بدأت، الخميس، انتخابات البرلمان الأوروبي التي تشمل كافة دول الاتحاد الأوروبي. ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها مؤشر للتوازنات السياسية الحزبية على مستوى شامل كما على مستوى كل دولة وما تستشرفه للانتخابات الكبرى لديها. ويتخوّف المراقبون من صعود لافت لأحزاب اليمين المتطرّف والتيارات الشعبوية في أوروبا قبل أشهر على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي يمكن أن تحمل من جديد دونالد ترامب، الذي تعتبره هذه التيارات ملهما لها، إلى زعامة الدولة التي تقود المنظومة الغربية.
يجدر التوقف عند الملاحظات والتطوّرات التالية:
– يشارك في هذه الانتخابات 450 مليون شخص في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 لاختيار 705 أعضاء للبرلمان الأوروبي الجديد.
– تجري الانتخابات على مدار 4 أيام. وقد بدأت الانتخابات في هولندا على أن تليها بقية دول الاتحاد حتى يوم الأحد تباعاً. وتعد هولندا من البلدان التي يتوقّع أن تتصدر الانتخابات فيها القوى القومية واليمينية المتطرفة وغيرها من القوى المشكّكة في جدوى الاتحاد الأوروبي.
– تتنافس أحزاب أوروبا على برامج انتخابية تتعلق بالأزمة الاقتصادية وحرب أوكرانيا والتعامل مع مخاطر المناخ وسياسات الهجرة. وهذه الانتخابات هي الأولى منذ أن غادرت بريطانيا رسميا الاتحاد الأوروبي بعد مفاوضات صعبة تلت استفتاء “بريكسيت” عام 2016.
– يعتبر البرلمان الأوروبي الهيئة التشريعية الوحيدة المتعددة الجنسيات المنتخبة شعبياً في العالم، حيث يختار المقيمون الأوروبيون المشرعين لتمثيل مصالحهم على مستوى الاتحاد الأوروبي. ويقرر أعضاء البرلمان الأوروبي القوانين التي ستطبق في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي – من التنظيم البيئي إلى الهجرة إلى السياسة الأمنية، فضلاً عن الموافقة على موازنة الاتحاد الأوروبي ومراقبة كيفية إنفاق الأموال.
– تشير استطلاعات الرأي عامة إلى تقدم أحزاب اليمين المتطرّف لدى أغلب الدول الأوروبية. وهي أحزاب تلتقي على رفض سياسات الهجرة المعمول بها لدى الاتحاد ويلقى خطابها بيئات انتخابية أوروبية حاضنة ردّا على عجز الأحزاب التقليدية، اليمينية واليسارية، عن توفير معالجات لأزمة الهجرة الجماعية غير القانونية الآتية من الجنوب.
– ستؤثّر نتائج هذه الانتخابات، إذا صحّت توقّعات تقدم التيارات المتطرّفة، على كثير من السياسات الأوروبية في مجال المناخ والهجرة كما في مجال السياسة الخارجية، وخصوصا تلك المتعلّقة بحرب في أوكرانيا والموقف من روسيا والعلاقة مع الولايات المتحدة، كما المسألة الفلسطينية وحرب غزّة.
– لا يقرّر البرلمان الأوروبي سياسة أوروبا مباشرة كونه لا يملك دستوريا صلاحيات واسعة في هذا الصدد. فالقرار يعود بشكل سيادي لحكومات وبرلمانات الدول الأعضاء التي تنسّق سياساتها الأوروبية من خلال المفوضية الأوروبية في بروكسل.
– من المحتمل أن تؤثّر هذه الانتخابات على هوية الرئيس المقبل للمفوضية. جدير هنا التذكير أن الاتحاد الأوروبي قد انقسم في الموقف من حرب غزّة، وخصوصا في الأسابيع الأولى لتلك الحرب، بحيث عبّرت الألمانية أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية عن موقف داعم ومتحيّز لإسرائيل على نحو يبتعد عن الموقف التقليدي للاتحاد الأوروبي. بالمقابل، عبّر عن تقليدية هذه السياسة الإسباني جوزيب بوريل، منسّق السياسة الخارجية للاتحاد، وقاد منذ بداية الحرب تحوّلا أوروبيا للاعتدال والدعوة إلى إنهاء الحرب ودعم قيام دولة فلسطينية.
– تسعى رئيسة المفوضية الحالية للفوز بولاية ثانية. ولضمان الرئاسة، يجب عليها ان تحصل على دعم أغلبية مؤهلة من قادة الاتحاد الأوروبي. لكن حتى لو اختيرت فون دير لاين من جانب زعماء الدول الـ 27، يبقى عليها الحصول على دعم البرلمان خلال الجلسة العامة في ستراسبورغ منتصف يوليو المقبل.
