كان قيام الكيان الصهيوني برفض شعبي عربي تجلى بتطوع المواطنين العرب للقتال في ما سمي آنذاك بجيش الإنقاذ، لكن الفعل الشعبي لم يستطع تحقيق أهدافه لأن هذا الجيش يُقاد من الأنظمة العربية فالكيان الصهيوني لم يكن في يوم من الأيام يخشى الأنظمة العربية ، فمعظمها جاء بترتيب غير مباشر منه ، وحتى عندما وقّع معاهدات السلام مع بعضها ، كان ذلك لا يقلل من تخوفه من الفعل الشعبي العربي ، فالسلام المبرم كان مع الأنظمة، بينما بقي الشعب العربي يرفض التطبيع مع هذا الكيان الغاصب وكان ذلك يسبب هاجساً مرعباً للصهاينة.
هذه الهواجس والرغبة في إنهائها جعل الكيان الصهيوني يعمل على ترويض المواطن العربي وإبعاده عن قضيته المركزية التي تشغله ،وكانت الأنظمة اداة فعالة بيده لتحقيق ذلك ، حيث بدأت بتكميم أفواه المواطنين وتجويعهم وإلهائهم بتأمين لقمة عيش أبنائهم ، وأصبح أقصى ما يتمناه مواطننا بعد عقود من الإستبداد أن يؤمن خبز أطفاله ،وعدم التفكير بغير هذا الأمر، فبعد ان كان يثور ويتظاهر لأي حدث بسيط في الامة ، أصبح لا يهتم حتى ولو احتل الكيان الصهيوني عواصم عربية (كما حصل في احتلال بيروت) ،ثم تابعت الأنظمة سلسلة الترويض بممارسة القمع، وعندما ثار الشعب انقضت عليه كل القوى المعادية، واستدعيت جيوش دول لقمعه، وسيستمر القمع والقتل الى أن يقبل بما يخطط لبلداننا ،ويصرخ المواطن بأعلى صوته (قسمونا وأريحونا) وعندها تنتهي مهمة الأنظمة، وتبدأ السيادة الصهيونية على كامل المنطقة، بعد أن يصبح الكيان الصهيوني أكبر دولة في المنطقة ،جغرافيا وديمغرافيا، وأقواها اقتصاديا.
فاستبداد الأنظمة كان وسيلة من وسائل تحقيق الكيان الصهيوني لأهدافه وإن تحققت هذه الأهداف مرحلياً فإنها لن تكون الى ما لا نهاية ولابد للمواطن العربي ان يستعيد قراره ويفوت الفرصة على الكيان الصهيوني وأذنابه الذين خدعونا وحكمونا بشعارات براقة زائفة.
المصدر: كل العرب