على مدار شهور طويلة كان حديث السوريين الأبرز هو موضوع زيادة الرواتب، خصوصاً للعاملين في القطاع العام، على أمل بتحسن وضعهم المعيشي ولو بجزء يسير فقط يعينهم على مواجهة الأزمات الاقتصادية المتراكمة التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام السوري.
وعملت وسائل إعلام النظام وشخصيات في “مجلس الشعب” التابع له على الترويج لزيادات مرتقبة في المعاشات منذ حادثة الزلزال المدمر ومجريات تطبيع بعض الدول العربية مع النظام السوري، إلا أن الزيادة التي أقرها رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد أكثر من 7 أشهر كانت مثيرة للسخرية والاستهزاء لدى كل من استطلع موقع “تلفزيون سوريا” آراءهم.
زيادة بنسبة 100%
وأصدر بشار الأسد، مرسوماً تشريعياً ينص على زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة والقطاع العام، من مدنيين وعسكريين، والمتقاعدين بنسبة 100%، على أن يبدأ العمل بذلك اعتباراً من أول شهر أيلول المقبل.
كما نص المرسوم على زيادة الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك، غير المشمولة بأحكام القانون الأساسي للعاملين بالدولة ليصبح الحد الأدنى 185940 ليرة سورية شهرياً.
وبالتزامن مع ذلك، كانت حكومة النظام قد أقرت رفع أسعار المازوت والبنزين والفيول والغاز السائل بنسب وصلت إلى حد 300 بالمئة.
وقالت هيفاء عمر، معلمة رياضيات في إحدى مدارس دمشق، إن زيادة الرواتب الجديدة هي دون المأمول والمتوقع بكثير، يعني الأسعار تتطلب زيادة تكون من 4 إلى 5 أضعاف وليس ضعفا واحدا.
هل الزيادة ذات جدوى؟
وأضافت لموقع “تلفزيون سوريا”، أن راتبي الجديد سيكون 210 آلاف ليرة سورية، هذا المبلغ لا يكفي إيجار بيت وأجرة مواصلات، خاصة إن ارتفعت أجرة المواصلات الآن.
وأشارت إلى أن كل زيادة راتب يكون في مقابلها زيادة بالأسعار لدرجة لا يمكن تحملها، وليس كل سوري لديه أحد في الخارج يرسل له مساعدة شهرياً.
من جانبه قال أبو شفيق، أحد المتقاعدين، “علينا أن نسأل سؤالاً واحداً هل هذه الزيادة مفيدة أم مجزية؟ كم يوما سيكفي الراتب قبل الزيادة وبعد الزيادة؟، إن كانت العائلة مكونة من 4 أشخاص، ويأكلون وجبتين باليوم فقط هل سيكفي الراتب لإطعامهم؟”.
وأضاف لموقع “تلفزيون سوريا” أن الراتب الجديد مع الزيادة لا يكفي ثمن بيض مقلي وخبز، بدون زيت وخضراوات وغاز وملح وشاي وسكر.
ولفت إلى أن مصروف اليوم الواحد في سوريا بأقل تقدير هو 50 ألف ليرة ضمن الكفاف والحياة الكريمة العادية، الناس في سوريا ستجوع ولن تتمكن خلال الفترة القادمة من إيجاد طعام لأطفالها.
وأكّد أن “الزيادة هي سخرية واستهزاء بالشعب يا ريتو ما زادها، يعني فوق كل تعتيرنا وفقرنا وحاجتنا، من المعيب أن نموت جوعاً لأننا لا يمكن أن نمد يدنا لأحد”.
إضراب وسائل النقل
وشهدت مناطق سيطرة النظام السوري إضراباً لوسائل النقل الخاصة بعد رفع النظام أسعار الوقود، ما أدى إلى حالة إرباك لدى الناس والطلاب في معظم المحافظات السورية.
وأدت تلك القرارات إلى صدمة في الشارع السوري، ما أدى إلى استيقاظ الناس على وقع إضراب سائقي السرافيس والتكاسي من إجراء طلبات النقل بين المدن والبلدات السورية في كل المحافظات انتظاراً لتحديد تعريفة الركوب الجديدة.
وحدثت فوضى مواصلات بمعظم المحافظات السورية، وخصوصاً محافظتي دمشق وحلب، إلى جانب ريف دمشق والسويداء وحمص.
وانتشرت العديد من الصور التي تظهر أعداداً هائلة من الناس في الشوارع تبحث عن وسيلة للوصول إلى أعمالها وأشغالها، ولكن انقطعت بهم السبل في يوم صعب جداً.
من جانبها قالت آمنة الزين، إحدى طالبات الجامعة والتي لديها امتحانات صيفية، إن الطرقات اليوم الأربعاء، كانت تعج بالناس لأن سائقي السرافيس قد أضربوا عن العمل ولم نتمكن من الذهاب للجامعة.
وأضافت لموقع “تلفزيون سوريا” أن حركة السير كانت مشلولة في الصباح بسبب القرارات التي خرجت في المساء بزيادة الرواتب ورفع أسعار المازوت والبنزين”، مبدية تخوفها من الأيام المقبلة وصعوبة التنقل وزيادة كلفة الذهاب إلى الجامعة.
وأشارت إلى أنها بحثت عن تكسي أجرة لتذهب بها إلى دمشق، ولكن سائق التكسي طلب منها مبلغ 150 ألف ليرة ذهاباً وإياباً، يعني أقل من متوسط راتب الموظف الحكومي الجديد بـ 50 ألف ليرة فقط.
وقالت “إن ما يجري في سوريا هو حال سيئة جداً جداً، وأظن أن الأزمة المعيشية ستصبح أسوأ في الأشهر المقبلة وخصوصاً في الشتاء”.
واستهزأ أبو عمر مهران، من الزيادة مؤكداً أنها مكرمة حقيقية، “يعني بسوريا لأول مرة بتزيد الرواتب 100بالمية عطيني دولة زادت فيها الرواتب 100 بالمية، دول الاتحاد الأوروبي يا دوب بتزيد الرواتب 5 بالمية سنوياً”.
وأضاف مهران لموقع تلفزيون سوريا، أن رسالة المازوت أو البنزين المدعوم كانت تجي مرة أو مرتين بالشهر على حسب التساهيل، وتقريباً بيدفع عالسعر القديم أكثر من راتبه شهرياً. عالزيادة الحالية لح ينقصوا من المعاش يلي زاد 100 بالمية، يعني لح يطلع خسران عالأكيد، لهيك هية مكرمة أو صدقة وليست راتباً شهرياً”.
انهيار الليرة السورية
القرارات الأخيرة انعكست على سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار بشكل سلبي للغاية، حيث تراجعت لأدنى مستوياتها متجاوزة حاجز الـ 15 ألف ليرة في انهيار جديد تسجله بعد خسارات هائلة سجلتها العملة منذ منتصف حزيران الماضي.
وبلغ سعر صرف الليرة السورية في أسواق دمشق السوداء 15300 ليرة لكل دولار، في حين وصلت في حلب إلى 15600 ليرة، وفي إدلب 15800 ليرة، وفي الحسكة 15900 ليرة، وفق موقع الليرة اليوم.
وأدت الخسارات الكبيرة في سعر الصرف إلى إحجام الكثير من التجار عن بيع السلع الموجودة لديهم، خصوصاً ممن يعمل في قطاع الجملة بحجة عدم توفرها في المستودعات.
وقال أحد التجار لموقع “تلفزيون سوريا”، “يعني عدم زيادة الرواتب أفضل بمليون مرة من زيادتها، فرفع المعاشات لا يحسن من وضع المواطن السوري بل يزيده فقراً، لأن الزيادة تشمل الموظفين الحكوميين ولا تشمل العمال المدنيين، خصوصاً أن أقل معاش لعامل تنظيف في مطعم يصل راتبه شهرياً لأكثر من نصف مليون ليرة”.
وأضاف أنه “لولا زيادة المعاشات لم يكن النظام سيزيد أسعار المحروقات بثلاثة أضعاف تقريباً، ثم تخبرنا وزارة الخارجية أن أسعار الخبز لن يكون عليها زيادة”.
وأكّد أن “مشكلة رفع سعر المحروقات يعني أن كل عملية نقل بضاعة ستتضاعف ثلاث مرات أو أربع مرات، كل شحنة خضراوات إلى سوق الهال سترتفع أجرة نقلها أضعاف مضاعفة، أنا تاجر وما بفهم بالاقتصاد بشكل كبير ولكن لو بقي الحال نفسه لكان أحسن بالنسبة للناس بشكل قطعي”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا