لم تنجح “وقفات احتجاجية” رتّب لها النظام السوري، أمس الأحد، في محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي، في ثني قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” الكردية عن مواصلة حصار مربعين أمنيين وأحياء لا يزال النظام مسيطراً عليها في المحافظة الأكثر أهمية في سورية اقتصادياً.
وأوضحت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن التحالف الدولي سير، اليوم الإثنين، دورية عسكرية في حي غويران داخل مدينة الحسكة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، تزامناً مع تحليق مكثّف للطيران في سماء المنطقة، بعد أحداث أمس الأحد.
وبرز، الإثنين، تطور ربما يرخي بظلاله على المشهد، حيث حاصرت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، فوج طرطب العسكري التابع للنظام في القامشلي.
وحاول النظام السوري، الأحد، تجييش الشارع الموالي له في محافظة الحسكة ضد الإدارة الذاتية الكردية، من خلال دفعه لـ”وقفات احتجاجية” تخللتها أعمال عنف أدت إلى مقتل مدني وإصابة آخرين، بسبب تبادل إطلاق نار بين مليشيات “الدفاع الوطني” التابعة للنظام وقوات “الأسايش”.
ونقلت وسائل إعلام تتبع للجانب الكردي عن مسؤول في الإدارة الذاتية اتهامه لمحافظ الحسكة التابع للنظام غسان الخليل بمحاولة “خلق فتنة بين العرب والكرد” في المحافظة، التي تضم عرباً وكرداً وآشوريين.
وكان الخليل قد اجتمع، أول من أمس السبت، مع شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل العربية في محافظة الحسكة لحشد موقف مضاد للجانب الكردي.
وترفض قوات “الأسايش” فك الحصار المضروب منذ أكثر من 20 يوماً على مربعين أمنيين يسيطر عليهما النظام في مدينتي القامشلي والحسكة، والتضييق على حيي طي وحلكو في القامشلي، قبل أن يقدم النظام على فك الحصار عن مناطق وأحياء تحت سيطرة قوات “سورية الديمقراطية” داخل مدينة حلب وريفها الشمالي.
خلط الأوراق
ودلّت الأحداث في محافظة الحسكة على أن النظام عاجز أمام قوات “قسد”، التي تتلقى الدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ما حدا به إلى اللجوء للشارع في محاولة أخيرة لإثبات وجوده في الشمال الشرقي من سورية، من خلال خلط الأوراق والتلويح باقتتال أهلي على أرضية قومية.
وفي السياق، يعتقد نائب رابطة الكرد المستقلين رديف مصطفى، في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام “يدفع باتجاه خلق فتنة بين العرب والكرد في محافظة الحسكة”، غير أنه يؤكد أن النظام “لن ينجح في ذلك”.
ويوضح أن “كلا الطرفين (النظام وقسد) تربطهما علاقات اقتصادية قوية، فضلاً عن أن الوجود الأميركي في شمال شرقي سورية، يشكل مانعاً لأي اقتتال أهلي، كما أنه ليس من مصلحة الروس بلوغ الأمر هذا الحد”، معرباً عن اعتقاده بأن “ما يجري هو نوع من رسائل الضغط من الطرفين يُستخدم المدنيون فيها كأدوات”.
وتنبع أهمية محافظة الحسكة لجميع أطراف الصراع من كونها سلة الغذاء الأهم في سورية، فغالبية المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، مثل القطن والقمح والشعير والعدس وسواها، تزرع في هذه المنطقة التي يمر في وسطها نهر الخابور.
ولا تتوقف ثروات محافظة الحسكة عند هذا الحد، فهي تضم عدة حقول للنفط، كانت تنتج أغلب حاجات البلاد، وأبرزها حقل الجبسة في ريف منطقة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، والذي يمتد حتى منطقة الهول في الريف الشرقي. كما أن هناك حقول رميلان الشهيرة في ريف مدينة القامشلي، التي تضم نحو 1322 بئراً، بالإضافة إلى معمل للغاز كان ينتج نسبة كبيرة من حاجات سورية من المادة قبل الثورة في العام 2011.
ويوجد أيضاً نحو 25 بئراً من الغاز في حقول السويدية بالقرب من رميلان، والذي يعد من أكبر الحقول في سورية. ورغم وجود عدد كبير من أكراد سورية في محافظة الحسكة، إلا أن العرب يشكلون غالبية سكانها، مع وجود أقلية من السريان ينتشرون في مناطق عدة في ريف المحافظة، أبرزها تل تمر.
المصدر: العربي الجديد