كان ميلاد الرسول العربي الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول عام 570 للميلاد، عام الفيل، ولذلك فهو أكثر أيام التاريخ أهمية على الإطلاق . ومن هنا تنبع قيمته . فالرسول الكريم خاتم الانبياء والمرسلين ، وميلاده يمثل حدا فاصلا بين أزمنة الطفولة البشرية البدائية ، وأزمنة النضج البشري والاكتمال والتحضر .
قبل ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم كان البشر بحاجة دائمة لأن يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل والانبياء ليخرجوهم من الظلمات الى النور ، ومن الشرك والوثنية والعبودية ، الى سبل الهداية والصلاح والحرية والاستقامة وعبادة الخالق الذي لا شريك له في ربوبيته والوهيته .
كان الله يرسل الأنبياء والرسل الى كل قوم بعينهم ، وبلغ عدد الانبياء والرسل المئات . أما بعد ميلاد الرسول الأكرم المبعوث رحمة للعالمين ، وبفضل رسالته الخاتمة للانس والجن ، لم يعد البشر بحاجة لمزيد من الأنبياء والرسل ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) .
لقد انتهت عصور الجاهلية مع محمد صلى الله عليه وسلم ، ودخلت البشرية عصرا جديدا من الوعي والنضج والعقل والهداية .
وبهذا فإن الرسول الذي بعثه ربه رسولا لكل الأمم وكل البشر ، عربهم وعجمهم ، شرقيهم وغربيهم ، أي للناس كافة ، فهو ( معلم البشرية الأول ) بلا منازع ، وهو منقذها من الضلال والضياع والجهالة ، وهو المحرر الأول للانسانية . نقلها من عبادة الطواغيت الى عبادة الواحد الأحد . وجعل الله رسالته نبراسا وسراجا مستمرا لكل الناس في كل مكان ، وكل زمان . وهذا ما يجعل الرسول الأعظم معلما لكل الأمم وكل الأجيال الى يوم القيامة ، ويجعله صاحب فضل مستمر على كل فرد وشخص ، وكل أمة ، وكل قوم ، وكل جماعة ، بلا استثناء ، وستبقى حاجة الجميع لقراءة سيرته والتعلم من مناقبه الفريدة : القيادة والإمامة والسماحة والتسامح والرحمة والحب والعفة والشرف والوفاء والأخلاق المثالية والصدق والأمانة والعدل والانصاف والتواضع والتقى والورع والحكمة والفصاحة والبلاغة والكرم والفضيلة والشجاعة .. إلخ ، فهو الانسان الذي أدبه ربُّه فأحسن تأديبه ، وجعله كاملا مكملا سويا بلا عقد ولا ضغائن ، ولا فساد ، ولا حقد ، ولا غل ولا حسد ولا طمع ولا جشع ولا بخل ولا جبن ولا ضعف .
ولم يكن صدفة ، أنه الانسان الوحيد في التاريخ والعالم الذي انكشفت سيرته علانية بكل جوانبها ، وكتبت ونشرت ، ووضعت تحت الأضواء ، بلا غموض ولا تستر ولا إخفاء ولا أسرار ، وبدو ن فرق بين حياته الخاصة مع زوجاته وأهل بيته ، وحياته العامة مع أصحابه وأتباعه وأعدائه . وهي سيرة مشرفة حافلة وزاخرة بأنصع الصفحات والصفات وأعظم الخصال وأنبل المواقف وأعقلها وأشرفها .
لولا ذلك لما اختاره البريطاني النصراني مايكل هارت مؤلف كتاب ( المائة الأوائل أو الخالدون الأول في التاريخ البشري كله ) ، وقبل كل الرسل والأنبياء بمن فيهم المسيح عيسى عليه السلام .
محمد رسول الله هو الأول في التاريخ بشهادة مايكل هارت ، لا بشهادة المسلمين فقط ، والفضل ما شهدت به الأعداء .
نقول هذا ردا على هؤلاء الأقزام العنصريين التافهين الحاقدين الجهلة الذين يتطاولون عليه في بعض الأوساط الغربية . وهو أمر يتكرر باستمرار منذ مئات الأعوام ، ولكن النتيجة الواقعية لأفعالهم الشريرة بحجة الحرية أنها تفضي الى نتائج معاكسة لما يريده مشعلو نار الفتن والحروب الدينية ، فقد ثبت أن الحملات تدفع الشباب الاوروبي للقراءة عن محمد بسبب الفضول والرغبة في التعرف على ( سيئاته المزعومة ) فيزدادون تعلقا به وايمانا برسالته وبسموه ومثاليته ، ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ) ! .
بعد نشر الرسوم المسيئة للرسول المنزه عام 2005 في الدانمارك والحملات الضارية عليه كشف استفتاء للرأي العام في الدانمارك بعد عامين أن واحدا من كل ستة شباب اعتنق الاسلام ، أو أصبح يميل له ، ويفكر باعتناقه !
إنهم يفبركون هذه الحملات المغرضة لينفّرو ويخوفوا شعوبهم من الاسلام ، ومن المسلمين بحجة الارهاب ، ولكن النتائج تأتي عكس ما يشتهون ، ويزداد دخول الأوروبيين في دين الاسلام ، ويزداد الاسلام تجذرا وترسخا في أوروبا والغرب والعالم . ولا يمر يوم إلا ويتحول أوروبيون جدد في الاسلام ، ولم يبق في كل دول اوروبا والغرب قرية صغيرة أو حي صغير إلا وفيه مسجد ، تصديقا لنبوءة النبي العظيم : سيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو ذل ذليل .
الحمد لله الذي هدانا للاسلام وجعلنا من أتباع خير البشر وأعظمهم ، ومن حملة رسالته الى العالمين ، وبوأنا مرتبة عالية إذ جعلنا ( شهودا على الناس ) بقرار سماوي الهي .
أيها المسلمون لا تبتئسوا ولا تيأسوا من مكرهم وحقدهم وعدائهم ، ولا تحزنوا لما يصيبكم من أذى ، فأنتم الأعلون بإذن الله جل وعلا .
كل عام وأنتم بخير .