حوار الرئيس السوري أحمد الشرع الكامل مع مجلة الإيكونوميست

ترجمة رأفت الرفاعي

الإيكونوميست: ربما يمكنك أن تبدأ بإعطائي لمحة عن رؤيتك لسوريا. أين تتوقع أن تكون البلاد بعد خمس سنوات؟ صف لي كيف ستكون.

أحمد الشرع: أولًا، كانت سوريا تحت سيطرة النظام السابق لمدة 54 عامًا. خلال هذه السنوات، مرت سوريا بالعديد من الكوارث. فقد تراجعت سوريا إقليميًا على مستوى تنمية الموارد البشرية، والاقتصاد، والعلاقات السياسية مع الدول المجاورة. كانت سوريا سابقًا مصدر قلق لجميع الدول المجاورة، وفي الوقت نفسه لم تكن تفي بأبسط واجباتها تجاه الشعب.

كان أهم شيء بالنسبة للنظام السابق هو البقاء في السلطة، واستخدم لتحقيق ذلك الأساليب الأمنية القمعية. هذه الأساليب تعني التعذيب، كما رأينا في سجن صيدنايا، والاعتقالات والضرب، وعندما ثار الناس ضده، استخدم الأسلحة الكيميائية، والبراميل المتفجرة، وغيرها من الوسائل القمعية.

في الوقت نفسه، شهدت سوريا انقسامات اجتماعية خطيرة خلال حكم النظام السابق، حيث اعتمد النظام على فئة معينة من الشعب ضد الفئات الأخرى، مما جعل البلاد على حافة حرب أهلية شاملة.

أما من الناحية الاقتصادية، فقد تم تدمير جميع القطاعات تقريبًا، لأن النظام لم يعمل على بناء اقتصاد وطني، بل كان يسرق ثروات البلاد ويصدرها بشكل غير قانوني إلى الخارج.

لذلك، ستتمحور المرحلة القادمة، التي تمتد لخمس سنوات، حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة. سيتم تعزيز العدالة والمشورة، كما سيتم الاعتماد على مشاركة جميع فئات المجتمع في إدارة البلاد.

ستشهد السنوات الخمس القادمة محطات رئيسية عدة، ونأمل أن نتمكن من تجاوز جميع هذه الصعوبات والعقبات بسلاسة. نحن نعوّل على حكمة الشعب السوري وعلى التسامح الذي تبديه جميع فئاته.

على المستوى السياسي والخارجي، كانت سوريا خلال حكم النظام السابق تعيش في عزلة شديدة.

فعلى الصعيد الإقليمي، تسبب النظام في مشاكل عديدة داخل لبنان. حيث أن جميع القادة السياسيين والشخصيات البارزة الذين اغتيلوا في لبنان، قتلوا بأيدي النظام السوري السابق.

وبعد انسحاب سوريا من لبنان، ترك النظام حزب الله ليُحكم قبضته على البلاد بشكل سلبي، مما أدى في النهاية إلى اندلاع حرب شاملة في لبنان.

أما الأردن، فقد استهدفه النظام بتصدير المخدرات بشكل مباشر.

وفيما يتعلق بالعراق، فقد كانت هناك فترة قطيعة طويلة خلال حكم صدام حسين، وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق، كان النظام السوري يصدر المشاكل إلى العراق باستمرار.

كما أن تركيا عانت من مشاكل كبيرة مع النظام السابق، في حين تأثرت دول الخليج بوجود النفوذ الإيراني في سوريا.

أما الدول الأوروبية، فقد كانت أيضًا متضررة، حيث كان النظام يستغل البشر لتحقيق مكاسب مالية من خلال الاتجار بالبشر والتهجير القسري نحو أوروبا.

كما سمعت، هناك العديد من القضايا في سوريا تتطلب خطوات جادة وسريعة وفعالة.

أهم هذه الخطوات هو توحيد الشعب السوري في الداخل، وهذا هو أهم رأس مال لدينا، وقد تحقق ذلك بالفعل اليوم.

ورغم أننا دخلنا دمشق من خلال معركة عسكرية، فإنها كانت معركة اتسمت بالرحمة والتسامح.

لذلك، فإن الطريقة التي دخلنا بها دمشق لعبت دورًا أساسيًا في تحقيق السلام المدني في المدينة، رغم وقوع بعض الانتهاكات هنا وهناك، لكنها محدودة.

الأمر الآخر هو أن سوريا بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي. نحن نعمل حاليًا على إعادة تأهيل الاقتصاد الوطني.

هناك أيضًا التحدي الأمني، والمتمثل في ضبط السلاح داخل البلاد، وقد قطعنا شوطًا طويلًا في ذلك، باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية أو المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا.

نحن نجري مفاوضات معهم، ونأمل في التوصل إلى حل دون مواجهة.

في الوقت نفسه، عملنا خلال الفترة القصيرة الماضية على إعادة العلاقات بين سوريا والدول الإقليمية والدولية، وقد حققنا نجاحًا كبيرًا حتى الآن.

لذلك، إذا استمرت الأمور على هذا النحو خلال السنوات الخمس المقبلة، فأنا أعتقد أن المستقبل سيكون مشرقًا. لكن هناك عاملين رئيسيين يمكن أن يزيدا من معاناة الشعب السوري: العقوبات الأمريكية التي فرضتها الولايات المتحدة على النظام السابق بسبب قتله لشعبه، وهذه العقوبات لا تزال سارية. والتوسع الإسرائيلي الأخير، والذي يجب إيجاد حل له. يجب على إسرائيل أن تنسحب، لأن تمددها سيؤدي إلى مشاكل خطيرة في المستقبل.

الجزء الثاني

الإيكونوميست: هل يمكنني أن أسأل، هل هناك زعيم سياسي تعتبره قدوة لك؟ جورج واشنطن؟ محمد بن سلمان؟ من هو مصدر إلهامك؟

أحمد الشرع: السياق السوري استثنائي، وكل دولة تمر بظروفها الخاصة. الحلول السياسية يجب أن تنشأ من الأحداث التي تمر بها البلاد، لذلك أعتقد أن استيراد التجارب السياسية وتطبيقها على الوضع السوري ليس سياسة صحيحة.

لقد قرأت التاريخ من جميع السياقات: العربي، والدولي، والإسلامي؛ ومن جميع المناطق: الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب.

حاولنا الاستفادة من جميع ما حدث في العالم لنأخذ العبر من كل ما جرى، خصوصًا خلال المائة عام الماضية التي شهدت أحداثًا مثل الحرب العالمية الأولى والثانية.

بالإضافة إلى ذلك، مرت المنطقة العربية بالكثير من الأزمات، ولهذا فهي غنية بالدروس، والتاريخ مليء بالعبر.

سنستفيد من كل ذلك، وسنحاول أن نمتلك شخصية مستقلة في دراسة الأمور، إلى جانب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى.

جميع الشخصيات التي ذكرتها كانت ناجحة في إدارة بلدانها، لكن السياق السوري مختلف تمامًا.

الإيكونوميست: تحدثت عن سوريا حديثة وشاملة، ولكن عندما شاهدت صور اجتماعك قبل يومين، لم أشعر بأنها شاملة بالفعل. كنت ترتدي الزي العسكري، وكان الحضور من القادة العسكريين فقط. بصراحة، بدا الأمر أشبه بانقلاب عسكري أكثر منه بداية لدولة ديمقراطية. هل فاتني شيء؟ لم يعطِ الانطباع بأنه تأسيس لدولة جديدة شاملة.

أحمد الشرع: الاجتماع كان لكل الفصائل الثورية التي ساهمت في إسقاط النظام. كما تعلم، لم يسقط النظام بالطرق السياسية، بل من خلال معركة عسكرية ووسائل عسكرية، لأن النظام أغلق الباب أمام جميع الحلول السياسية التي تم اقتراحها. كان دائمًا رافضًا لأي فرصة كانت تُعرض عليه إقليميًا ودوليًا. ونتيجة لذلك، لم يكن أمام الشعب أي خيار سوى العمل العسكري.

عندما سقط النظام بفعل العمل العسكري، كان هناك الكثير من الأطراف المهتمة بالشأن السوري. تشاورنا مع عدد كبير من الأشخاص، بما في ذلك المستشارين والخبراء القانونيين، وكما تعلم، كان هناك فراغ في السلطة في سوريا خلال الشهرين الماضيين، وكان لابد من ملء هذا الفراغ.

أخبرنا الخبراء القانونيون أن الأعراف الدولية تنص على أن القوة التي تحقق الانتصار للثورة هي التي يحق لها اختيار الرئاسة.

وهنا، كانت القوى التي حققت النصر هي القوى العسكرية، لذا كان من الضروري أن أكون متناغمًا مع هذا الواقع.

كما أنني كنت قائد المعركة التي أدت إلى إسقاط النظام، وبالتالي كان لابد لي من أن أكون في انسجام مع هذا الوضع، لأن الاجتماع كان بالدرجة الأولى لإدارة العمليات العسكرية والفصائل التي ساهمت في إسقاط النظام؛ لذلك اخترت أن أكون في تناغم مع الحضور في الأداء والمظهر. لكن هذا لا يعني أن البلاد سيتم إدارتها من قبل العسكريين.

بل كان هذا الاجتماع بوابة للاتفاق العسكري، لأن أحد أكبر التحديات، كما ذكرت سابقًا، هو وضع السلاح تحت سيطرة الدولة.

تحقيق هذا الأمر من خلال التوافق أمر إيجابي. فهو يطمئن الشعب السوري بأن الفصائل المسلحة وافقت طوعًا على رئاسة البلاد دون الدخول في صراعات كبيرة.

العديد من الدول تواجه تهديدًا بالفوضى بعد انتصار الثورات، بسبب الخلافات بين الفصائل العسكرية.

لكن، بفضل وعي الشعب السوري والوعي الثوري لدى هذه الفصائل، تمكنوا من الاجتماع والاتفاق على القضايا المهمة التي ستبدأ في رسم مستقبل سوريا وملء هذا الفراغ حتى تصبح البلاد جاهزة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

الإيكونوميست: الليلة الماضية، عرضت خارطة الطريق للمستقبل، وقلت إنه ستكون هناك حكومة انتقالية حتى يتم إجراء انتخابات حرة ونزيهة. متى تتوقع أن تُجرى هذه الانتخابات؟ وهل ستشمل الانتخابات الرئاسية؟

أحمد الشرع: الحمد لله، تم إلقاء خطاب الأمس ببدلة رسمية، وليس بالزي العسكري، لكن ربما لم تلاحظ ذلك.

أولًا، يجب أن ندرك أنه خلال السنوات الأربع عشرة الماضية، غادر عدد كبير جدًا من السوريين البلاد، حيث يُقدّر أن ما يقارب نصف الشعب السوري ذهب إلى دول مختلفة.

العديد من هؤلاء فقدوا أي صلة قانونية بوطنهم. هناك مواليد ووفيات لم يتم تسجيلها في السجلات الحكومية.

هناك أيضًا من حصلوا على جنسيات جديدة وتخلوا عن جنسيتهم السورية، أو لم يعودوا يهتمون بها بسبب وجود النظام السابق آنذاك.

إضافة إلى ذلك، لا تزال هناك مساحات شاسعة من البلاد خارج سيطرة الدولة السورية حتى الآن، وهي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، وتضم عددًا كبيرًا من السكان.

اليوم، ومنذ خمسة عشر عامًا، لم تكن هناك إحصاءات دقيقة في سوريا. لا أحد يعرف عدد سكان سوريا، عدد الشباب، وعدد المؤهلين للمشاركة في الانتخابات.

هناك الكثير من البيانات المفقودة حاليًا، وأي انتخابات تُجرى في الوقت الحالي لن تكون مبنية على أسس صحيحة وسليمة.

لذلك، لكي تكون الانتخابات في سوريا حرة ونزيهة وذات مصداقية، نحن بحاجة إلى تعداد سكاني، وعودة السوريين في الخارج، وفتح السفارات، واستعادة الاتصال القانوني بين الدولة والمواطنين.