– يتمّ بعد إعلان نتائج الانتخابات تشكيل مجموعات برلمانية على مستوى أوروبا وتشمل النواب المنتخبين المنتمين إلى بلدان مختلفة. ويعد حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) الذي تتزعمه رئيسة المفوضية فون دير لاين أكبر مجموعة من هذا القبيل على مدى السنوات الـ 25 الماضية،
– بمجرد ظهور النتائج، وبدء البرلمان الجديد في التبلور، سيجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة غير رسمية لبدء عملية اختيار الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، وهو أقوى منصب تنفيذي في الاتحاد الأوروبي.
– انتعش اليمين المتطرّف في أوروبا إثر فوز حزب “إخوة إيطاليا” الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني في سبتمبر 2022. وقد قالت، عن بعد، قبل أيام في مدريد أمام مؤتمر لأحزاب اليمين المتطرف الأوروبي “نحن على أبواب انتخابات حاسمة”.
– حضر المؤتمر أيضا مارين لوبان، القيادية بحزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتشدد والمرشحة السابقة للرئاسة ضد إيمانويل ماكرون، وسانتياغو أباسكال، الذي يرأس حزب فوكس الإسباني وعدد آخر من قيادات اليمين المتطرًف في أوروبا.
– فاز اليمين المتطرف في الانتخابات في إيطاليا وهولندا، ويتصدر استطلاعات الرأي في فرنسا والنمسا وبلجيكا، وله حصة في حكومتي فنلندا وسلوفاكيا. ويتطلع هذا اليمين إلى الحصول على أكثر من 3 من كل 10 أصوات في الانتخابات الحالية للبرلمان الأوروبي ما يمكنه أن يصبح قوة كبرى وازنة مؤثّرة على قرار أوروبا.
– من المرجح أن يمتلك حزب الشعب الأوروبي الذي تتزعمه رئيسة المفوضية أكبر عدد من النواب في البرلمان الأوروبي، خاصة أنها قد تركت الباب مفتوحا أمام التحالف المشّكك في سياسات بروكسل طالما أنهم مؤيدون لأوروبا ومؤيدون لأوكرانيا ويؤيدون سيادة القانون.
– يضم هذا التحالف “إخوة إيطاليا” ويشمل أيضا حزب المعارضة الشعبوي اليميني في بولندا، وحزب القانون والعدالة، وحزب فوكس الإسباني، وحزب الفنلنديين بقيادة ريكا بورا ــ وهو جزء من الحكومة الفنلندية ــ وحزب الديمقراطيين السويديين بقيادة جيمي أكيسون، الذي يدعم الحكومة السويدية من دون أن يكون جزءا منها.
خلاصة:
- تمثّل الانتخابات البرلمانية الأوروبية استحقاقا مهما لفهم الخريطة السياسية في أوروبا بشكل أدقّ بما يتيح استشراف مستقبل الوجهات السياسية في الانتخابات داخل الدول الأعضاء. وهو أمر يوضح للعالم الخيارات الأوروبية المحتملة داخل ملفات العالم الساخنة.
- رغم أن استطلاعات الرأي تتحدث عن تقدم اليمين المتطرّف والتيارات الشعبوية غير أنه لا يمكن استبعاد مفاجآت قد تخرج من صناديق الاقتراع في اللحظات الأخيرة. لكن الأرجح أن يحتل تآلف من أحزاب اليمين المعتدل الحيّز الأول من المقاعد.
- نتيجة الانتخابات قد تؤثّر على موقف أوروبا لاحقا من الحرب في أوكرانيا والعلاقة مع روسيا والصين والموقف من حرب غزّة وقيام دولة فلسطينية.
- من المتوقع أن تحظى الألمانية أورسولا فون دير لاين بأغلبية تخوّلها البقاء في منصبها لولاية ثانية.
- صعود اليمين المتطرّف في البرلمان الأوروبي له دلالة خاصة إذا ما التقى مع احتمال فوز دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر المقبل.
المصدر: مركز تقدم للسياسات
هل سيحقق اليمين المتطرف بأوروبا قفزة نوعية بالإنتخابات البرلمانية الأوروبية؟ والتي يُنظر إليها كمؤشر للتوازنات السياسية الحزبية على مستوى أوروبا وعلى مستوى كل دولة لأن صعود أحزاب اليمين المتطرّف والتيارات الشعبوية في أوروبا قبل الإنتخابات الأمريكية يعكس وضع ونتائج هذه الإنتخابات. ، أي فريق “ترامب” .