رغم تزايد مخاطر فيروس «كورونا» في الانتشار بين دول العالم وارتفاع عدد الوفيات وقد قاربت المليون في العالم، وعدد المصابين تجاوز الثلاثة وعشرين مليونًا إذ لا يمر أي يوم إلا ونودع أحباباً وأصحاباً يطويهم الثرى.
رغم تزاحم الأخبار في الوسط العربي الحزين الذي يعيش التيه الكبير والمديد، في الأرض من سورية ونكبتها وخذلان قضية شعبها، إلى التفجير الأليم في مرفأ بيروت الذي دمّر ثلث بيروت، إلى تهديد إيران للعواصم العربية، وعبثها في العراق واليمن على أبواب الخليج العربي وسلسلة من المآسي تليها، إلى القضية الفلسطينية المتكئة على عصا سليمان وتأكلها دواب الأرض لتسقطها ويسقط معها العمق العربي الواسع، والسامري الذي يُخرج العجل لنُفتن فيه وننسى هدي موسى، ويُضل السامري الكثير من النخب لتضيع منا البوصلة.
ويبدو أنها ماتزال هذه النخب المثقفة تسأل عن لون البقرة، ولا تهتدي سبيلاً ولا تتمظهر هداية لها في الأفق القادم.
ثم الأخ الذي يأخذ برأس أخيه ليلومه وقد تفرق القوم فوق تفرقهم، كل هذه اللقطات والصور تتزاحم دفعة واحدة، هل نحن بحاجة إلى سلام، لاسيما في ظل الواقع المتفجر في المنطقة؟
نعم نحن بحاجة سلام ولكنه السلام الداخلي لبعضنا المجروح والمطرود والمعتقل والمظلوم. نحن بحاجة إلى سلام يخلص كل هؤلاء من القتل والتهجير والتدمير والمبيت بالعراء، بلا تعليم ولا مأوى، بلا سبل للحياة الأساسية البسيطة، حيث الحرمان منها منذ سنوات ليحلم الناس بحياة كالحياة ليس إلا.
نحن نحتاج السلام الذي يخلصنا من المجرمين والقتلة، الذين يحلمون بنهب المنطقة وبسط نفوذهم عليها.
فهل سيُترك يوسف في بئر سورية ويرجع إخوته، كأن يوسف أخوهم قرير العين هانيها.
قد لا نكون بحاجة إلى نقد قرار التطبيع أو الحديث عنه، والموقف منه، بقدر ما نحن أحوج ما نكون إلى النظر في أولوياتنا المنطقية الواقعية، فهل نحن بحالة حرب لنحتاج السلام، ومن ثم أي أمن وسلام، بينما مخالب إيران في كل مكان، وهي لا تُخفي أطماعها التوسعية، والنظام السوري الإرهابي مجرم الكيماوي ما يزال يعربد في المنطقة يُهلك الحرث والنسل، وهو يدخل السنة العاشرة بهذه الحرب الحاقدة المدمرة.
تحرر هذه الشعوب المضطهدة هو الأهم، من تحت آلة الحرب وخلاصها وتحولها للتنمية والبناء، والتخلص من أذرع طهران الخبيثة، هي الخطوة الاستراتيجية لدول المنطقة التي تحتاج لتخطوها، وبناء السلام والتصالح بين الأخوة في المنطقة وهي الفضيلة التي ينبغي إيجادها والسعي الدؤوب لانحسار الإرهاب الحقيقي الذي أهلك المنطقة وأقلق العالم هو أولوية أساسية لأمن المنطقة الإقليمية كاملة، وليس السلام مع الكيان الصهيوني الغاصب للأرض.
الأمن الحقيقي والسلام الحقيقي بزوال كل ما يهدد أمن المنطقة بكل صور التهديد، والسلام هو أن يعيد أخوة يوسف أخاهم الذي تركوه في البئر، وأن يتصالحوا فيما بينهم ثم يأتي التفكير فيما وراء ذلك.
المصدر: اشراق