إضافة إلى ذلك، هناك الكثير من النازحين داخليًا أو اللاجئين في المخيمات في الدول المجاورة، ولم يتم تسجيلهم حتى الآن لدى المفوضيات المختصة باللاجئين.

بالتالي، هذه العملية تحتاج إلى وقت. وعندما استشرت الخبراء، أبلغوني أننا بحاجة إلى ما لا يقل عن ثلاث إلى أربع سنوات لإتمام هذه العملية.

في هذه الأثناء، نعمل على تطوير قانون الانتخابات، والدستور، والقوانين التي ستنظم البلاد.

نحن نعمل عليها بدقة، وبالتشاور مع الخبراء والأمم المتحدة أيضًا.

وبالتالي، عندما تكون هذه الأمور جاهزة، سنجري انتخابات نزيهة وذات مصداقية.

الإيكونوميست: وهل ستكون هناك انتخابات للرئاسة؟

أحمد الشرع: بالطبع.

الإيكونوميست: وهل ستكون الأحزاب السياسية قادرة على المنافسة في هذه الانتخابات؟

أحمد الشرع: هذا ليس أمرًا أقرره أنا؛ هناك لجنة دستورية ستعمل على صياغة الدستور. تتألف هذه اللجنة من خبراء موثوقين يتمتعون بكفاءة عالية.

سيحددون قانون الأحزاب، ومن يحق له تأسيس حزب، ومن يمكنه المشاركة في الانتخابات. كل هذا سيتم وفقًا للقوانين، ودوري خلال هذه الفترة هو تنفيذ القانون الذي سيتم صياغته.

الإيكونوميست: لكن دعني أسأل ببساطة، هل ستصبح سوريا ديمقراطية؟ لا أعتقد أنني سمعتك تستخدم هذه الكلمة من قبل.

أحمد الشرع: في منطقتنا، هناك تعريفات مختلفة للديمقراطية. إذا كانت الديمقراطية تعني أن الشعب هو من يقرر من سيحكمه ومن سيمثله في البرلمان، فإذن نعم، سوريا تسير في هذا الاتجاه.

الإيكونوميست: أفهم من كلامك أن صياغة الدستور ستستغرق، كما تقول، عدة سنوات. في هذه الأثناء، هل سيكون النظام القانوني والمحاكم مبنية على القانون المدني، أم على الشريعة الإسلامية؟

أحمد الشرع: أولًا، سيكون هناك إعلان دستوري، وهو مجموعة من المبادئ التي تحدد هوية الدولة وشكلها ومستقبلها، وبعض الأمور الأساسية المتعلقة بذلك.

كما يوجد المجلس القضائي الأعلى. لا يمكننا إلغاء جميع القوانين السابقة دفعة واحدة، لأن هناك الكثير من القضايا المفتوحة.

يوجد أكثر من 150 ألف قضية مفتوحة في المحاكم، وبالتالي لا يمكن إلغاؤها قبل وضع قانون جديد.

لكن، من خلال الخبراء واللجان المتخصصة في القوانين القضائية، سيتم اقتراح قوانين جديدة، واستبدال القوانين القديمة التي لا تتماشى مع الوضع السوري.

أي قانون سيتم إصداره سيُعرض على جمعية برلمانية انتقالية، التي ستصوت على تمريره أو رفضه.

بالإضافة إلى ذلك، هناك المجلس القضائي الأعلى والمحكمة الدستورية العليا، لذا هناك إجراءات قانونية واضحة لتمرير أي قانون في البلاد.

ليست عملية ارتجالية، ولا يملك الرئيس سلطة إصدار القوانين بقرار فردي.

بدلًا من ذلك، ستخضع العملية للقوانين العامة التي ستُحدد وفق المبادئ التوجيهية التي سيتم وضعها في الإعلان الدستوري.

الإيكونوميست: إذن، هل من الممكن أن يكون القانون المعتمد هو الشريعة الإسلامية؟

أحمد الشرع: هذا الأمر يعود للخبراء ليقرروا. إذا وافقوا عليه، فإن دوري هو تنفيذه؛ وإذا لم يوافقوا عليه، فإن دوري هو تنفيذ قرارهم أيضًا.

الإيكونوميست: السبب في سؤالي هو أن هناك مخاوف لدى البعض في سوريا وخارجها من أنك قد تتبنى حكمًا إسلاميًا محافظًا، بحيث لا يكون هناك أي دور للمرأة، على سبيل المثال. هل ستكون هناك نساء في مناصب حقيقية للسلطة في حكومتك؟ مناصب فعلية وليست شكلية فقط؟ هل ستكون هناك نساء يتمتعن بسلطة حقيقية؟

أحمد الشرع: أولًا، في النظام الإسلامي، تلعب النساء دورًا أساسيًا. من يقول إن النظام الإسلامي المحافظ لا يسمح بدور للمرأة فهو لا يفهم الإسلام بشكل صحيح.

بالطبع، النساء يمثلن تقريبًا نصف المجتمع، وغالبية الموارد البشرية في الجامعات الآن من النساء، وسوق العمل هو سوق واسع للنساء.

المرأة السورية تعمل بالفعل، لذا إذا أرادت العمل، فإن سوق العمل مفتوح أمامها.

الإيكونوميست: هل ستكون زوجتك هي السيدة الأولى في سوريا؟

أحمد الشرع: العُرف المتبع هو أن زوجة الرئيس تشغل هذا المنصب تلقائيًا.

لذلك، بالطبع، إذا كان هناك منصب يُدعى “السيدة الأولى”، فلن تشغله امرأة عشوائية يتم توظيفها لهذا الغرض. لكن فهمنا لمفهوم السيدة الأولى هو أنها خادمة للمجتمع، وليست شخصية فوق أبناء المجتمع.

الإيكونوميست: لقد كنت في سوريا لمدة خمسة أيام، وتحدثت إلى العديد من الأشخاص. هناك مخاوف متكررة سمعتها من رجال الأعمال وغيرهم، وهي أنك تركز الكثير من السلطة في يدك، وأنك تحاول إدارة سوريا كما كنت تدير إدلب. هل هذا انتقاد عادل؟ وكيف ستوسع دائرة الأشخاص الذين يديرون البلاد؟

أحمد الشرع: أولًا، إدلب كانت تضم أشخاصًا من جميع المجتمعات السورية؛ لقد كانت ملجأ لمعظم النازحين السوريين.

وفي المرحلة الأولى، ولمنع انهيار الدولة، اعتمدنا على الفريق الكبير الذي كان لدينا في إدلب.

لم أدخل فقط بالقوة العسكرية، بل دخلت بقوة مدنية تشمل العاملين في مجالات مثل الصرف الصحي، التعليم العالي، التعليم، الصحة، الرياضة، وجميع جوانب الحياة الأخرى.

الإيكونوميست: هل ستوسع دائرة المشاركين في الحكم؟ هل ستشمل أشخاصًا من خارج هيئة تحرير الشام؟ لأن معظم الشخصيات المهمة في الحكم الآن من إدلب.

أحمد الشرع: كنا حريصين في المرحلة الأولى على منع انهيار مؤسسات الدولة، لذلك سيطرنا عليها عبر الحكومة التي تم إعدادها في إدلب، ومنحناها فترة ثلاثة أشهر فقط حتى نتمكن من جمع البيانات من داخل إدلب والتشاور مع العديد من الشخصيات.

بالتالي، بعد مرور ثلاثة أشهر، ستكون هناك حكومة أوسع وأكثر تنوعًا، بمشاركة جميع فئات المجتمع، لكن عملية الاختيار ستعتمد على الكفاءة وليس على العرق أو الدين.

الإيكونوميست: هذا وقت قريب جدًا. ثلاثة أشهر تعني بداية شهر مارس. هل هذا هو الموعد الذي ستشكل فيه الحكومة الأوسع؟

أحمد الشارع: بعد شهر من الآن. هذا صحيح.

الإيكونوميست: دعنا نتحدث عن الأمن، فقد ذكرته كأولوية. كان قادة العديد من الفصائل في الاجتماع قبل يومين، ولكن ليس كل الفصائل وافقت على الانضمام إليك. كيف ستقنع الرجال المسلحين وأصحاب النفوذ بالامتثال لك؟ كيف ستسيطر عليهم؟

أحمد الشرع: أولًا، جميع الفصائل كانت حاضرة في المؤتمر الأخير، وقد عقدت العديد من الاجتماعات معها خلال الشهرين الماضيين.

اتفقوا جميعًا على الانضمام إلى الجيش وأن يكونوا جزءًا منه، لذلك لا أعتقد أنه سيكون هناك سلاح خارج سيطرة الدولة.

وحتى إذا وُجد أي سلاح خارج السيطرة، فسيكون ذلك محظورًا بموجب القانون، وسيتم اتخاذ إجراءات ضد أي شخص يحتفظ بسلاح خارج سلطة الدولة.

لا يمكن بناء دولة في المستقبل بدون قانون ينظم السلاح داخل مؤسسة عسكرية موحدة.

الإيكونوميست: ماذا عن شمال شرق سوريا؟ المنطقة الكردية؟ توقفت المحادثات مع قوات سوريا الديمقراطية

هل ستسمح بنظام فيدرالي كما يطالب الأكراد، أم أن هناك مخاطر اندلاع مزيد من العنف؟ حرب أهلية؟

أحمد الشرع: أولًا، النظام الفيدرالي لا يحظى بقبول شعبي في سوريا، وأعتقد أنه ليس في مصلحة سوريا مستقبلًا، لأن مجتمعاتنا ليست معتادة على ممارسة الفيدرالية، وبالتالي قد تتجه آراء الناس نحو الاستقلال الكامل تحت اسم الفيدرالية.

الجانب الآخر هو أن المنطقة هناك ذات غالبية عربية لا توافق على حكم قوات سوريا الديمقراطية لها.

كما أن المنطقة الشمالية الشرقية تضم بعض الفصائل الأجنبية التي لها تاريخ طويل من الصراع مع تركيا، وقد قدمنا تطمينات لجميع الدول بأن سوريا لن تكون منصة للإضرار بالدول المجاورة، وقد تعهدنا بذلك.

إضافة إلى ذلك، تركيا لديها مخاوف كبيرة من وجود حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا، وكانت تستعد لشن حرب شاملة هناك، لكننا طلبنا منهم التريث لإعطاء فرصة للمفاوضات.

هناك أيضًا ضغوط شعبية من المكون العربي في تلك المنطقة، حيث يطالبون بعودة المنطقة إلى سلطة الدولة السورية وإنهاء حكم قوات سوريا الديمقراطية.

أما بالنسبة لـقوات سوريا الديمقراطية، فلم تعلن رسميًا عن المطالبة بالنظام الفيدرالي، لأنها تعلم أن ذلك غير ممكن حاليًا في سوريا.

على العكس، أعلنت استعدادها للانضمام إلى الدولة ودمج قواتها العسكرية في الجيش السوري.

ولكن لا تزال هناك مناقشات حول التفاصيل؛ هم متفقون من حيث المبدأ، ولكن التفاصيل لا تزال قيد التفاوض.

نحتاج إلى مزيد من الوقت للوصول إلى اتفاق نهائي.

الإيكونوميست: إذن، تعتقد أنه سيكون هناك اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية؟ وأنكم فقط بصدد وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل؟

أحمد الشرع: دعني أقول، ليس بالكثير من التفاؤل. نحن ندخل عملية التفاوض على أمل حل الأمور سلميًا دون أي ضرر.

الإيكونوميست: حدثني عن خطر تنظيم الدولة الإسلامية

لقد سمعت عدة تقارير تفيد بوجود مقاتلي داعش في مدن سورية، بما في ذلك دمشق. ما حجم الخطر الذي يشكلونه عليك؟

أحمد الشرع: هناك مبالغة كبيرة فيما يتعلق بحجم تنظيم الدولة الإسلامية، وأعداده، وانتشاره، وما إلى ذلك. أعتقد أن القوات الأمنية تتابع ملف داعش بجدية كبيرة، وقد أحبطت العديد من المحاولات التي كان يمكن أن ينفذها التنظيم لإحداث فتنة واضطرابات في البلاد خلال الشهرين الماضيين.

لا أعتقد أن لديهم فرصة لوجود كبير، باستثناء بعض الخلايا الأمنية.

الإيكونوميست: أرى أن إدارة ترامب قد أوقفت المساعدات الخارجية، ما يعني، حسب ما فهمت، أن بعض المخيمات في الشمال توقفت عن توزيع المساعدات.

ما العواقب التي قد تترتب على ذلك؟

أحمد الشرع: هناك عدة قضايا مترابطة في الوضع السوري حاليًا. الاستقرار الأمني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإيجاد حل للنازحين واللاجئين. ومن ناحية أخرى، ملف النازحين واللاجئين مرتبط بتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار في البلاد.

بدون استثمارات في سوريا، لن يكون هناك تنمية اقتصادية، وبدون التنمية الاقتصادية، سيعود الناس قريبًا إلى حالة من الفوضى. كل هذه الأمور مترابطة بشكل وثيق.

أعتقد أن أكبر خطر يهدد سوريا حاليًا هو العقوبات التي لا تزال الإدارة الأمريكية تفرضها، رغم أن جميع الأسباب التي أدت إلى فرض هذه العقوبات قد انتهت.

أي إجراءات تقييدية تستهدف سوريا اليوم، تعني في الواقع معاقبة الشعب السوري، الذي عانى بما فيه الكفاية على يد النظام السابق.

الإيكونوميست: دعنا نتحدث عن الاقتصاد، لأنه يمر بوضع صعب للغاية. أنت بحاجة ماسة إلى دعم مالي. كان أمير قطر هنا، وأنت ذاهب إلى السعودية.

هل ستحصل على دعم مالي من دول الخليج الآن؟ وهل سيكون ذلك كافيًا لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد؟

أحمد الشرع: أحاول قدر الإمكان ألا تعيش سوريا على المساعدات والدعم، بل أن تبني اقتصادها بنفسها. سوريا لديها فرصة استثمارية هائلة، وهذه الدول يمكنها، من خلال صناديقها السيادية، تنفيذ استثمارات واسعة في سوريا. هناك العديد من الفرص المتاحة لهم هنا.

المملكة العربية السعودية وقطر تحبان سوريا كثيرًا، وسارعتا إلى دعم الشعب السوري منذ اللحظة الأولى. نحن نناقش معهم مشاريع استثمارية كبرى لبناء البنية التحتية وخلق فرص عمل، وفي الوقت نفسه، تحقق لهم عوائد استثمارية من المشاريع التي ينفذونها.

الإيكونوميست: كما ذكرت، أنت بحاجة إلى رفع العقوبات، خاصة العقوبات المالية من أمريكا. هل تحدثت مع إدارة ترامب حول هذا الموضوع؟ وهل أنت واثق من أنهم سيرفعونها قريبًا؟

أحمد الشرع: إدارة ترامب تولت السلطة مؤخرًا، ولم يكن هناك أي اتصال بعد.

لكن نهدف في الأيام القادمة إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية بيننا وبين الولايات المتحدة. وإذا تحقق ذلك، فسنقدم اعتراضنا على استمرار العقوبات، وأعتقد أن الرئيس ترامب يسعى لتحقيق السلام في المنطقة، ورفع العقوبات يمثل أولوية قصوى.

الولايات المتحدة ليس لديها أي مصلحة في استمرار معاناة الشعب السوري.

الإيكونوميست: أنت تريد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا، لكن في الوقت الحالي، لا تزال هيئة تحرير الشام مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الأمم المتحدة.

هل يجب رفع هذا التصنيف قبل أن تتمكن من إقامة علاقات دبلوماسية؟

أحمد الشرع: أعتقد أن العديد من الأحداث غيّرت الواقع، وفي المؤتمر الأخير، كان هناك بند ينص على حل جميع الفصائل، بما في ذلك هيئة تحرير الشام. لكن ربما رأيتم فقط الزي العسكري في ذلك المؤتمر (مازحًا).

لذلك، هناك بند ينص على حل جميع فصائل الثورة السورية، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، مما يجعل التصنيف لا معنى له بعد الآن.

اليوم، وضعي هو رئيس سوريا، ولست هيئة تحرير الشام؛ لذا يجب أن تكون العلاقات بين سوريا وأمريكا، وليس بين هيئة تحرير الشام والولايات المتحدة.

الإيكونوميست: هناك تقارير تفيد بأن إدارة ترامب ترغب في سحب قواتها من سوريا. هل سترحب بذلك؟

أحمد الشرع: في ظل الدولة السورية الجديدة، أعتقد أن أي وجود عسكري غير قانوني يجب ألا يستمر. أي وجود عسكري في دولة ذات سيادة يجب أن يكون بموجب اتفاق معين، ولم يكن هناك أي اتفاق بيننا وبين الولايات المتحدة.

نحن نعيد تقييم الوجود العسكري الروسي حاليًا، وقد نتوصل إلى اتفاق معهم أو لا، ولكن بغض النظر عن ذلك، يجب أن يكون أي وجود عسكري بموافقة الدولة المضيفة.

الإيكونوميست: ماذا عن الإسرائيليين؟ لقد تجاوزوا نطاق منطقتهم العازلة. هل هذا وجود غير قانوني؟ وهل يجب عليهم الانسحاب؟

أحمد الشرع: بالطبع يجب عليهم الانسحاب.

هناك اتفاق تم توقيعه عام 1974 بين سوريا وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة.

في يومنا الأول في دمشق، أرسلنا إلى الأمم المتحدة لإبلاغهم بالتزامنا باتفاق عام 1974، وأننا مستعدون لاستقبال قوة الأمم المتحدة التي كانت في المنطقة العازلة، وهي قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF).

تم إجراء اتصال مباشر مع قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، وأعربوا عن استعدادهم لدخول المنطقة العازلة، ولكن يجب على القوات الإسرائيلية الانسحاب إلى الحدود التي كانت فيها قبل تقدمها الأخير حتى تتمكن قوات الأمم المتحدة من دخول المنطقة.

أما بالنسبة لما سنفعله، فكل الضغط الدولي يقف معنا، وجميع الدول التي زارت دمشق، والتي لم تزرها أيضًا، أدانت التقدم الإسرائيلي في المنطقة. هناك اتفاق دولي شبه كامل على أن هذا التقدم غير مشروع.

الإيكونوميست: الرئيس ترامب رجل ذو أفكار كبيرة. هناك تقارير اليوم تفيد بأنه يريد نقل سكان غزة إلى سوريا. يقول إنها منطقة واسعة وفارغة. هل ستقبل بذلك؟

أحمد الشرع: أعتقد أن لكل شعب الحق في البقاء في بلاده. لماذا يجب تهجير الناس؟

تهجير الشعوب جريمة كبرى يرفضها القانون. بالإضافة إلى ذلك، سوريا خرجت للتو من الحرب وتعاني من أعباء كبيرة. لا ينبغي إرهاق سوريا بمشاكل جديدة، لأننا بحاجة إلى سنوات طويلة لإصلاح إرث النظام الذي دام 60 عامًا، ناهيك عن إضافة مشاكل جديدة.

الإيكونوميست: إذا كان هناك تقدم نحو اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط، هل يمكنك تخيل تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟

أحمد الشارع: في الواقع، نحن نريد السلام مع جميع الأطراف، ولكن هناك حساسية كبيرة تجاه إسرائيل في المنطقة، خاصة بعد الحروب الكبرى التي وقعت، واحتلالهم لمنطقة سورية، وهي الجولان، منذ عام 1967.

نحن دخلنا دمشق منذ شهرين فقط، وهناك العديد من الأولويات أمامنا، لذا من المبكر جدًا مناقشة مثل هذا الأمر، لأنه يتطلب توافقًا واسعًا داخل الرأي العام.

كما أنه يتطلب العديد من الإجراءات والقوانين للنظر فيه، وبكل صراحة، لم نفكر في هذا الأمر بعد.

المصدر: الإيكونوميست /  صفحة أيمن عبد النور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى