ضمانات التحول الديمقراطي

     معقل زهور عدي

ربما يسأل سائل: لنفرض أننا في المرحلة الانتقالية لم نتوقف عند تطبيق الديمقراطية، فما الذي يضمن لنا أن لا تتحول سورية لدولة ديكتاتورية بدل السير في طريق التحول الديمقراطي؟

الديمقراطية لم تذكر بالاسم في جميع البيانات والتصريحات الصادرة عن الحكومة , أضف لذلك تاريخ هيئة تحرير الشام في ادلب المعادي للديمقراطية , بالتالي ليس لدينا بوصلة حكومية تشير للهدف الديمقراطي , بل لدينا مؤشرات ضبابية متناقضة بالسير نحو دولة هي ليست طالبان ولكن ليست الدولة المدنية , دولة المواطنة المتساوية . دولة الحريات , الدولة الديمقراطية التي تسمح بتداول السلطة عن طريق الانتخاب وليس الانقلاب .

لنكن صادقين مع أنفسنا : لاتوجد ضمانات .

نعم لاتوجد ضمانات , فحتى الغرب الذي يراهن عليه كثيرون للضغط من أجل الديمقراطية ليس معنيا في الحقيقة كثيرا بنشر الديمقراطية كما يدعي خاصة في هذه المنطقة وربما يجد أن الديمقراطية تحمل خطرا على مصالحه أكبر من خطر الحكومات الاستبدادية . فقط هو يريد حكومات قادرة على السيطرة على مجتمعاتها ومنفتحة على التعامل مع المصالح الغربية الاقتصادية والسياسية .

ماهو متاح أمامنا هو النضال السلمي من أجل التحول الديمقراطي , أي أن تعمل مفاعيل التحول الديمقراطي من الأسفل , من المجتمع وليس وضع المسؤولية على عاتق النظام الحاكم والاكتفاء بتقديم مرافعات لاتجدي فتيلا كل يوم عن ” لاديمقراطية النظام ” ثم العودة للنوم ” بانتظار جودو ” بالاستعارة من عنوان لآحدى المسرحيات .

إحياء الحياة السياسية من خلال إحياء دور المجتمع المدني , المجتمع المدني الذي طالما جرت عملية إخصائه سياسيا ليقتصر تعريفه على النشاطات الاغاثية والخيرية والاجتماعية الصرفة .

الآحزاب السياسية جزء من المجتمع المدني , الصحافة الحرة , النقابات الحرة , الجمعيات التطوعية , المنتديات الثقافية والفكرية – السياسية .

حتى الحق في التجمع المنظم والتظاهر والاعتصام وفق القانون .

هذه الحركة القادمة من المجتمع لن تتكفل فقط بتصويب بوصلة النظام السياسي , ولكن بوضع الأرضية لنشوء ديمقراطية وطنية حقيقية وليس ديمقراطية طائفية أو ديمقراطية مكونات تعمق الانقسامات الاجتماعية وتمنحها بعدا سياسيا يتحول إلى قيد حقيقي في طريق تقدم المجتمع وتحرره من آثار الماضي ودخوله العصر والحداثة .

أهم ماينبغي التركيز عليه في المرحلة الانتقالية الراهنة هو سيادة القانون والحريات , الحريات التي نشهدها في الواقع بالرغم من كل السقطات والتناقضات هنا وهناك .

بدون الحريات وبدون سيادة القانون لن يكون هناك أمل في إحياء الحياة السياسية , وحينها لا أحد يمكن له الحديث عن تصويب بوصله العهد الجديد ولا عن التحول الديمقراطي .

بالتأكيد يحتاج ترسيخ الحريات إلى ممارسة الحرية , أي انخراط الشباب في السياسة بطريقة واعية ومسؤولة وليس كما يطفو على السطح الآن .

هذا الشعب السوري العظيم يليق به ويستحق أن يصنع مصيره بنفسه , فالديمقراطية الحقيقية تؤخذ ولاتعطى .

وكما أن الحريات التي نعيشها اكتسبها الشعب بكفاح دام وطويل ضد الاستبداد . فكذلك الديمقراطية السورية لن تأتي سوى بكفاح سلمي ديمقراطي مجتمعي بعيد عن الطفولية اليسارية والمزاج النخبوي البعيد عن الشعب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى