يبدو أن النظام السوري أحرج أجهزته الأمنية مع إصراره على إعادة انتخاب رئيسه بشار الأسد من جديد، عبر إجراء انتخابات رئاسية توصف بـ”المسرحية”، ما اضطر الأجهزة الأمنية في السويداء جنوبي البلاد إلى استخدام أساليب ملتوية لتحرج المجتمع والوجهاء المحليين، في محاولة لخداع الرأي العام والخارج بأن المجتمع مؤيد لانتخاب رئيسهم.
وقد تكون المرة الأولى منذ أن أحكم حافظ الأسد قبضته على السلطة، في سبعينيات القرن الماضي، التي يكون في مدينة مثل السويداء خيمة واحدة، ولم تُنصب في مكان عام بل داخل حرم شعبة حزب “البعث العربي الاشتراكي”، ليس لأنّ النظام بدأ يحترم القانون والملكية العامة، بل لأنه لا يستطيع ضمان أمن تلك الخيم بعد وصول تهديدات من مجموعات محلية تحذر من مظاهر الانتخابات المستفزة في الأماكن العامة، وكانت قد جرت العادة في “الانتخابات” السابقة على نصب عدة خيام ضمن ما درج على تسميته بـ”العرس الوطني” حيث الطبل والزمر والدبكة والرقص وإطلاق هتافات تمجد رأس النظام.
وقالت مصادر محلية في السويداء، لـ “العربي الجديد”، طلبت عدم كشف هويتها، اليوم السبت، “كذلك قد تكون سابقة أن يقوم الحزب بتوجيه دعوات للشخصيات العامة والمشايخ والوجهاء، لحضور حفل إطلاق حملة الأسد الانتخابية الاثنين الفائت، والتي تم ردفها بعدة اتصالات من قيادات حزبية وأمنية للتأكيد على المدعوين بالحضور، إضافة إلى التأكيد على الموظفين بالمشاركة، وبالرغم من كل ذلك لا يزيد الحضور عن عشرات الأشخاص، شريحة واسعة منها تظهر غير ما تبطن اتجاه تلك الانتخابات”.
وأضافت “وصل بهم الأمر أن تقوم الأجهزة الأمنية بطباعة صور للأسد تحمل جمل المبايعة وموقعة بأسماء أشخاص ووجهاء لا يعلمون بها إلا عقب الاتصال بهم، وإبلاغهم بأنه تم إهداؤهم صوراً تدعم حملة الأسد وتم تعليقها أيضاً، في طريقة لإحراج تلك الشخصيات والمجتمع، حيث تنتشر صور أخرى للأسد تم تذييلها بعبارة (تقدمة أبناء محافظة السويداء) فتسمع أحد أبناء المحافظة يتهكم قائلاً: “أنا من أبناء المحافظة ولم أقدم أي صورة”.
وكانت محافظة السويداء قد شهدت، خلال الأيام القليلة الماضية، عملية تشويه لعدة صور تعود للأسد، وسط أجواء متوترة، حيث يخشى النظام خروج مظاهرات مناهضة له أو قيام إحدى الفصائل المحلية بمنع فتح المراكز الانتخابية، ما دفع بهم لتكثيف الاتصالات مع القيادات المجتمعية والفصائل للتهدئة.
من جانبه، قال الناشط “أبو جمال معروف” (اسم مستعار لأسباب أمنية)، لـ”العربي الجديد”، “مسألة الانتخابات والتعامل معها أمر معقد، فالجميع يعلم أن الصناديق تم تعبئتها وتجهيزها للفرز، وأن الأسد ناجح دون منافسة، ليس لأن الشعب يريده بل لأن عملية الانتخابات بيده؛ ممن يقف على الصندوق إلى من سيقوم بفرز الأصوات، وبالتالي هناك شعور سائد أن المواجهة دون أي نتيجة، فمسألة الأسد والرئاسة تحتاج إلى قرار دولي، لذلك هناك تيار يقول الانتخابات لن تغير الواقع، والصدام مع النظام حالياً سيعطل حياة أشخاص كثر دون نتيجة”.
وأضاف “النظام يكذب الكذبة ويصدقها، لكن في مجالسهم الخاصة يتحدثون عن أن الانتخابات مسرحية وأن الناس يعلمون أن النتائج محسومة، لكن هذا المشهد مطلوب من قيادة النظام في دمشق، حتى منهم من يسخر من العقلية التي تدير المسرحية”.
يشار إلى أن النظام يعتزم إجراء الانتخابات الرئاسية، الأربعاء المقبل، حيث انتهى المطاف كمرشحين بوجود الأسد ومحمود مرعي وعبد الله سلوم، بعد أن تقدم إلى الترشح أكثر من 50 مرشحاً ومرشحة، إلا أن شرط حصول المرشح على 35 صوتاً من أعضاء مجلس الشعب (مجلس النواب) لا يسمح بقبول أكثر من 3 مرشحين، استناداً إلى تقاسم كراسي المجلس.
المصدر: العربي الجديد