استعرضت تصريحات أعضاء اللجنة الدستورية السورية من وفدي المعارضة والنظام توقعات فشل اللجنة الدستورية السورية، بعد أن أثبت الجميع مماطلة النظام السوري في الاجتماعيات وعدم أخذها على محمل الجد.
ولم يبد معلقون، خاصة السوريون، تفاؤلاً حيال نجاح الجنة وفرص التوصل إلى تحالفات سياسية، بينما عبر البعض عن مخاوفهم من أن تعمل اللجنة على “إعادة تأهيل” النظام القائم والحيلولة دون التغيير السياسي في البلاد.
وتعتبر اللجنة الدستورية من مخرجات مؤتمر “سوتشي” الذي عقدته روسيا في مطلع عام 2018، ويعول عليها في وضع دستور جديد لسوريا، وتحظى بدعم ورعاية من الأمم المتحدة، والتي تراها الطريق الوحيد للوصول إلى الحل السياسي، بحسب رؤية مبعوثها إلى سوريا السابق، غير بيدرسون، والتي جاءت من منطلق أن اللجنة هي المسار السياسي الوحيد الذي يجمع شخصيات من المعارضة والنظام والمجتمع المدني أيضا.
مناقشات فضفاضة
يرى المحلل السياسي والصحفي السوري “أحمد مظهر سعدو” في حديثه لبلدي نيوز، أنه لا يبدو في المنظور القريب أن هناك أية جدية أممية أو دولية لإنجاز أي تقدم حقيقي في سياق جولات “جنيف”، حول عمل اللجنة الدستورية لإحراز خطوة “إيجابية” في هذا السياق ولعل أي تفاؤل يبديه بعض أعضاء اللجنة الدستورية يأتي من باب الدجل على الناس وبيع الوهم أو القبض على الريح.
وأكّد على أن النظام السوري مازال يماطل في مطالبه خلال اجتماع اللجنة الدستورية، لأنه لم يجد من إمكانية واقعية لممارسة ضغط دولي حقيقي عليه أو لإحراز أي خطوة ايجابية، مشيراً أن وفد النظام يرى أن طرفين من الضامنين الثلاثة يؤيدان مماطلته وهما (إيران وروسيا)، كما أنه يراقب عن كثب خلافات المعارضة في هيئة المفاوضات التي تجعل الأجواء بالنسبة للنظام السوري أكثر (راحة وديناميكية)، لذلك فليس من الممكن أن يعطي أو يمنح أي خطوة بالمجان في وقت يجد فيه الساحة فارغة إلا منه ومن داعميه.
المصير المجهول
اعتقد المحلل السياسي “سعدو” خلال حديثه لبلدي نيوز، أن العملية الدستورية السورية ستمضي إلى مزيد من المراوحة في المكان ذاته، دون قدرة لدى المعارضة السورية على اتخاذ أي خطوة للانسحاب من هذه (المهزلة)، منوها بقوله: “المعارضة وضعت كل بيضها في سلة الخارج، فعطلت أي قرار وطني سوري لها بكل أسف، وأضحت عاجزة عن الفعل أو الإعلان عن أي موقف أو قرار يتماهى مع الكرامة السورية التي خرج الشعب السوري من أجلها”.
الدور الأمريكي
وعن ردّه لسؤال وجه له من قبل بلدي نيوز، عن توقعه في تغيير أو تسريع للقرار الأممي 2254 بعد وصول “جو بايدن” إلى سدة الحكم، أجاب المحلل السياسي، أنه ليس هناك حتى الآن تدخل دولي جدي لإنجاح العملية الدستورية ولا يتوقع ذلك في المستقبل المنظور، وأن الإدارة الأميركية الجديدة – جو بايدن – لم تبد أي تفاعل أو اهتمام في ذلك خلال الاجتماع الذي وصفه ب(اليتيم)، والذي جرى على هامش اللجنة الدستورية مع مندوب أمريكي، وهو الذي جاء للاستطلاع وتثبيت الوجود ليس إلا.
وأكّد على أن الرئيس الاميركي “جو بايدن”، هو الذي سار مع “أوباما” سابقا في جُل ملاعب القضية السورية دون أي تقدم أو اهتمام فاعل، والذي لا يتوقع منه غير ذلك، إلا إذا كانت المصالح الأميركية تقتضي ذلك التقدم أو التغير النسبي.
