لواء صقور الشمال يرفض تسليم سلاح الثورة

منهل باريش

 أعلنت الجبهة الشامية أبرز فصائل الشمال السوري، في بيان مقتضب للغاية يوم الثلاثاء، ترحيبها بانضمام «لواء صقور الشمال إلى صفوف الجبهة الشامية» واتخذ القرار «بناء على المصلحة العامة للثورة السورية وحرصا منا على توحيد الصفوف». وانتشرت بالتزامن صورة في مقر الجبهة الشامية تجمع قائدها عزام غريب أبو العز وحسن حاج علي المعروف باسم «حسن خيرية» وهو بوافر الصحة، بخلاف ادعاءات وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة التي أشارت إلى مرض «خيرية».

واعتبر قرار الانضمام رفضا صريحا – رغم عدم الإشارة – لقرار وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، العميد الطيار حسن حمادة، القاضي بحل فصيل صقور الشمال.

وأصدرت وزارة الدفاع المعارضة بيانا الثلاثاء، نوهت من خلاله إلى أنها «تقدر التضحيات الغالية والجليلة التي بذلها شعبنا السوري الحر وجيشنا الوطني السوري بجميع مكوناته ووحداته العسكرية منذ انطلاق الثورة السورية العظيمة، ونود أن نعبر عن امتناننا لفصيل صقور الشمال الذي قدم إسهامات مهمة وفعالة في سبيل تحقيق أهداف الثورة السورية».

وذَكّر البيان بعملية «إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري وفق خطة إصلاحية شاملة مستمرة منذ عامين» حيث تجري الآن «إعادة توزيع المهام والوظائف الموكلة لبعض الوحدات العسكرية حسب ما تستدعيه المتطلبات الميدانية خلال هذه المرحلة».

وبهدف جعل «القوة العسكرية للثورة أكثر فاعلية وكفاءة، تم حل فصيل صقور الشمال، وسيتم تكليف القوى البشرية والمعدات العسكرية واللوجستية التابعة للفصيل ضمن مؤسسات وفصائل مختلفة في الجيش الوطني السوري».

و»كلف وزير الدفاع نائبه العميد عدنان الدياب، قائداً عاماً لفصيل صقور الشمال، بشكل مؤقت، وذلك بسبب إصابة قائد الفصيل حسن خيرية بوعكة صحية» حسب نص البيان، وهو ما تنفيه الصورة المشتركة التي جمعت «خيرية» وغريب. ونفته كذلك صورة ليلية لقيادات «صقور الشمال» في منطقة عفرين نشرتها حسابات مقربة تدلل على استنفار القيادة وجهوزيتها في حال مهاجمتها من «القوة المشتركة» التي تضم فرقتي الحمزة وسليمان شاه.

وفي تفاصيل الخلاف بين «صقور الشمال» ووزارة الدفاع ومن خلفها المسؤولين الأتراك، علمت «القدس العربي» من مصدر قيادي في الفصيل العسكري، أنه «جرى الضغط على حسن خيرية من قبل المسؤولين الأتراك على مراحل، حيث طالبوه قبل أسبوعين، بوضع قائد جديد للفصيل عوضا عنه، وهو الأمر الذي لم يعارضه على اعتبار أن الفصيل من أشد الفصائل تماسكا ولا يرغب بالصدام مع الجهاز». وأضاف المصدر أن خيرية «طلب وقتا للرجوع إلى قيادة المجلس العسكري للتشاور وتسمية قائد جديد».

وقبل أيام، دعا مسؤولو الملف السوري في جهاز الاستخبارات التركية قائد «الصقور» مجددا وأبلغوه بقرارهم المتخذ وهو «حل لواء صقور الشمال وتسليم سلاحه إلى حرس الحدود والشرطة العسكرية» وبخصوص عناصر اللواء أشار المسؤولون أن امامهم خياران «الذهاب إلى منازلهم أو الانضمام إلى الفصائل بشكل فردي».

وعلق القيادي في اتصال مع «القدس العربي» على المطالب التركية بأن صقور الشمال «فصيل تأسس بزمن الجيش الحر ورفع علم الثورة السورية العظيمة ولا يحق لأي جهة اتخاذ قرار بحله سواء داخلية أو خارجية». وزاد القيادي «قاتل الصقور داعش وحزب العمال الكردستاني وقدموا مئات الشهداء وسلاح الفصيل هو سلاح الثورة والهدف منه هو قتال النظام، ولا يوجد عاقل يسلم سلاحه في حرب». وختم بأن صقور الشمال «ضحى بنحو 400 شهيد منذ تشكيله، ويضم 3400 مقاتل.. كيف يمكن أن تقول لهم اذهبوا لبيوتكم!». ومن المعروف أن صقور الشمال ضحت بنحو 200 من عناصرها في حربها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» خلال معركة درع الفرات 2016-2017 إلى جانب الجيش التركي بينهم أحمد حاج علي «أحمد خيرية» قائد صقور الشمال السابق، وهو الشقيق الأكبر للقائد الحالي.

وفي سياق الضغط على صقور الشمال، حصلت «القدس العربي» على صور لقرارات «إذاعة بحث» لعدد من عناصر وقادة «صقور الشمال» صادرة عن فرع الشرطة العسكرية في بلبل بمنطقة عفرين، وموقعة باسم رئيس الفرع، يخاطب فيها إدارة الشرطة العسكرية من أجل تعميم «إذاعة البحث» على باقي أفرع الشرطة العسكرية، والنشرات موقعة بتواريخ مختلفة ابتداء من شهر نيسان (ابريل) وصولا إلى ايلول (سبتمبر) الجاري. وطالب أشخاص هم سعيد السعيد وأبو الحكم الخطيب ومصطفى فروع وآخرون، ومن الواضح أن اثارتها في هذا الوقت هو في سياق زيادة الضغط على «صقور الشمال». وذيلت طلبات «إذاعة البحث» انه «في حال إلقاء القبض عليهم إحضارهم وذلك لضرورة التحقيق».

من جهة أخرى نفى مدير المكتب الإعلامي في «الجبهة الشامية» مالك الأحمد وجود صدام بين «الشامية وأي مكون داخل الجيش الوطني» واعتبر الاستنفار الحاصل «طبيعيا نتيجة ضم لواء صقور الشمال» ووصف ضم «الصقور» إلى «الجبهة الشامية» بأنه «جاء من منطلق ثوري والحفاظ على فصائل الثورة».

وفي محاولة حل الخلاف، دعا مسؤولو الجهاز التركي قيادة الجبهة الشامية لاجتماع طارئ، ظهر الجمعة لمحاولة البحث عن مخرج للخلاف الحاصل، وعلمت «القدس العربي» من قيادي في «الجبهة الشامية» أن وفدا يتكون من أربعة أعضاء هم أبو علي سجو والقائد السابق للجبهة أبو أحمد نور وأبو البراء دابق وأبو عمار حنورة حضر، وانتهى الاجتماع في حوار كليس بدون التوصل إلى نتائج واضحة.

والجدير بالذكر أنه وضمن التوجه التركي لضبط الفصائل، ألزمت أنقرة في آب (اغسطس) لواء الشمال بالانضمام إلى فرقة «السلطان مراد» التي يقودها فهيم عيسى وهو أشد القادة التركمان قربا من أنقرة وأخلى لواء الشمال مقراته في منطقة عفرين وسلمها للفرقة التاسعة.

وبالمقابل أخلت الفرقة التاسعة التي يقودها النقيب عبد الناصر المحمد أبو جلال مقراتها في قطاع جرابلس بريف حلب الشرقي لصالح لواء الشمال، حيث انضمت التاسعة إلى «فيلق الشام» (الذراع العسكري للإخوان المسلمين السوريين) وتسلمت مقرات لواء الشمال في منطقة عفرين.

وتسعى أنقرة إلى هندسة المنطقة عسكريا من خلال إجبار الفصائل الصغيرة على الاندماج الكامل بالفصائل الكبرى وتقسيم نفوذ المناطق الثلاث التي تسيطر عليها، من خلال تسليم منطقة عفرين إلى «القوة المشتركة» و«فيلق الشام» وتسليم ريف حلب الشمال والشرقي لفصيلين فقط هما «الجبهة الشامية» وفرقة «السلطان مراد» فيما من المفترض أن تولي أمور منطقة عملية «نبع السلام» في الرقة والحكسة لحركة التحرير والبناء التي يقودها أحمد الهايس «أبو حاتم شقرا».

ومن المتوقع أن تقوم تركيا بفرض دمج الفصائل الصغيرة بالفصائل الكبرى المذكورة أعلاه أو حلها بشكل نهائي على غرار القرار الصادر بحق «صقور الشمال» ومن الفصائل المتوقع دمجها سمرقند والنخبة وفيلق الرحمن والمنتصر وفرقة المعتصم.

ويعود توتر العلاقة بين الجبهة الشامية ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى إلى مطلع ايلول (سبتمبر) الحالي، حيث علقت الجبهة الشامية وهي أقوى فصائل الجيش الوطني علاقتها مع الحكومة المعارضة إلى حين «تشكيل حكومة رشيدة ترقى إلى شرف تمثيل الشعب السوري الحر وثورته العظيمة». وأتى قرار الشامية بعد اتهامات مصطفى للجبهة الشامية بسرقة أموال معبر باب السلامة تارة واتهام أهالي إعزاز أنهم معقل الفوضى والشغب.

ومن ذات السياق يمكن فهم الاعتراض غير المعلن على قرار حل لواء صقور الشمال من قبل وزارة الدفاع في الحكومة، ويعتبر رفضا لفرض الاملاءات على الجبهة الشامية بما فيها من الجانب التركي.

ان طلب أنقرة من فصيل بحجم وسيرة صقور الشمال، أن يحل نفسه ويسلم سلاحه يشير إلى أن الإداريين الأتراك لم يفهموا أسباب وتداعيات انتفاضة الأول من تموز (يوليو) الماضي في الشمال السوري ضد النفوذ والتواجد التركي، وهو ما يتطلب مراجعة عميقة لفهم حقيقة وطبيعة ذلك التواجد. وينبأ بعدم مقدرة في التمييز بين الفصائل التي نشأت من رحم الجيش الحر وتلك التي أسستها أنقرة لتقاتل كمرتزقة إلى جانبها في حروبها الخارجية أو لتنفذ أجندة الحل السياسي على طريقة مسار أستانا والتي تقبل بالاندماج بصفوف جيش النظام السوري بضمانات روسية.

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى