اتخذت إيران في الأيام الأخيرة خطوات واضحة لتكثيف برنامجها النووي، بما في ذلك توسيع عمليات تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المئة، بما يتجاوز النسبة الضرورية للاستخدام المدني البسيط، فضلا عن إخطار المجتمع الدولي بخططها لإضافة ألف جهاز طرد مركزي إلى جهودها النووية وفي نفس الوقت أعاد النظام الإيراني استفزازاته البحرية حينما استولت قواته على ناقلة نفط ترفع علم كوريا الجنوبية في مضيق هرمز. ويستعد الجيش الإيراني أيضا لمناورات عسكرية ضخمة تهدف لاستعراض ترسانته المتنامية من الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة المتقدمة.
وعلى الرغم من اختلاف طبيعة هذه الخطوات، تعكس جميعها هدفا استراتيجيا للنظام الإيراني وهو تعزيز قدرته على المساومة قبل أي مفاوضات محتملة مع إدارة بايدن.
إن مناورات طهران، هي إلى حد كبير، نتاج ضرورة. فمنذ انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب في مايو 2018، من اتفاق 2015 النووي، أدت حملة الضغط الاقتصادي والسياسي القصوى التي مارستها أدارته إلى زيادة أوراق الضغط لواشنطن بمواجهة الجمهورية الإسلامية. فعلى مدار العام ونصف العام الماضيين، فإن العقوبات الأميركية المباشرة على الأفراد والكيانات الإيرانية، والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية على الشركات العالمية والدول التي تعمل مع إيران، أثرت بشكل واسع على الاقتصاد الإيراني.
ومن بين نتائج العقوبات، تجميد الاستثمارات الأجنبية، وتجفيف معظم عائدات النفط الإيرانية، والتسبب في انهيار شامل للعملة الوطنية الإيرانية.
وجراء ذلك، أصبح النظام الإيراني حاليا في وضع سياسي واقتصادي أضعف بكثير من الناحية الموضوعية مما كان عليه قبل بضع سنوات فقط.
سيرث الرئيس المنتخب جو بايدن أوراق الضغط هذه عندما يتولى منصبه في وقت لاحق من هذا الشهر، ولكن أن يستخدمها أو لا، يبقى سؤالا مفتوحا.
وعلنا، على الأقل، أوضح أعضاء رئيسيون في إدارة بايدن (مثل وزير الخارجية المكلف أنتوني بلينكين ومستشار الأمن القومي الجديد جيك سوليفان) أن خطتهم هي استخدام الاتفاق النووي لعام 2015 كأساس، لاتفاق أطول وأقوى مع طهران.
ومن المفترض أن يشمل هذا الإطار الموسع قيودا على الأشياء التي لم يتم تغطيتها في اتفاق 2015، مثل ترسانة الصواريخ الباليستية التابعة للنظام الإيراني، ورعايته الواسعة للميليشيات الإقليمية المتطرفة.
وهذا بدوره سيتطلب من البيت الأبيض الجديد الاعتماد على العقوبات وغيرها من الإجراءات القسرية لفرض المزيد من التنازلات الإيرانية.
لكن مثل هذا الوضع، ليس مضمونا، لأن آخرين في معسكر بايدن نصحوا بنهج مختلف، نهج يتضمن تقديم تنازلات أميركية استباقية وتخفيف العقوبات، كبادرة حسن نية.
إذا كان هذا هو المسار الذي تختاره الولايات المتحدة، في نهاية المطاف، فسوف يعني ذلك فقدان كل النفوذ الذي تم بناؤه حتى الآن من خلال “سياسة الضغط القصوى” لإدارة ترامب.
في غضون ذلك، يبذل النظام الإيراني قصارى جهده لإحداث تكافؤ في الفرص. إذ يعكس سلوكه المتشدد بشكل متزايد ومناوراته النووية الأخيرة، محاولة من جانب الجمهورية الإسلامية لمواجهة النفوذ الأميركي الحالي وخلق نفوذ خاص بها.
وبهذه الطريقة، يراهن المرشد الأعلى لإيران، آية الله على خامنئي، على تحقيق نجاحات في حال استئناف المفاوضات النووية مجددا.
ولا يعد هذا افتراضا غير معقول. فإدارة بايدن القادمة سوف تضم عددا من المسؤولين بمن فيهم بلينكين وسوليفان ونائبة وزير الخارجية المعينة للتو ويندي شيرمان، وجميعهم شاركوا في صياغة اتفاق 2015، وبالتالي من مصلحتهم الحفاظ عليه بشكل ما.
ويعتمد مدى أرغام إيران على الاستسلام، عندما تستأنف المحادثات في نهاية المطاف، على مدى مهارة استخدام إدارة بايدن للنفوذ الذي تركته لها أدارة ترامب، ومدى استجابتها للسياسة الخطرة التي تتبعها إيران.
المصدر: الحرة. نت