الواقع العربي والتطبيع مع الصهاينة

زياد المنجد

خطوات التطبيع مع الكيان الصهيوني التي انتهجتها بعض الأنظمة العربية مؤخراً هي نتاج غياب القيادات الوطنية الفاعلة في الأقطار العربية التي شكلت الثقل الأساسي في صراعنا مع الكيان الصهيوني، خصوصا خلال العقدين الأخيرين، التي كانت حاجزاً تمنع بعض الحكام العرب حتى من الحديث عن التطبيع، رغم ممارسته بشكل سري من قبل البعض.

 غياب القيادات الوطنيه، ومنع الشعب من ممارسة دوره الوطني والقومي جعلت عدوى التطبيع للأسف تنتقل من الأنظمة الى بعض التجمعات السياسية التي تحاول ان تلعب دوراً في أقطارها وخاصة في الأقطار التي تشهد حراكاً ثورياً ضد أنظمتها المستبدة، إذ ترفض بعض هذه التجمعات التي تسمي نفسها بالثورية ذكر الكيان الصهيوني في ثوابتها كعدو رئيسي لشعبنا العربي متذرعة بأن الشعب ثار ضد الأنظمة المستبدة وليس ضد الكيان الصهيوني، وبالتالي فلاداعي لذكر العدو الصهيوني في قائمة الأعداء وهي خطوة باتجاه التطبيع مع هذا الكيان الغاصب.

هذا الطرح الغريب هو نتاج مرحلة عقود من الظلم والاستبداد الذي مارسته بعض الأنظمة ضد شعبها وعندما ثار الشعب للتخلص منها استغلت القوى المعادية لشعبنا هذا الحراك وخلقت الظروف لخنقه وإخماده مع استمرار مفاعيله السلبية على المجتمع، بحيث أصبح المواطن أمام  مشاكل لم يكن يتصورها فكان القتل والاعتقال واللجوء والنزوح والتشرد والفقر والجوع إضافة لاحتلالات متعددة يمارس بعضها سياسة التغيير العقدي والديمغرافي، وهكذا أصبح المواطن أمام احتلالات متعددة تحتل وطنه بالكامل بعد ان كان يواجه احتلالاً واحداً يحتل جزءاً من أراضيه كما هو الحال في الواقع السوري الذي اشتركت كل القوى الفاعلة في المشهد السوري في خلق واستمرار الظروف الضاغطة على المواطن ليرى في الاحتلال الصهيوني احتلالا ارحم من باقي الاحتلالات الأخرى لعدم ممارسته دوراً علنياً مدمراً للمجتمع السوري رغم أنه وراء كل مصائب سورية و الأمة متناسين ان الاحتلال هو احتلال مهما كانت هوية المحتل .

هذا المنطق للأسف تبنته عن قصر نظر بعض النخب السياسية التي ترفض ان تضع في ثوابتها العدو الصهيوني كعدو للشعب السوري متناسية أن صراعنا مع الصهاينة صراع وجود وليس صراع حدود فالعدو الصهيوني يستهدفنا كوجود وباقي الإحتلالات لابد أن تنتهي بزوال الأسباب التي أوجدتها وأهمها استرجاع الشعب السوري لدوره في تقرير مصيره بعد اقتلاع نظام الاستبداد الذي خيم على المشهد السوري لعقود من الزمن.

ورغم كل ما يعانيه شعبنا من ظروف استثنائية خلقها الكيان الصهيوني وحلفاؤه وأذرعه في أقطارنا العربية سيبقى الصهاينة هم الأعداء الأساسيين لشعبنا وخطوات التطبيع خطوات عابرة ستزول باستعادة شعبنا في أقطارنا العربية لدوره الفاعل في صنع القرار وقيادة الدولة.

 

المصدر: كل العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى