اتفاق جديد حول إدلب من المرتقب أن يُكشف عن كافة تفاصيله خلال الأيام المقبلة بين تركيا وروسيا، ويبدو أن بعضا من التفاصيل التقنية ينتظر أن يتفق عليها بين الجانبين.
ورغم الخلاف الذي كان حاصلا بين أنقرة وموسكو وظهر بشكل جلي إثر التصعيد الروسي على إدلب خلال الأيام الماضية، إلا أن اللقاء الذي حصل يوم أمس بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في مدينة أنطاليا التركية، عطّل من مفاعيل النقاط الإشكالية بين البلدين حول ملف الشمال الغربي من سوريا.
التوافق المبدئي الذي بدا واضحاً في تصريحات الوزيرين يوم أمس حول شكل الاتفاق في إدلب وتأسيس منطقة “خالية من التواجد العسكري” في منطقة منها، قد يصبح نافذاً على حدودها في اجتماع “أستانا” المفترض انعقاده خلال الأسبوع المقبل.
أمس الأربعاء، أعلن وزير الخارجية الروسي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي، اتفاق الجانبين على تشكيل منطقة منزوعة السلاح في إدلب. لم يوضح الوزيران تفاصيل “المنطقة الخالية من الوجود العسكري”، وما إذا كانت ذاتها “الممر الآمن” الذي تم الاتفاق عليه في اجتماع موسكو (آذار 2020)، إلا أن الباحث السياسي، زكريا ملاحفجي، رجح خلال حديثه لـ “روزنة” أن يشمل الاتفاق كل المنطقة التي وصل إليها النظام السوري خلال حملته العسكرية مطلع العام الماضي.
وأضاف بأن التوافق المبدئي على تلك المنطقة حاصل، إلا أن تثبيت التفاهمات سيتم في اجتماع “أستانا” المقبل. وتابع “قبل لقاء الوزيرين كان هناك حالة تصعيد عسكري ما بين الروس و الأتراك على الأرض بشكل غير مباشر. اللقاء كان مهماً بعد تصعيد بين الطرفين”.
لافروف أكد بأنه بحث مع نظيره التركي مستجدات الوضع في سوريا، و أن بلاده كانت ولا تزال تنطلق من الحرص على الحل السياسي للأزمة في سوريا.
من جهته، قال جاويش أوغلو “سنواصل العمل مع روسيا لاستمرار الهدوء في الميدان من أجل العملية السياسية بسوريا”.
الصحفي إبراهيم العلبي، اعتبر خلال حديثه لـ “روزنة” بأن تصريحات لافروف الأخيرة لا تتضمن اتفاقا جديدا بقدر ما تشير إلى مساعي موسكو لإحياء الشراكة مع أنقرة، والتي نجم عنها سلسلة اتفاقيات وأعمال مشتركة على الأرض، بينها مذكرة تفاهم موسكو التي لم تنفذ بكافة بنودها على أرض الواقع.
وتابع “كل الاتفاقات السابقة بين روسيا وتركيا بخصوص إدلب لم تنفذ بصورة كاملة، أو لم تنفذ بصورة مرضية لأي منهما على الأقل”.
ولفت إلى إمكانية كلا الجانبين (الروسي والتركي) بتنفيذ أي اتفاق من أي نوع في ادلب وغيرها لأن كل منهما يملك سلطة ونفوذا كافيين على الأرض، إلا أن الذي يمنع تحقيق الاتفاقيات هو غياب الجدية من جهة، و تعامل كل طرف مع الطرف الآخر على أنه خصم وشريك في آن واحد، بحسب تعبيره.
الكاتب الصحفي، أحمد مظهر سعدو، أشار إلى اتضاح ملامح منطقة امنة جديدة، غير أنه نوه في الوقت ذاته بأن إمكانية التنفيذ الفعلي على الأرض مرهونة روسيا و النظام السوري، وكذلك المصالح المتحركة بين الروس والأتراك في أماكن أخرى بعيدة عن سوريا.
وتابع في السياق ذاته “علاوة على أهمية التفاهمات التجارية والسياحية بين الطرفين، حيث يتم الاجتماع في انطاليا القبلة الأولى للسياحة الروسية إلى تركيا، وهي التي تدر الكثير من المال على الخزينة التركية”.
فيما اعتبر سعدو أن الاتفاقات التي ترعاها روسيا عمرها قصير وغير قابلة للاستمرار لفترة طويلة، فضلا عن التداخلات بينها وبين تحركات ومصالح أخرى مع الإيرانيين، وأيضا الأميركان الذين ما يزالون ينتظرون تفاهمات جديّة مع الروس، بحسب تعبيره.
ورأى أن ما يمكن أن يساعد في انجاز الاتفاق بين موسكو وأنقرة هو حاجة الروس إلى نتائج براغماتية تعود بالفائدة على الاقتصاد الروسي الآيل للانهيار.
وختم بالإشارة إلى إمكانية حصول توافق جديد بين روسيا وتركيا في الشمال السوري، إن باركته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وإن كان ضمن إطار مسار “أستانا”.
وكان من ضمن اتفاق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا الذي توصل له الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في آذار 2020، تسيير دوريات على الطريق الدولي حلب – اللاذقية (M4) مع إنشاء ممر آمن بمسافة ستة كيلومترات شمال الطريق، ومثلها جنوبه، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ على أرض الواقع.
وكانت روسيا أعلنت أن أوائل شهر تموز الحالي سيكون موعد الجولة الجديدة من مفاوضات “أستانا” حول سوريا، التي تستضيفها العاصمة الكازاخية، نور سلطان (أستانا سابقاً).
وبحسب ما نقل موقع قناة “روسيا اليوم” عن صحيفة “زفيزدا” تصريحات نائب رئيس إدارة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، اللواء ياروسلاف موسكاليك، نهاية شهر حزيران الفائت، مؤكداً عقد الجولة الجديدة بين يومي الـ 6 و الـ 8 من تموز.
المصدر: روزنة