قراءة في رواية: السلطان سليمان القانوني سيد العصر الرائع

أحمد العربي

السلطان .”سليمان القانوني سيد العصر الرائع”. هذه الرواية الثالثة للكاتب أوقاي ترياقي أوغلو التي نقرأها عن السلطان العثماني سليمان القانوني. وفي كل منها تغطية لمرحلة وجانبا من عصره الممتد. فسليمان القانوني. هو بحق يمثل المرحلة الاكثر تقدما ونجاحا وامتدادا في الخلافه العثمانيه… .الرواية تغطي من عام 1528الى 1550 للميلاد. وهي على نسق الروايات السابقه تستحضر التاريخ. عبر تداخل رائع بين الذاتي الشخصي والتاريخي والاجتماعي لذلك العصر. ومن خلال اشخاص مركزيين وفاعلين. اضافة للسلطان سليمان. لدينا وهيمي جلبي رئيس الهلال الحديدي كجهاز استخبارات وعمليات سريه عند السلطان سليمان. وابراهيم فرغالي الصدر الاعظم وصديق عمر السلطان سلمان وزوج اخته القوي. وزوجة السلطان حرم القويه وام اغلب اولاده. المتدخله في كل امور الحكم ولها رأيي وحضور في كل شيئ.. سليمان السلطان الممتده دولته من آسيا الوسطى لتصل لمكه والمدينه وشمال افريقيه. والمتغلغله في عمق اوربا والحاضره بكل قوة في البحر المتوسط.. على المستوى السياسي الداخلي. كانت معاناة سليمان من مشكلة جيشه الكبير. وحاجته دائما للحروب ليحصل على غنائم لجيشه وللسلطنه. واوقات السلام كانت سيئة على الجيش والحكم. و اراضيهم بإنتاجها الزراعي غير كافية لسد حاجات الناس والدوله. وكان نظام العشر المعتمد في الدولة كنظام تشغيل في ارض السلطنه الغير مملوكه (العشر للدوله والباقي للمستثمر). كان نظاما مخترقا يتم التلاعب به عبر الفساد بين الزراع و ممثلي السلطنه. وكانت بداية مشكلة انزياح التجارة عن طريق الحرير. ليأخذ المسار البحري عبر طريق رجاء الصالح. وبهيمنة الاروبيين البرتغال والاسبان بشكل اساسي على الطرق البحريه. وهذا ادى لمشاكل اقتصاديه. فالتجارة تدر ربح للسلطنه افتقدته. وكذلك الجرح النازف على خاصرة السلطنه الشرقيه. ممثلا في الدولة الصفويه. في بلاد فارس. ممثلة في الشاة اسماعيل ومن بعده ابنه طهماسب. والصراعات الدائمة معهم. والحملات المتتالية التي لم تستطع ان تحسم المعركة. ففي كل مرة يواجه بها طهماسب ينسحب الى العمق الفارسي. وسرعان مايعود مادا جذورة في اطراف السلطنة العثمانيه. وكانت آخر حملة قام بها السلطان بقيادة ابراهيم الفرغالي صديقه. والتي انتهت بالسيطرة على تبريز. ومن ثم بغداد وتوصلوا للبصرة ليعيدوا الحياة لطريق الحرير. وصنعوا معاهدات مع طهماسب. ولكن لا ثقة به وبطموحاته في السلطنة العثمانية والتمدد فيها وعلى حسابها.. ومن جهة الغرب فالاوربيين رغم تشتتهم فهم متفقون بين بعضهم على السلطنة العثمانية. فرغم كون الفرنسيين حليف شبه دائم للسلطنه لكنهم مستفيدين منها وغير مفيدين لها عندما تحتاجهم. واغلب الاوربيين ينتقلون بتحالفاتهم بين عشية وضحاها حسب موازين القوى والمصالح.. سليمان ادرك اهمية البحر المتوسط وعمل ليكون القوة الاكبر به. وادرك ضرورة التمدد ليصل الى بحر العرب. واستعان بالقبطان خير الدين بربروس حاكمه على تونس. وعمل على خلق اكبر اسطول وخاض اكبر المعارك. لتكون السلطنه اقوى القوى في المتوسط. وكان الاوربيين وخاصة الاسبان والبرتغاليين والبنادقه. امتدوا الى الامريكيتيين. وحصلوا منها الغنائم والذهب وجلبوه ليكون قوة منافسة للعثمانيين. وسليمان بدأ معركة برية وبحريه مع الاوربيين. ليمتد