مع وفاة وزير خارجية نظام الأسد وليد المعلم، فقدَ بشار الأسد أحد أبرز وجوهه الخارجية، حيث دأب المعلم على تلميع صورة الأسد، وتجميل انتهاكاته وجرائمه ضد السوريين التي يمارسها منذ سنوات، في حين تداولت الأوساط الإعلامية الأسماء المرشحة لخلافة المعلم في المقعد الشاغر، فمن هم أبرز المرشحين؟
فيصل المقداد.. الأوفر حظاً
ينحدر فيصل المقداد محافظة درعا، ولد في قرية غصم في العام 1954، وحاز على بكالوريوس في الآداب من جامعة دمشق في العام 1978، وشهادة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي من جامعة تشارلز في جمهورية التشيك في العام 1993.
تقلّد منصب رئيس “اتحاد الطلاب العالمي”، وكان عضواً في المكتب التنفيذي وعضواً في “اتحاد الطلبة” في جامعة دمشق.
انضم إلى السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية في العام 1994، وانتقل في العام 1995 إلى الوفد الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة الأمم المتحدة، حيث عمل في مختلف لجان المنظمة، ومثّل سوريا في العديد من المؤتمرات الدولية.
شغل في العام 2003 منصب سفير سوريا ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة، حتى توليه منصبه كنائب لوزير الخارجية في العام 2006.
يشغل المقداد منصب نائب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة نظام الأسد منذ العام 2006، منذ وصول وليد المعلم إلى نصب وزير الخارجية، خلفاً لفاروق الشرع، الذي أصبح نائباً لرئيس الجمهورية بعد انشقاق عبد الحليم خدام.
ويعد المقداد صاحب الحظ الأوفر في شغل المنصب، حيث كان ينوب عن المعلم في كثير من المهمات والأعمال الخارجية، خلال فترة مرض وغياب وليد المعلم، كما يصفه مراقبون في وزارة الخارجية بأنه خبير ومتابع لكافة تفاصيل الملفات الحساسة التي تشرف عليها الخارجية، مثل ملف الهجمات الكيماوية، ونشاط منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والمنظمات الدولية العاملة في سوريا، وملفات أخرى.
أيمن سوسان.. الدبلوماسي الغامض
أما المرشح الثاني، وهو أيمن سوسان، فقد بات الوجه الإعلامي في الآونة الأخيرة لوزارة الخارجية، على الرغم من كونه ليس المتحدث الرسمي باسم الوزارة، في ظل غياب وليد المعلم بذريعة المرض، وظهوره المتكرر على وسائل الإعلام العالمية.
ينحدر سوسان من مدينة دمشق، ولا تتوفر معلومات كافية عنه، إلا أنه يعد المنافس الأبرز لفيصل المقداد، وأحياناً يطغى حضور سوسان على حضور المقداد، كما يتم استبداله به لحضور المؤتمرات واللقاءات على وسائل الإعلام، كونه الأقرب شخصياً إلى وليد المعلم.
وقبل تعيينه في العام 2014 معاوناً للوزير المعلم، شغل سوسان منصب سفير سوريا لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا، ولا تتوفر أي معلومات شخصية أو مهنية عنه قبل ذلك، الأمر الذي دفع بالبعض على وصفه بـ “الدبلوماسي الغامض”.
ويعتبر سوسان من خريجي مدرسة المعلم، ويشكّل أسلوبه في التعاطي والتصريح لوسائل الإعلام مشابهاً لأسلوب المعلم في التهكم والسخرية، كما تشير تقارير صحفية أنه من الشخصيات المقربة من فاروق الشرع، ويعد شخصية مقبولة لدى الأوروبيين.
بثينة شعبان وبشار الجعفري.. فيتو روسي
كما يتردد اسمي بشار الجعفري وبثينة شعبان بين المرشحين لخلافة المعلم في منصب وزير الخارجية، إلا أن لكل منهما مهامه المكلف بها من رأس النظام في مواقع محددة، والتي من المستبعد أن يستغني عنهما في هذه المواقع في القريب العاجل، إضافة إلى أن كلا الشخصيتين من المقربين جداً لإيران، ما قد يضع فيتو روسي في طريق توليهما المنصب الشاغر.
ويعد مندوب النظام في الأمم المتحدة بشار الجعفري الذراع الخارجية الأقوى لوليد المعلم، ولطالما سار على نهجه في مخالفة القواعد الدبلوماسية بتصريحاته التي يلقيها دفاعاً عن نظام الأسد، وتبريراً للجرائم والانتهاكات التي يرتكبها.
وتصف تقارير صحفية الجعفري بأنه “نتاج خبرة مخابراتية متراكمة”، تجلّت خلال وجوده في باريس، حيث كان يتولى مراقبة نشاطات السوريين المعارضين ويرفع التقارير عنهم، ليقوم بعد توليه منصبه الدبلوماسي في السفارة، بتوظيف العديد من الطلاب السوريين الذين يدرسون في الجامعات الفرنسية كمخبرين يراقبون نشاط زملائهم”.
ويعتبر الكاتب السوري خليل المقداد أن الجعفري “برع في مهمته الأمنية حينها، وهو ما يفسر توليه منصب مدير إدارة المنظمات الدولية في وزارة الشؤون الخارجية في دمشق، الذي تولاه بين العام 2002 و2004، حيث تعتبر هذه الإدارة ذراعاً أمنية تعمل تحت غطاء وزارة الخارجية، ما يؤهلها للتحرك في الميدان الدبلوماسي”.
وللجعفري عدة تصريحات مثيرة للجدل، أبرزها استهزاؤه بالقرآن الكريم، عندما قال في مؤتمر صحفي “لن يكون هناك تفاوض، نحن هنا لإجراء محادثات غير مباشرة على شكل حوار سوري – سوري دون شروط مسبقة، ودون تدخل خارجي”، مضيفاً “احفظوها هذه، لأنها فاتحة بالقرآن تبعنا”، خاتماً حديثه بقوله “صدق الله العظيم”.
وينحدر الجعفري من عائلة دمشقية، ولد في نيسان من العام 1956، بينما تقول بعض الروايات أنه من مواليد مدينة أصفهان الإيرانية، حيث يستدل أصحاب هذه الرواية بما يسربه الجعفري في مجالسه وبين أصدقائه المقربين عن أصوله الإيرانية، خاصة وأنه درس في إيران، ومتزوج من سيدة إيرانية، ويتقن اللغة الفارسية بطلاقة، وله كتب تدلل على ثقافته الإيرانية، أهمها رسالته لنيل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية، والتي تمحورت حول الإسلام الشيعي، بالإضافة إلى كتابه المثير للجدل “أولياء الشرق البعيد”، الذي يمجّد دور إيران في نشر الإسلام في أرخبيل الملايو.
أما المستشارة الخاصة لرأس النظام، بثينة شعبان، فتعتبر مرشحة بدرجة أقل لخلافة المعلم، نظراً لضآلة خبرتها في الشؤون الخارجية أمام الثلاثة الآخرين، فضلاً عن قربها من إيران أكثر من روسيا.
وعملت شعبان لوقت طويل مع رأس النظام السابق، حافظ الأسد، كمترجمة خاصة له، وبعد وفاته شغلت منصب المستشارة السياسية والإعلامية لبشار الأسد.
يذكر أن رأس النظام بشار الأسد، قد عيّن الإعلامية السابقة لونا الشبل، مستشارة إعلامية خاصة، وفق مرسوم أصدره السبت الماضي، دون أن يذكر شيئاً عن مصير بثينة شعبان الذي تشغل المنصب نفسه.
وتنحدر بثينة شعبان من قرية المسعودية بريف حمص، ولدت في أيار من العام 1953، ودرست الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، وحصلت على الدكتوراه من جامعة يورك البريطانية.
في العام 1988، وعقب تخرجها من الجامعة، التحقت شعبان بوزارة الخارجية، وأمضت نحو 15 عاماً بين التدريس في الجامعة ووزارة الخارجية، لتصبح في ما بعد مستشارة وزير الخارجية.
في العام 2002 عُينت مديرة لدائرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية، وفي العام 2003 تسلّمت منصب وزير شؤون المغتربين، وبقيت وزيرة حتى العام 2008، حيث تم تسميتها المستشارة الإعلامية والسياسية في رئاسة الجمهورية بمرتبة وزير، ودمجت وزارة المغتربين مع الخارجية.
وتدافع بثينة شعبان عن النظام بشراسة، وتبرر كل سياساته الأمنية والقمعية عبر سلسلة مقالات رأي تكتبها في صحيفة “الوطن” الموالية، تحت اسم “بنت الأرض”.
عماد مصطفى.. عرّاب الاتفاقيات الصينية – السورية
يُضاف إلى قائمة الأسماء المرشّحة لـ خلافة “المعلّم” في وزارة الخارجية، سفير نظام الأسد في الصين عماد مصطفى.
وينحدر “مصطفى” من مدينة دمشق التي ولد فيها عام 1952، يحمل اختصاصاً علمياً في مجال الكمبيوتر، وعمِل مستشاراً للعديد مِن المنظمات الدولية والإقليمية في مجال العلوم والتكنولوجيا.
كان عميداً لكلية المعلوماتية في دمشق وعضواً في “الجمعية العلمية للمعلوماتية” التي كان يرأسها “بشار الأسد”، قبل استلامه الحكم في سوريا عام 2000، وهو أحد مؤسسي شبكة العلماء والتقنيين والمبدعين في المغترب “نوستيا”.
ويُعرف عن “مصطفى” بأنه “عرّاب الاتفاقيات الصينية – السوريّة” حيث وعد الشركات الصينية، منتصف العام 2017، قائلاً إنّ “الحكومة في سوريا ستعطي الشركات الصينية الأولوية في فرص الاستثمار وإعادة الإعمار، عقب انتهاء الحرب”.
و”مصطفى” الذي أطلقت عليها صحيفة “ديلي بيست” الأميركية لقب “المدون المحب للفن”، لم يكن معروفاً في الأوساط السياسية قبل تعيينه قائماً بالأعمال في السفارة السورية بواشنطن عام 2004، لـ يُعيّن سفيراً بعد ذلك حتى العام 2011.
قضى “مصطفى” 6 سنوات في واشنطن قبل اتهامهِ بالتورط في نشاطات تتمثل بـ”التجسس والتهديد لـ معارضين سوريين وتنظيم اجتماعات مؤيدة لـ نظام الأسد في أميركا” بعد اندلاع الثورة السورية، منتصف آذار 2011، لـ يسدعيه “الأسد” عام 2012، ويعيّنه سفيراً في الصين، كما أنّه، منذ 2018، سفير غير مقيم في كل من جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية، وجمهورية منغوليا الشعبية، ومملكة كمبوديا.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا