كلمة السر تأتي من طهران، لكنها اليوم غير الأمس

معقل زهور عدي

لنترك قليلا التفاؤل والتشاؤم ودعونا نتأمل فيما يحدث أمامنا. حزب الله سيخرج من الجنوب في أي اتفاق لوقف إطلاق النار إلى شمال الليطاني، لا أحد يشك في ذلك، أيضا سوف يتم تقييد تسليحه شمال الليطاني بواسطة الجيش اللبناني وآليات دولية يتم الاتفاق حولها وكذلك منع إعادة تسليحه.

وسواء تم ذلك بمرحلة واحدة وبموجب اتفاق شامل يوقعه حزب الله أيضا مباشرة أو بالنيابة عنه , أو بأكثر من اتفاق فذلك ما لا يتصور المرء أن اسرائيل ستتنازل عنه بعد كل ما جرى , وليست اسرائيل وحدها في ذلك بل الغرب كله والدول العربية , أما ايران فلم تعد في مركز يؤهلها لوقف ذلك المسار .

طيب …وماذا لو بقي حزب الله رافضا مثل ذلك الحل ؟

هذا يطرح سؤالا آخر : وهل بإمكان حزب الله تغيير موازين القوى بحيث يجبر اسرائيل على وقف الحرب والانسحاب دون أن تحقق أهدافها بتأمين الجبهة الشمالية بصورة دائمة وباتفاقات سياسية مع الدولة اللبنانية يخضع لها الحزب وبضمانات دولية ؟

وفي غزة مثلا راهن كثيرون على أن ايقاع الخسائر البشرية والخسائر في المعدات العسكرية وموضوع الأسرى وعدم مقدرة اسرائيل على خوض حرب استنزاف طويلة كل ذلك سيجبرها على الانسحاب وإطلاق سراح الآلاف من السجناء الفلسطينيين لكن ولنكن واقعيين فقد خسر من راهن ذلك الرهان .

وبالعودة لغزة فقد أوقعت حماس خسائر كبيرة نسبيا بالجيش الاسرائيلي ودمرت المئات وربما أكثر من الدبابات والآليات , واستطاعت الاحتفاظ بالأسرى ( معظمهم ) ومع ذلك لم يوقف ذلك الحرب على غزة , ولم يجبر اسرائيل على الانسحاب حتى بعد أكثر من عام .

لنعد الآن لحزب الله ولنقارن بين الخسائر التي يتكبدها في الجنوب وتدمير بنيته التحتية وتدمير البلدات والقرى وتهجير مليون ونصف المليون أقول لنقارن ذلك بما يوقعه من خسائر بالجيش الاسرائيلي وهي محدودة ولاتقاس بالخسائر التي أوقعتها حماس في غزة , فكيف بهكذا مسار أن يوصل حزب الله إلى فرض ارادته بانسحاب الاسرائيلي ووقف الحرب دون اتفاق سياسي يقبله نتنياهو بعد انهيار ميزان القوى لصالح اسرائيل كما هو واضح حتى الآن ؟

يمكن لحزب الله أن يرفض أي مشروع اتفاق سياسي , وهذا سيؤدي لتعطيله , لكن ثم ماذا ؟ وكل يوم تقصف اسرائيل في الجنوب والبقاع وصور وصيدا والضاحية , وكل يوم يزداد عدد النازحين , ولا يقدر من ترك بيته على العودة ؟

يعرف الجميع أن كلمة السر ستأتي من طهران , لكن طهران اليوم غير طهران الأمس , وهي حين تؤخر وقف إطلاق النار ربما لاستخدامه ورقة نفاوضية , تغامر بحدوث انشقاق في حزب الله وابتعاد حاضنته عنه مرة واحدة .

فالثمن الذي تدفعه تلك الحاضنة اليوم قد أصبح فادحا , وبقاء الوضع على ماهو عليه أكبر من تحمل أي شعب خاصة بعد أن فقد قائده التاريخي .

هذا هو وضع لبنان الآن , وقف إطلاق النار ثمنه عقد اتفاق سياسي شامل , اتفاق لايعني سوى هزيمة تامة لحزب الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى