف الكثير للفكر الثوري والعربي الناصري خلاله مسيرته الصحيفه

زر الذهاب إلى الأعلى