مع تجدد العدوان الإسرائيلي على شعبنا العربي الفلسطيني في غزة ظهرت مجددا أصالة الشعب السوري فنسي معظم الناشطين والمدونين سخطهم على (العرب والعروبة) وتناسوا جراحاتهم النازفة وانبروا يترجمون مشاعرهم الأخوية الاصيلة تجاه اشقائهم بكتابات أدبية وشعرية وسياسية تفيض وفاء وشهامة . لكن بعض الاقزام التافهين من مدعي الانتساب لغزة وفلسطين وجدوها فرصة سانحة ليرفعوا من شأن بطولات ثوار غزة ويحطوا من شأن ثوار سوريا . ورغم تهافت منطق هؤلاء وتفاهته فإنه لا بد من تذكير الجهلة والسوقة إنه لا أحد يستطيع الحط من شأن الثورة السورية ولا من شأن ثوارها , ولا من الشعب السوري الذي يمن على جميع العرب ولا أحد منهم يمن عليه لا في الماضي ولا في الحاضر, لأن السوريين أقرضوا جميع إخوانهم العرب سلفا الكثير من العرابين وهم حين يتضامنون اليوم مع الغزاوية لا يفعلونه نتيجة نقص أو قصور أو انبهار بل نتيجة فطرة عربية اصيلة وغريزة عميقة في وعيهم وتكوينهم .
ومع أن بطولات ثوار غزة تسرنا وتبهجنا ونعتبرها مصدر الهام لنا في كفاحنا ضد نظام الأسد وحلفائه الفرس المحتلين لأراضي ثلاث بلدان عربية فإننا نتوجس خيفة وريبة من هذا التحالف العميق بين كتائب القسام والعدو الإيراني ونخشى أن يأتي يوم قريب ليكتشف اهل النوايا الحسنة أن سعادتنا بانتصارات ثوار غزة ستنقلب كابوسا حين نجد أن الفرس شركاء فيها وأن ثمنها هو تعزيز نفوذ ايران في الأراضي الفلسطينية , بصورة مطابقة لانقلاب سعادتنا السابقة بانتصارات حزب الله في جنوب لبنان كابوسا عندما وجدنا أن تلك الانتصارات كانت غطاء لاستبدال الاحتلال الإيراني لكل لبنان بالاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان !
ومن حقنا كثوار سوريين يحملون مشاعل العروبة والإسلام , وبعد كل ما لمسناه من عدوان الفرس وحلفائهم الشيعة العرب علينا واحتلالهم لبلدنا وللعراق ولبنان .. من حقنا – بل إنه من واجبنا – أن نرفض أي توسع لنفوذ العدو الجديد ايران كما رفضنا دائما ونرفض توسع العدو القديم إسرائيل . ونخشى أن يكون إشعال المواجهة في هذا الوقت بالذات بين غزة البطلة وإسرائيل تدبيرا إيرانيا بطريقة من الطرق هدفه تبييض وجه ايران الذي اسود بتدخلها في سوريا والعراق ولبنان وذلك بإظهار دعمها لثوار فلسطين .. أي مجرد حق يراد به باطل , كما فعل حزب الله عام 2006 .
ولكن في كل الأحوال وبصرف النظر عن أي موضوع ثانوي ستبقى الثورة السورية أعظم ثورات العرب المعاصرة وأكثرها قسوة وصعوبة ومرارة , ولا نقبل مزايدات عليها من اي تافه جهول مهما كان , بدليل أن ما قدمه شعب غزة حتى الان بعد اسبوع من بدء العدوان الصهيوني اقل من حصيلة يوم واحد من عدوان الأسد المجوسي على شعبنا السوري . وسنظل ندعم ثوار غزة ونقرضهم عربون الوفاء والشراكة العروبية , لأننا هكذا تعودنا وليس لأن ثوار غزة افضل منا أو أن قتالهم ضد الإسرائيليين أقدس من قتالنا ضد الاسد وحماته الفرس وعملائهم من العرب الذين خانوا العروبة وباعوها للإيرانيين .
17_ 07_ 2014
صفحة الراحل محمد خليفة على الفيسبوك