واصلا الى فيينا التي لم يستطع فتحها. لكنه توسع بكثير من الموانئ. ودمر اغلب القوى البحريه المنافسه. بقيادة برباروس ومعه مجموعة من القباطنه المتمرسين. كان يدرك انه اصبح متخلفا عن الاوربيين في السلاح. وقرر ان يعرف ما يصنعوه ليجاريهم. لم يدرك ان معركة المستقبل هي العلم. وما يقدم على خلق قدرة عسكرية متفوقه وكذلك صناعية وتجاريه. كانت موارده محدوده. وموارد الاوربيبن تتوسع عبر الامريكيتين وطريق البحر الى الهند والبحار جميعا.. كان يستشعر الخطر رغم كونه في ذروة مجده… واسوأ ماعاشه صراع مجموعته المركزيه حوله بين بعضهم.. زوجته حرم ترى بابراهيم البرغالي صديقه ووزيره الاعظم وقائد جيوشه. رجلا لا يستحق الامانه. وانه ينتظر الفرصة المناسبة لينقض على السلطان وينصب نفسه مكانه. والسلطان لا يوجد لديه دليل ويخاف الظلم. وابراهيم نفسه يعيش وجوها مختلفه. فهو متهما بمحاولة تسميم حرم واولادها. ويتصرف وكأنه السلطان ويصنع مجده المالي الخاص عبر بعض صفقات الفساد. وعبر نهب بعض مخصصات العسكر.. يستمر الصراع ويراقبه السلطان ابراهيم طول الوقت. و يساعده بذلك وهيمي جلبي رئيس الاستخبارات ورجله القوي و حليف حرم الاساسي.. وهيمي يتعقب ابراهيم بجهازة . وبتأكد من كثير من المعلومات. ابراهيم يدرك عداوة حرم وجلبي له ويحتاط دائما. ويعتمد على حلم السلطان ومحبته له. وعلاقة العمر بينهم.. ابراهيم عقل سياسي وعسكري واستراتيجي كبير.. ويد السلطان الاولى في كل الامور.. لكن السلطان يصل لمرحلة يتأكد من خيانة ابراهيم الفرغالي. فيرسل له الجلاد ليعدمه.. وهكذا يحصل. لكن السلطان يعيش حالة اكتئاب. فقد افتقد لابراهيم ولتعايشهم ومساراتهم الدائمة. واثر على اخته زوجة ابراهيم.. التي ماتت هي وولدها بعد موت ابراهيم بوقت قصير. وتركت في نفس السلطان جرحا لا يندمل.. ومع ذلك لم تنتهي محاولات حرم ان تأخذ ولاية العهد لابنها الاكبر محمد. متجاوزة مصطفى الابن الاكبر للسلطان. ولكن محمد يموت من المرض. وتستمر المؤمرات لخلق وقيعة بين السلطان وابنه مصطفى. ليستقر الامر لاولاد حرم في السلطنه بعد سليمان… وسليمان متنازع ببن كل هذه المحاولات ممن حوله. مسكون بهاجس السلطنه وتقويتها وامتدادها. يعمل مستعينا بوهيمي جلبي وبرباروس والقاده العسكريبن في البر والبحر.. وتستمر الفتن بين خاصته.. فلا يمر وقت دون اعدام احد قادته او وزرائه.  وتتوضح الصورة فحرم تتحرك لتملئ الصورة. باولادها وصهرها زوج ابنة السطان…

.هنا تنتهي الرواية..

.الرواية اوسع من ان تلخص. فهي تاريخ معاد بصيغة الرواية. وهي تعبر من الشخصي لابطالها صناع التاريخ في ذلك الزمان.السلطان ومن حوله. والبابا. وطهماسب شاه الصفويين. وقاده الدول الاوربيه ومقاطعاتها العده. وهي تنور بداية مرحلة التقدم الاوربي. الذي سيؤسس بعد حين لسيطرة اوربيه. ومن بعد اوربيه امريكيه. على العالم. بعد ان تزاح كل العقائد جانبا. الا كاستخدام بيد الاوربيبن. وندخل في مرحلة السيطرة المطلقه للمصالح. عبر القوة الماليه والعسكريه والتجاربه والصناعية. عابرة كل العالم بأسوأ صورها الوحشيه عبر الاستعمار والاستغلال واحتلال البلاد والشعوب.

.رواية تستحق القراءة.. فمن لا يعرف التاريخ وما حصل به. سيصعب عليه معرفة المستقبل واحتمالاته.. وسيكون من المستحيل عليه ان يكون من صناعه …

24.5.2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى