الهجمة الأوروبية على الدين الإسلامي ليست جديدة، ونعيشها بين فترة وأخرى حسب التطورات السياسية. فكلما خطر على بال أحد القادة الأوروبيين بث سموم الكراهية ضد الإسلام، يخرج إلى العالم بتصريحات معادية للدين الحنيف، إن كان ذلك بسبب أو بدون سبب، والأمثلة كثيرة، وتصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون خير دليل على ذلك.
التصريحات المعادية للإسلام لم تتوقف فقط على رؤساء دول، بل وصل الأمر برئيس أساقفة أثينا ورئيس عموم الكنائس الأرثوذكسية اليونانية اييرونيموس الثاني، إلى الإدلاء بتصريحات مهينة للإسلام والمسلمين. فقد قال إيرونيموس، في حديثه لقناة “أوبن تي في” (OPEN TV) حول حرب الاستقلال اليونانية “إن الإسلام ليس ديناً، بل حزباً سياسياً وطموح سياسي”. وأضاف متطاولاً على المسلمين بقوله:” المسلمون يقفون دائما مع الحرب، وأنهم أناس حرب، وأناس توسعيون، هذه خصوصية الإسلام، وتعاليم محمد تدعو لهذا”، بحسب زعمه.
كلام اييرونيموس الثاني عن الإسلام والمسلمين هو محض افتراء وكذب، وهو في الحقيقة يجهل التاريخ، ولم تعلمه ديانته المسيحية أن الدين الإسلامي ليس له صبغة حزب سياسي وأنه موجود قبل نشأة الأحزاب السياسية، بمعنى أن استخدام مصطلح “سياسة” في معناها الحديث، قد ظهر بعد نشوء الإسلام . الإسلام يا سيادة رئيس الأساقفة هو منهج حياة يجعله صالحًا لكل زمان ومكان”. وكما جاء في رد الأزهر الشريف على تصريحات أبيرونيموس: ” أن شريعة ذلك الدين الخاتم قد وضعت أسسًا رئيسة متعلقة بالسياسة، كالشورى والعدل والمساواة والحرية، وكافّة شؤون العصر التي يتمّ التعامل معها”. كما أن الإسلام يهتمّ بالحياة الاجتماعيّة بكافّة تفاصيلها وكذلك بالحياة الاقتصاديّة،والعلميّة، والعمليّة.
أن اتهام المسلمين بأنهم ‘أهل حرب وتوسُّع ونفوذ” هو كلام لا أساس له من الصحة. وهو مجرد هلوسات من رجل عديم المسؤولية يؤمن بالكذب والتدليس وتزوير الحقائق وتاريخ المسلمين، وهو تاريخ حافل بالتسامح والعفو، وأن غزوات النبي الكريم كانت دفاعًا عن المسلمين.
وزارة الخارجية التركية أدانت تصريحات رئيس أساقفة اليونان أيرونيموس، بشأن الإسلام والمسلمين، وأكدت في بيان لها “أنه ينبغي على رجال الدين العمل لخدمة السلام بدلا من زرع بذور الفتنة ومن المؤسف التطاول على ديننا المقدس، في الوقت الذي ينبغي على الجميع السعي لتعزيز بيئة الاحترام المتبادل والتسامح خلال الوباء الذي يمر به العالم كله”.
وأشار البيان إلى أن هذه التصريحات الاستفزازية لرئيس الأساقفة، والتي تحرض المجتمع على العداء والعنف ضد الإسلام، تظهر أيضا المستوى المخيف الذي وصلت إليه الإسلاموفوبيا، لافتا إلى أن الأسباب الكامنة وراء تزايد العنصرية وكراهية الإسلام والأجانب في أوروبا هي في الأساس مثل هذه الأفكار الخبيثة.
هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول مسيحي رفيع المستوى عن عدائه للإسلام بصورة واضحة تخلو من اللياقة واحترام الأديان الأخرى. فقي مقابلة له مع قناة تلفزيونية روسية في التاسع والعشرين من شهر أب/أغسطس الماضي، تحدث البطرك كيريل بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عن علاقات كنيسته بالطائفة النصيرية (العلوية) حيث وصفها بأنها” عمق استراتيجي قديم لبيزنطه والصليبيين ولم تأتِ من فراغ، وأن تحالفنا معها ومع الفرق الباطنية ضد التمدد الاسلامي منذ سنة 1050 ميلاديه، ولا زلنا نتواصل وتربطنا ببعضنا علاقات ومصالح مشتركه منذ الف عام”.
حتى أن البطرك ذهب إلى أبعد من ذلك في تصريحاته وحقده على المسلمين بقوله:” أنا تعهدت للرئيس بوتين بأن تجعل منه الكنيسة بطلاً إذا قام الطيران الحربي الروسي بقصف السنة في الشام وتدمير عقر دار الإسلام ففعل ذلك بعد ثلاثة أيام”. حتى أن البطرك كيريل دافع عن الأسد مثل دفاعه عن أبناء وطنه. فقد قال في المقابلة اللفزيونية: “لو سقط 20 مليون سُنّي سوري فلن نسمح بسقوط الأسد زعيم النصيرية لانها هي من تمثل مصالحنا”، أليس هذا نموذجاً من إذكاء كراهية الآخر ؟
رئيس أساقفة أثينا ورئيس عموم الكنائس الأرثوذكسية اليونانية اييرونيموس الثاني، وابن طائفته البطرك كيريل، عليهما أن يعيا ويفهما أن الإسلام دين محبة وليس دين حروب، وهو رسالة سماوية خالدة، من الله تعالى لسيدنا محمد صل الله عليه وسلم ليخرج الإنسانية من ظلمات الجهل إلى نور الحق وشمس الهداية. هذا هو الدين الإسلامي يا اييرونيموس الثاني وهكذا هي خصوصية الإسلام.
المصدر: كل العرب