وأشار إلى أنه قد يكون للأمريكان مصلحة ما في حراك مختلف في الملف السوري، إذا ما تحركت مسألة “الملف النووي” الايراني، في قادم الأيام ولا يبدو أن هناك عجلة في ذلك حسب تصريحات أمريكية وكذلك إيرانية مؤخراً.
مصير الجولة الخامسة
وفي آخر حديث لبلدي نيوز مع المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية، يحيى العريضي، أمس الخميس، أكّد على أن الأمل كان أن تتجه مسارات اجتماعات الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية نحو صلب الصياغات الدستورية لإنجاز الهدف المرجو منها، ولكن وفد النظام استمر بإضاعة الوقت ومناقشة شؤون لا علاقة لها باللجنة الدستورية.
وأضاف العريضي، أن الجولة الخامسة تميزت عن سابقاتها بالاتفاق على جدول الأعمال قبل أن تعقد، وتم الاتفاق على تناول موضوعات الصياغات الدستورية والدخول في صلب العملية السياسة، لكن مع الأسف استمر النظام بوضع العراقيل وانتقاء مفردات وخطابات لتعطيل الجلسات.
وطالب العريضي أن تبحث الأمم المتحدة والقوى الفاعلة الدولية في آلية لوضع حد لتعطيل النظام للعملية السياسية وإنصاف الشعب السوري وكشف إجرام النظام، وأشار إلى أن وفد المعارضة التزم بالاتفاقيات الدولية وخاصة القرار 2254 ولم يكن هناك من الطرف الآخر أي تفاعل وعلى الأمم المتحدة تحديد مسؤولية أن النظام هو المعطل ولا يريد الحل السياسي في سوريا، وتحكمه العقلية الأمنية والاستبداد فقط.
وأشار إلى أنه لم يكن هناك أثر لمنصتي “موسكو والقاهرة” على اجتماعات اللجنة الدستورية، إنما هذه عقبات يمكن تجاوزها داخل هيئة التفاوض.
خلاصة الكلام
قد لا تحدث تغييرات جذرية على صعيد السياسات الخارجية الأمريكية، تجاه القضية السورية أو بشكل أخص على المساء السياسي، فالإدارات الأمريكية على تنوعها تخضع لاستراتيجيات موحدة بعيدة المدى، مرتبطة بمصالح قومية عليا ثابتة للبلاد، والقول الفصل في المحصلة يكون للمؤسسات وليس للأشخاص، وتعتبر فترة ترامب حالة فريدة في التاريخ الأمريكي.
مع ذلك، يبقى للرئيس وإدارته هوامش كثيرة تسمح بحيز واسع من التغييرات في الداخل والخارج، وتكتسب هذه الهوامش أهمية إضافية، عندما يتعلق الأمر بإحداث تغييرات ملموسة في مسار البوصلة الأمريكية، بالنسبة لدول كثيرة، دون أن يؤثر ذلك على المصالح الكبرى للولايات المتحدة.
بداية اللقاء المحبط
وكانت بدأت اللجنة الدستورية السورية اجتماعاتها ضمن أعمال الدورة الخامسة في قصر الأمم بمدينة جنيف السويسرية، يوم الاثنين.
ووصلت الوفود المشاركة إلى قصر الأمم عند الساعة العاشرة والنصف صباح الاثنين الفائت، للبدء باجتماعات الدورة الخامسة بعد انتهاء الدورة الرابعة في السادس من شهر كانون الأول من العام 2020.
وكانت اجتماعات اللجنة الدستورية توقفت أقل من عام لتعود وتستكمل في الجولة الثالثة، في 24 آب/ أغسطس 2020، في ظل إجراءات مشددة بسبب كورونا، ولم تسفر حينها أعمال الجولة الثالثة للجنة الدستورية عن تحقيق تقدم رغم الاتفاق على جدول أعمال مسبق وهو مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور.
واختتمت الجولة الثالثة مع تأكيد بيدرسون على وجود اختلافات عميقة بين الأطراف السورية في عدة قضايا، قائلا: “لم نصل لمرحة كتابة الدستور بعد، لتبدأ أثرها في 30 من شهر تشرين ال ثاني2020 الجولة الرابعة والتي اختتمت دون تسجيل أي تقدم يذكر.
وتتكوّن الهيئة المصغرة للجنة من 45 عضوا، تم تشكيلها بالتساوي بين الفرق الثلاثة، وبواقع 15 عضوا من كل فريق، تمثل حكومة النظام، وآخر يمثل المعارضة، وثالث شكلته الأمم المتحدة ليمثل “المجتمع المدني”.
المصدر: بلدي نيوز