لماذا رفضت محكمة النقض الفرنسية مذكرة توقيف بشار الأسد وهل شملت أديب ميالة؟

 

ألغت محكمة النقض الفرنسية مذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، والتي كانت قد صدرت عام 2023 على خلفية اتهامات بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال الهجمات الكيميائية التي استهدفت مناطق عدة في الغوطة الشرقية ودوما بريف دمشق عام 2013.

واعتمدت محكمة النقض في قرارها على مبدأ “الحصانة الشخصية” التي يتمتع بها رؤساء الدول خلال فترة تولّيهم مناصبهم، إذ رأت المحكمة أن هذه الحصانة، المرتبطة بسيادة الدول، تمنع المحاكم الأجنبية من ملاحقة رؤساء الدول الحاليين، حتى في حال ارتكابهم جرائم خطيرة كالإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية.

وأكدت المحكمة أنه “لا يمكن رفع الحصانة الشخصية عن رئيس دولة في أثناء ولايته من دون وجود استثناءات”، معتبرة أن مذكرة التوقيف التي صدرت بحق الأسد عام 2023، أي خلال فترة ولايته، تُعد غير قانونية، ما استدعى إلغاءها.

وعلى الرغم من ذلك، أوضحت المحكمة أنه “بما أن بشار الأسد لم يعد يشغل منصب رئيس الدولة منذ كانون الأول 2024، فإن بإمكان القضاء الفرنسي الآن إصدار مذكرة توقيف جديدة بحقه”، استناداً إلى الجرائم ذاتها، لكن بصفة رئيس دولة سابق، يتمتع فقط بالحصانة الوظيفية التي لا تحميه في حالة الجرائم الخطيرة.

قرار مفصلي يحدد نطاق الحصانات

ويعتبر قرار محكمة النقض الفرنسية سابقة في الاجتهاد الفرنسي، إذ فرّق بوضوح بين نوعين من الحصانات:

  • الحصانة الشخصية: تمنع ملاحقة رؤساء الدول ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية خلال توليهم مناصبهم، وتشمل الأفعال الرسمية والخاصة، وتستمر طوال مدة الولاية.
  • الحصانة الوظيفية: تحمي مسؤولي الدولة بعد انتهاء مهامهم من الملاحقة على أفعال ارتكبت في أثناء أداء واجباتهم الرسمية، لكنها تسقط في حال ثبوت تورطهم في جرائم دولية جسيمة كجرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية.

وبذلك، يكون قرار المحكمة قد أبقى الباب مفتوحاً أمام ملاحقة الأسد لاحقاً، مؤكداً أن الحصانة ليست مرادفاً للإفلات من العقاب.

ما موقف المحكمة من أديب ميالة؟

على خلاف قرارها بشأن بشار الأسد، رفضت محكمة النقض الفرنسية الطعن المقدّم من أديب ميالة، الحاكم الأسبق لمصرف سوريا المركزي، مؤكدة قانونية لائحة الاتهام بحقه.

وكان القضاء الفرنسي قد وجّه إلى ميالة، في كانون الأول 2022، تهماً بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، بالإضافة إلى غسل عائدات هذه الجرائم والمشاركة في مؤامرة جنائية لتمويل نظام الأسد، بناءً على مزاعم بتعاونه مع شركة ضالعة في تصنيع الأسلحة الكيميائية.

ورغم أن محامي ميالة استندوا إلى مبدأ “الحصانة الوظيفية” كوكيل سابق لدولة أجنبية، إلا أن المحكمة رأت أن هذه الحصانة لا تسري في حال ارتكاب جرائم جسيمة كالتي يُشتبه بضلوعه فيها.

وكان قاضي التحقيق الفرنسي أبطل، في أيار 2024، لائحة الاتهام بحق ميالة ووضعه في موقع “شاهد مساعد”، وهو ما حال دون ملاحقته كمتهم. إلا أن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب قدّمت استئنافاً لهذا القرار وطالبت بمواصلة التحقيق، بما يشمل الاستماع لشهادات أعضاء سابقين في نظام الأسد وخبراء وصحافيين، في محاولة لتوضيح دور رجال أعمال في تمويل النظام.

ورغم إلغاء لائحة الاتهام مؤقتاً، رفضت محكمة الاستئناف طلب ميالة بوقف التحقيق استناداً إلى الحصانة، وأكدت محكمة النقض في قرارها الأخير إمكانية استمرار الإجراءات القضائية بحقه.

المصدر: تلفزيون سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى