التقى رؤساء مجموعة العشرين المالية مطلع الأسبوع الحالي وتعهدوا “باستخدام جميع أدوات السياسة المتاحة لحماية حياة الناس ووظائفهم ودخلهم” في الوقت الذي تستمر جائحة كورونا بإلحاق الأذى بالاقتصاد العالمي.
ولكن السعودية التي تعد من أكبر الاقتصادات العربية، ستواجه تحديات كبيرة من أجل الحفاظ على الوظائف والاستمرار بخطة “رؤية السعودية 2030″، خاصة في ظل التوقعات بانكماش الاقتصاد بنسبة 6.8 في المئة هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي.
الرياض كانت قد تعهدت بحماية اقتصادها مع تكثيف التعاون الدولي خلال اجتماعات مجموعة العشرين.
ورغم حالة عدم اليقين التي تسيطر على العالم بسبب جائحة كورونا، إلا أن وزير المالية السعودي محمد الجدعان قال لشبكة “سي أن بي سي” “إنه متفائل” في المستقبل، خاصة بعدما تجاوزت السعودية أزمات نفطية كانت أسوأ في الماضي.
وأكد أن المملكة تراقب ما يحدث في العالم، حيث يبحث الجميع عن طرق لدعم الانتعاش الاقتصادي والبحث عن آليات لضمان تعزيز مرونة النظام المالي.
وحول الجدل بشأن إعادة فتح الدول والاقتصادات وعودتها للعمل بشكل طبيعي، قال الجدعان “إننا بحاجة لتوخي الحذر لأن حياة الناس وسبل عيشهم هي ما يهم”.
التقرير يرجح أن تستنزف دول مجلس التعاون الخليجي احتياطاتها البالغة تريليوني دولارا بحلول عام 2034
عصر النفط “ينتهي قريبا” في العالم العربي
توقع تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية قرب انتهاء عصر النفط في الدول العربية، التي تشهد أزمة غير مسبوقة نتيجة انخفاض أسعار الخام الناجم عن تداعيات جائحة كورونا.
وقلل الجدعان من التوقعات بانكماش الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن جميع الدول ستشهد نموا سالبا، ولكنها ستكون بأقل مما يتوقعه صندوق النقد الدولي، خاصة وأن المؤشرات على عودة الانتعاش بشكل متدرج بدأت تظهر، ويتوقع أن تتحسن الأرقام في الربع الثالث من العام الحالي.
أسوأ تراجع
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجعا في النمو الاقتصادي إلى أدنى مستوياته منذ 50 عاما، محذرا من أزمة اقتصادية، حيث سنشهد ارتفاعا في معدلات الفقر والبطالة، ما قد يؤجج الاضطرابات الاجتماعية ويزيد عجز الميزانيات وارتفاع الدين العام، وفق وكالة فرانس برس.
ويقدر الصندوق أن تنكمش اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 5.7 في المئة هذا العام، بانخفاض عن توقعاته في إبريل. وقد تنكمش اقتصادات دول تشهد نزاعات بنسبة 13 بالمئة.
ومن المتوقع أن تنكمش الاقتصادات المعتمدة على الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 7.1 في المئة.
ويشير الصندوق إلى أن الدول المصدرة للنفط في المنطقة ستخسر نحو 270 مليار دولار من عائدات الطاقة.
كما حذر تقرير صندوق النقد من أن التراجع المحتمل في العمالة الوافدة، التي تشكل أكثر من 70 في المئة من القوى العاملة في بعض البلدان المصدرة للنفط، سيؤثر على إعادة إحياء الاقتصادات في هذه الدول.
ويعمل حوالي 25 مليون مغترب في دول الخليج العربية الست، ويشكلون نحو نصف أعداد سكان هذه الدول وهي السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر.
وتوقعت “أكسفورد إيكونوميكس” في مايو أن ينخفض التوظيف في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 13 في المئة هذا العام، مع فقدان نحو 1.7 مليون وظيفة في السعودية و900 ألف في الإمارات.
انكماش عالمي
وعلى الصعيد العالمي، قال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إنه يتوقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 4.9 في المئة هذا العام بسبب انكماش أعمق مما كان متوقعا خلال مرحلة الإغلاق.
وهذه النسبة أسوأ من 3 بالمئة وردت في تقديراته التي صدرت في أبريل في أوج انتشار فيروس كورونا المستجد، وقال فيها إنها أسوأ أزمة يشهدها العالم منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.
وقالت كريستالينا جورجيفا، مديرة الصندوق، في بيان “بالنظر الى استمرار تأثيرات وباء كوفيد-19، فإن الاقتصاد العالمي يواجه انكماشا عميقا هذا العام، ويتوقع تحقيق تعاف جزئي ومتفاوت عام 2021”.
وأضافت “نحتاج إلى أن نتحد لمساعدة الدول الأكثر فقرا والاقتصادات الأكثر ضعفا، خاصة تلك التي تعاني من ديون مرتفعة، لقد كانت مبادرة تعليق سداد الديون التي قامت بها مجموعة العشرين جديرة بالثناء، وآمل أن ينظر في تمديدها”.
وحذر الصندوق في 24 يونيو من أن “هذه الأزمة ليست كغيرها”، مشيرا إلى أنها أشد مما كان متوقعا والانتعاش كذلك سيكون أكثر بطئا مما كان متوقعا.
والشهر الماضي قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن إجراءات الحد من الوباء تسببت بانخفاض قياسي بنسبة 3.4 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات مجموعة العشرين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020.
وتسعى أكبر 20 دولة صناعية في العالم للدفاع عن اقتصاداتها التي أصابتها إجراءات الحد من انتشار الفيروس في الصميم، وسط توقعات بتفاقم الركود الاقتصادي.
تمديد الديون
وتواجه 73 دولة من الدول الأكثر فقرا، تحديا بدفع 34 مليار دولار حتى نهاية العام، وفق دراسة لمنظمات “أوكسفام” و”كريستشان آيد” و”غلوبال جاستيس ناو”.
فيما أعلنت مجموعة العشرين النظر في توسيع مبادرة تعليق خدمة الدين للدول الفقيرة المتأثرة بفيروس كورونا في النصف الثاني من عام 2020.
وكانت الدول الصناعية العشرون أعلنت في أبريل تعليق سداد الديون لمدة عام للدول الأكثر فقرا.
عجز في دول الخليج
وبعيدا عن مجموعة العشرين، توقعت وكالة ستاندرد أند بورز، الإثنين، أن تراكم دول الخليج الغنية بالطاقة عجزا بقيمة 490 مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة بسبب انخفاض أسعار النفط وتأثير فيروس كورونا المستجد.
وتوقعت وكالة التصنيف العالمية في تقرير أن يبلغ العجز في موازنات دول مجلس التعاون الخليجي الست نحو 180 مليار دولار هذا العام فقط.
وأشارت إلى أن السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، ستتحمل 55 في المئة من مجمل العجز في منطقة الخليج، تليها الكويت مع 17 في المئة ثم أبو ظبي مع 11 في المئة.
واستندت الوكالة في تقديراتها إلى سعر برميل النفط العادي، الذي وصل إلى 30 دولارا هذا العام، والذي من المتوقع أن يرتفع ليصبح 55 دولارا بحلول 2022، بحسب التقرير.
ونتيجة لذلك، زادت احتياجات التمويل الحكومي في دول مجلس التعاون، السعودية والإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والسعودية، بشكل كبير هذا العام.
وقال التقرير “نتوقع أن يرتفع إجمالي الدين الحكومي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى حجم قياسي بنحو 100 مليار دولار في عام 2020 وحده”.
وأضافت الوكالة “بناء على توقعاتنا للاقتصاد الكلي، نتوقع مزيدا من التدهور في موازنات دول مجلس التعاون حتى عام 2023”.
المصدر: الحرة نت