مقدمة:
إن الحق في الاعتراف بالشخص أمام القانون هو حق ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما ينص عليه القانون الدولي، لكن في سورية ليس فقط الإنسان يعتقل إنما كذلك حقوقه ووثائقه الرسمية ومصيرها الموت كما المعتقل أو المتاجرة أو المفاوضة، ويتكلموا عن مؤسسات الدولة والحفاظ عليها علما أنها أصبحت أدوات للحرب على الشعب السوري الحر وتساعد العصابة على هدم البنية الاجتماعية فمثلا لا يمكن الحصول على رقم وطني للمولود خارج مناطق سيطرة العصابة الأسدية وهذا يخالف اتفاقية حقوق الطفل، و قانون حقوق الطفل، ويأتي ترسيخ ذلك الإجرام فيما قاله مجرم الحرب بشار الأسد منذ عام 2015: الوطن ليس لمن يسكن فيه ويحمل جواز سفره، وإنما لمن يدافع عنه ويحميه، والشعب الذي لا يدافع عن وطنه لا يستحق أن يكون له وطن.
خلال الثورة السورية صدرت عدة تشريعات لسلب الملكية العقارية وبحجة إعادة التنظيم العمراني وتم القيام بعدة أعمال من قبل السلطة المجرمة كحرق السجلات في حمص ومنبج وغيرها لتسهيل عملية تجنيس الأجانب ولتضييع حقوق الشعب الثائر.
تعاريف:
ورد تعريف أمانـة سورية الواحدة في القانون رقم 13 لعام 2021 كما يأتي:
هي قاعـدة البيانات التي تحوي جميع بيانات مواطني الدولــة، وتسجل فيها واقعاتهـم أينما حدثت، ويتمثل فيها المواطن بقيد وحيد يعرف برقمه الوطني، وتحوي أيضاً واقعات غير السورييـن الحاصلة على أراضي الدولة.
العائلة: مجموعة الأسر التي تنتسب إلى أصل واحد.
الأسرة: المجموعة المؤلفة من الأب والأم والأولاد.
القيد: مجمل البيانات المتعلقة بالمواطن والمدونة في السجل المدني.
بيانات القيد الرئيسة: وهي الاسم والنسبة، اسم الأب، اسم الأم، محل وتاريخ الولادة، الرقم الوطني.
قانون الأحوال المدنية:
يقدم قانون الأحوال المدنية الأساس القانوني للحصول على كافة الوثائق المدنية من أي مركز سجل مدني في سورية ولقد تم الخلط عن قصد ولغاية سياسية بين السياسات والإجراءات، حيث يمكن أتمتة ومركزة السجل المدني مع الحفاظ على بقاء رقم القيد أي تيسير أمور المواطنين وأتمتة السجل المدني ومنح المواطن حق الحصول على أوراقه وتسجيل الوقائع في المركز أو مراكز السجلات المدنية المحلية وهنا لا يحتاج لنقل القيد باعتبار أنه يملك صلاحية القيام بأي إجراء في المركز الرئيسي والمراكز المحلية الأصلية ولكن هذا لا يستدعي إلغاء مكان القيد الأصلي (رقم القيد )، حيث تم ربط القيد بالمسكن وفقا لقانون الأحوال المدنية رقم 13 لعام 2021 من خلال ما يسمى العنوان الرقمي.
يصدر السجل المدني وثائق في بيانات الولادة والوفاة، وبيانات الزواج والطلاق، والبطاقات الشخصية ودفاتر العائلة كما يصدر السجل المدني إخراجات القيود المدنية الفردية والعائلية، وهي مستندات رسمية تثبت الحالة الشخصية والمدنية لحاملها ولعائلته، بالإضافة إلى بيانات الهوية الشخصية الأساسية.
إلغاء رقم القيد الأصلي الخاص بالعائلة:
المادة (13) من القانون رقم 13 لعام 2021:
تسجـل قيود المواطنين فـي السجـل المدنـي وفـق تصنيف أسـري، مع الحفاظ على ارتباط كل أسرة بعائلتها الأساسية.
لم يرد شرح حولها في التعليمات التنفيذية للقانون رقم 13 لعام 2021 وبالتالي فوفقا لأي معيار سيتم ربط الأسرة بعائلتها الأساسية بعد أن تم إلغاء رقم القيد وخاصة بالنسبة للعائلات التي توجد في مناطق سكنية مختلفة التي أغلبها أصبحت في الشتات وتم تهجيرها قسريا.
نصت المادة (11) من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007
يتكون القيد المدني للمواطن من البيانات الاتية: اسمه ونسبته واسم والده ووالدته ومكان وتاريخ ولادته ووضعه العائلي ودينه ومحل ورقم قيده وتاريخ تسجيله ومكان اقامته ورقمه الوطني ورقمه الاسرى ويضاف للقيد المدني بشكله الإلكتروني الصورة الشخصية والبصمات العشرية للمواطن عند حصوله على البطاقة الشخصية.
أما المادة (11) في القانون رقم 13 لعام 2021 فلقد نصت:
يتكـون القيد المدنـي للمواطن مـن البيانات الآتيـة: الرقـم الوطني واسمه ونسبتـه واســم والـده واسـم والدته ونسبتها، ومكان وتاريخ ولادته، ووضعه العائلـي وديانته، وتاريـخ تسجيلـه، وعنوانه الرقمـي، ويضاف للقـيد المدني بشكله الإلكتروني الصورة الشخصية والبصمات العشرية للمواطن عند حصوله على البطاقة الشخصية.
وبالتالي نلحظ أنه تم استبدال العنوان الرقمي برقم القيد ولم يرد تعريف أو تفصيل حول العنوان الرقمي أو هذه المادة في التعليمات التنفيذية للقانون رقم 13 لعام 2021.
منح القيود المدنية والعائلية والبيانات المرتبطة بواقعات الأحوال المدنية:
يخضع منحها وفقا للمرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 وتعديلاته اللاحقة، حيث يجوز إعطاء القيد المدني الفردي والعائلي وبيانات الأحوال المدنية (بيان ولادة – وفاة – زواج – طلاق) لصاحب العلاقة أو لأصوله أو فروعه أو الأخوة أو الأخوات ولأسرهم والوكيل القانوني والزوج والزوجة والدوائر الرسمية.
تمنح من أمانة السجل المدني مكان قيد الشخص أو الأمانات المركزية في المحافظات لجميع المواطنين أو من مراكز خدمة المواطن؛ وبالتالي يمكن الإضافة على هذه الطريقة وكذلك من خلال أمانة سورية الواحدة إن كان الهدف من هذا التغيير ليس تسهيل للتغيير الديموغرافي وفتح ثغرة لصالح الأجانب والميليشيات التي استقدمها النظام المجرم؛ وبالتالي ليست الغاية من إنشاء مركز إلكتروني واحد لـلسجل المدني (أمانة سورية الواحدة)، ليضم جميع بيانات المواطنين إنما غاية سياسية وترسيخ للتغيير الديموغرافي.
عمليا إن أي معاملة لدى الدوائر الحكومية تبدأ بالموافقة الأمنية وهذا يرسخ عملية التسييس والمحاربة بمنع وحجب حقوق المواطنين الذين أصبحوا مجرد أفراد فأغلب الأطفال الذين ولدوا في المناطق المحررة بدون رقم وطني وهذا يخالف المادة الرابعة من القانون رقم 21 لعام 2021 (قانون حقوق الطفل) التي تنص على:
لكل طفل الحق في أن يكون له اسم يميزه، ويسجل به عند ولادته، وفق أحكام قانون الأحوال المدنية، ولا ينطوي على معنى يمس كرامته.
ووفقا للمادة 12 من التعليمات التنفيذية للقانون رقم 13 لعام 2021
1-عند إدخال بيانات المواطن إلى أمانة سورية الواحدة يتم توليد رقم تسلسلي له يسمى الرقم الوطني وهذا الرقم وحيد لا يتكرر ولا يجوز أن يحمل أكثر من مواطن الرقم ذاته كما لا يجوز أن يحمل المواطن إلا رقما وطنيا واحدا.
2-يجب أن يستخدم الرقم الوطني كمفتاح لبيانات المواطن لدى كافة الدوائر الرسمية في كافة المعاملات والوثائق والشهادات الخاصة به.
التغيير الديموغرافي:
وهي جريمة التهجير القسري، أو الإبعاد، أو النقل، أو الترحيل، أو التشريد للسكان قسراً عن طريق سياسة السلطة وتدخلها لإقصاء السكان قسرا بناء على توجههم السياسي خارج مناطقهم بشكل جماعي وجلب مستوطنين لتشكيل بنية ديموغرافية أو فرض واقع سياسي جديد على الإقليم.
نص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة السابعة منه على أن التغيير الديموغرافي هو جريمة ضد الإنسانية.
وكذلك نصت اتفاقية جنيف الرابعة في المادة 49 منها على حظر النقل الجبري للسكان.
والمادة 17 من البرتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف نصت على عدم جواز إرغام الأفراد المدنيين على النزوح عن أراضيهم لأسباب تتصل بالنزاع.
صدرت خلال الثورة السورية عدة تشريعات لتسهيل عملية الهندسة الديموغرافية كالقانون عام 2021 المتضمن تعديلات لمواد القانون رقم 11 لعام 2011، والذي يتعلق بتملك غير السوريين للعقارات في سورية، والقانون رقم 10 لعام 2018، والمرسوم رقم 66 لسنة 2012.
خاتمة:
إبعاد العمل عن رقابة المجتمع المحلي حتى يتمكنوا من زيادة الفساد وتسيس السجل المدني وسهولة التزوير لصالح ميليشيا إيران وغيرها من الأجانب المقاتلين في صف عصابة الأسد، كما ويصعب معرفة السكان الأصليين من الأجانب الذين حصلوا على الجنسية سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة بسبب كف يد المراكز المحلية لصالح المركز.
إن من حقوق الإنسان الأساسية الاعتراف به وهو حق مصون في التشريعات المحلية والدولية
وهناك أوراق قانونية يعتبر امتلاكها أمر أساسي للحصول على مجموعة من الحقوق كما أنه تم ربط الرقم الوطني الجديد بالحصول على الحقوق والقيام بالتصرفات القانونية، حيث تم إلزام جميـع الجهــات الرسميــة باستخـدام الرقـم الوطني وتثبيتـه فـي سـائـر المعامــلات والسجلات لديها والوثائق الخاصة بالمواطن.
كما أن إلغاء رقم القيد للأسرة هو مساهمة في تشتيت العائلات التي بالأصل قامت السلطة المستبدة بتهجيرهم وطردهم من بيوتهم وأراضيهم.
فهل يتحول المواطن إلى فرد في حال عدم حصوله على رقم وطني جديد وتتأثر حقوقه وأين المنظمات العاملة في الحقل القانوني والإنساني من هذا الموضوع فالعصابة الحاكمة تربط حق المواطن بالولاء للسلطة القاتلة والدفاع عنها وحولت القضية المدنية والحقوقية لقضية عنصرية سياسية.
المراجع:
القانون رقم 13 لعام 2021 المتضمن قانون الأحوال المدنية الجديد.
القانون رقم 21 لعام 2021 (قانون حقوق الطفل).
قانون الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 وتعديلاته.
التعليمات التنفيذية للقانون رقم 13 لعام 2021.
نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.
اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
البرتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف.
المصدر: المركز السوري سيرز