حول عقد المدينة ” مقتبس من كتابي “نقد كتاب علي عبد الرازق أصول الحكم في الاسلام ٨٨
في السنة الأولى للهجرة عقد الرسول مع يهود المدينة معاهدة أهم بنودها:
1 – “أن اليهود أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم” ، وفي هذه المعاهدة تعريف كل اليهود الموجودين في داخل المدينة المنورة بأسماء قبائلهم، يعني: يهود بني النجار، يهود بني حارثة، يهود بني ساعدة، يهود بني عوف ..الخ ..
والعبارة الأولى هامة للغاية ( أن اليهود أمة مع المؤمنين ) أي أن اليهود مع المؤمنين وفق أسس هذه المعاهدة يشكلون وحدة اجتماعية – سياسية ( أمة ) وهذا يطابق في المفاهيم الحديثة مصطلح ( الدولة ) فدولة المدينة التي وضعت المعاهدة دستورها ليست دولة المسلمين ولا دولة اليهود بل هي دولة مواطنة للمسلمين واليهود معا , فهي ترسي مبدأ دولة المواطنة التي تتسع لأديان ومذاهب مختلفة بحيث تتحدد علاقة الفرد فيها ( المواطن ) بالدولة بناء على ( الدستور ) أو كما كان في عصر النبوة ( المعاهدة ) .
2- ” أن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ” وهو شيء يشبه الادارة الذاتية لكل جزء من أجزاء الدولة .
3- أن الدفاع عن المدينة مسؤولية مشتركة للمسلمين واليهود معا , وهذا يؤكد أننا أمام دولة مواطنة واحدة لها نظام دفاعي واحد يشمل دفع تكاليف الحرب والمشاركة فيها ضد أي اعتداء خارجي .
تلك هي أهم بنود المعاهدة وتكفي تلك المعاهدة للاستنتاج بأن الاسلام لا يعادي دولة المواطنة، بل يقرها عندما يكون البلد متعدد الأديان، والعبرة هنا في الواقعة ذاتها ولا يغير من قيمتها ما حدث بعد ذلك من انهيار لتلك الدولة – المعاهدة.
في إعادة قراءة وتقييم لكتاب علي عبد الرازق “أصول الحكم في الاسلام” الاسلام لا يعادي دولة المواطنة، بل يقرها عندما يكون البلد متعدد الأديان، وعقد المدينة يعتبر أول وثيقة تحدد بنود دولة المواطنة.