يسعى النظام السوري لاستغلال تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم، في محاولة للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية من المجتمع الدولي، من دون أن يفتح الطريق أمام التوصل لحل سياسي للقضية السورية وفق قرارات الشرعية الدولية. لكن محاولاته تبقى من دون جدوى. مع العلم أن النظام وجّه دعوة إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي لاستئناف عمل اللجنة الدستورية السورية، مع يقينه استحالة هذا الأمر في ظل الظروف التي يمر العالم كله بسبب تفشي فيروس كورونا، الأمر الذي انتقدته المعارضة السورية.
وفي سياق محاولات الاستغلال تلك، نقلت وكالة “سانا” التابعة للنظام عن مصدر في وزارة الخارجية في حكومة النظام، مطالبته برفع العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي، بسبب الحرب المفتوحة التي يشنها نظام بشار الأسد على السوريين المطالبين بالتغيير منذ أكثر من 9 سنوات. وقال المصدر: “في ظل تصاعد الأخطار التي يمثلها فيروس كورونا والاستنفار الدولي لمواجهة هذا الوباء ومحاصرته ومنع انتشاره، تواصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض الإجراءات التقييدية أحادية الجانب غير المشروعة على عدد من الدول يعاني بعضها وبشكل كبير من تفشي هذا الفيروس، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ولأبسط القيم والمبادئ الإنسانية”. وذهب المصدر إلى القول إن نظامه “يحمّل واشنطن وحلفاءها الذين يفرضون العقوبات المسؤولية عن كل ضحية إنسانية لوباء كورونا، عبر إعاقة جهود التصدي لهذا الفيروس”.
وعلى خطى وزارة الخارجية، خرج عدد من أعضاء “مجلس الشعب” (برلمان النظام السوري) الذي يهيّمن عليه حزب “البعث”، ولا وزن سياسياً له في البلاد، للقول إن العقوبات على النظام “سلوك وحشي وأسلوب جديد من الإرهاب الذي ترعاه أميركا”. ونقلت صحيفة “الوطن” عن عدد منهم مطالبتهم برفع الحظر الدولي عن النظام، تحت ذريعة محاربة الفيروس، مدّعين أن هذا الحظر مخالف للقانون الدولي، متناسين ما قام به النظام عبر سنوات من عمليات حصار جائر بحق المدنيين في عدة مناطق سورية، للحدّ الذي أدى إلى وفاة الأطفال جوعاً وبرداً. فالنظام السوري قتل واعتقل وشرّد منذ اندلاع الثورة ضده في مارس/آذار 2011، أكثر من 10 ملايين سوري، مستخدماً كل الأسلحة المحرمة الدولية، بل أزال مدناً وبلدات وأحياء عن الأرض في سبيل وأد الثورة.
ورغم إعلان النظام السوري خلو المناطق التي يسيطر عليها من حالات إصابة بالفيروس، باستثناء حالة واحدة أعلن عنها يوم الأحد الماضي، لفتاة عشرينية آتية من الخارج، وإعلان وزارة الصحة في حكومة النظام أمس الثلاثاء “أن جميع التحاليل المخبرية للحالات المشتبهة بإصابتها بفيروس كورونا المستجد التي أجريت في المخبر المرجعي خلال الساعات الـ 24 الماضية كانت سلبية أي لم تسجل أي إصابات جديدة”، إلا أن هناك شكوكاً حول مدى شفافية الرقم المعلن في ظل انتشار الفيروس في الدول المجاورة في لبنان والأردن وفلسطين المحتلة وتركيا. وفي السياق تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تفشي الفيروس بين عناصر المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت، يوم الخميس الماضي، من انفجار عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في سورية، بحسب تصريحات لرئيس فريق منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأخطار المعدية عبد النصير أبو بكر. وأعرب أبو بكر عن قلقه من نقص حالات الإصابة بفيروس كورونا المبلّغ عنها في سورية واليمن، متوقعاً “انفجاراً في الحالات”. وقال أبو بكر “أنا متأكد من أن الفيروس ينتشر في سورية، لكنهم لم يكتشفوا الحالات بطريقة أو بأخرى”.
وتسود مخاوف على مصير المعتقلين في سجون النظام، إذ لا يزال يعتقل عشرات آلاف المدنيين على خلفية موقفهم من الثورة السورية، في ظروف مأساوية، ما جعلهم يتحولون “إلى أجساد نحيلة ضعيفة، أنهكها التعذيب وانعدام أي رعاية طبية”، وفق “هيئة القانونيين السوريين”. وحذرت الهيئة في مذكرة أُرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العمومية، يوم الجمعة الماضي، من استغلال نظام بشار الأسد لتفشي فيروس كورونا في سورية لإبادة المعتقلين جماعياً. وذكّرت الهيئة بالقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة، اللذين نصّا على توفير أماكن تتوافر فيها الشروط الصحية وضمانات السلامة للمعتقلين وتكفل الحماية الفعالة من قسوة المناخ وآثار الحرب، وإجراء فحوصات طبية للمعتقلين، مرة واحدة شهرياً على الأقلّ.
بدورها، ذكرت “هيئة الصحة” التابعة لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) أنه لم يتم تسجيل أي حالة إصابة بفيروس كورونا في مناطق سيطرتها. وأفادت مصادر من “قسد” لـ”العربي الجديد”، أن قوات الأمن والشرطة التابعة للأخيرة تواصل لليوم الثاني على التوالي فرض حظر للتجوال في مناطق سيطرتها.
المصدر: العربي الجديد