مايسمى بالنظام العربي المتمثل بجامعة الدول العربية أعاد النظام السوري الذي أجرم بحق شعبه إلى حظيرته وأعاد له مقعد سورية في الجامعة بعد انقطاع أكثر من عقد من السنين بدعاوى متعددة، سبق ذلك مبادرات واجتماعات ولقاءات كانت مبادرة الملك الأردني والتي أطلق عليها خطوة مقابل خطوة أولها والتي أخذت الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي بايدن أثناء زيارة الملك الأردني له في البيت الأبيض، وجاء الزلزال المدمر في جنوب تركيا وشمال سورية في شباط /فبراير 2023 ليكون الفرصة المواتية ليقفز النظام العربي قفزته الأخيرة نحو النظام، فانهالت المساعدات من كل حدب وصوب بالطائرات وشتى وسائل النقل الأخرى، ومع أن النظام منع هذه المساعدات عن الشمال السوري وباع أجزاء منها بالداخل السوري إلا أن المساعدات لم تتوقف ولم تكن هناك أي جهات رقابية على تلك المساعدات من إيران وفنزويلا وروسيا وماهي طبيعة هذه المساعدات.
قيل الكثير في تبرير هذا الخضوع العربي لنظام الكبتاغون وكانت السعودية بعد الأردن هي العراب الحقيقي للعودة، منها أن النظام العالمي لم يتحرك لحل الأزمة السورية وكان بمقدوره ذلك، كما قيل أن عودة النظام ستوقف بالتعاون معه عمليات تهريب المخدرات التي أصبحت مورد رئيسي للنظام وميليشياته وإيران وميليشياتها وتناسوا أنه هو المصدر الرئيسي للمخدرات التي باتت عمليًا مورده الأساسي للعملة الصعبة التي يفتقدها النظام بموجب خروج مناطق الإنتاج الرئيسية عن سلطته وقوانين العقوبات المتلاحقة عليه لعدم التزامه بقرارات الأمم المتحدة، كذلك يروج المطبعون أن عودة النظام ستضمن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والتي لم تظهر بأي بيان أو قرار عربي يحدد مواصفات هذا التنفيذ، والبعض يروج لمقولة أن احتضان النظام العربي للنظام السوري سيبعده عن إيران وتلك المقولة سقطت قبل القمة لأن النظام وإيران عقدوا أكثر من 30 اتفاقية في كافة المجالات بين النظام وإيران عند زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي صاحب الإعدامات المشهورة للمعارضين الإيرانيين سابقًا كما انتفت أيضًا بعد إعادة العلاقات بين السعودية وإيران ومد الحبل العربي على الغارب لإيران لتسرح وتمرح هي وميليشياتها في الجسم العربي كيفما شاءت.
سقطت جميع الدعاوى التي روجت لعودة هذا النظام المجرم فقد عاد منتصرًا مزهوًا بنصره ليقول لقد ندم العرب على مافعلوه وهاهم يعودون للحضن السوري والذي سيرحب بهم ولكن بشروطه. فلا النظام قدم التزامات ولا النظام العربي اشترط أي شروط لعودته وكل الكلام الذي قيل هو مجرد ذر للرماد في عيون الحقيقة وتغافل عن مصالح الشعب السوري الذي عانى ما عانى من هذا النظام المجرم الذي قتل واعتقل أكثر من مليون سوري وهجر وشرد نصف الشعب السوري أمام أعين النظام العربي والنظام العالمي، ولكننا نعرف تمامًا أن النظام العربي لا تهمه مصالح الشعب السوري أو أي شعب عربي آخر فهو لايختلف عن النظام السوري بظلمه واضطهاده لشعوبه ولو بنسب متفاوتة حسب الحاجة، من نظام أبو المنشار إلى صاحب الانقلاب على الديمقراطية بمصر إلى جميع الأنظمة في الساحات فهي أنظمة فساد واستبداد وعنف ضد شعوبها بالمطلق.
لم ينتصر النظام المجرم في سورية فقط، فقد انتصر معه بوتن وهاهو الآن يستكمل انتصاراته بتوسيع دائرة التطبيع مع النظام بشروط روسيا والنظام وإيران، ويتلاعب بالمؤسسات الهزيلة التي أحدثها من سوتشي إلى استانا إلى مسار اللجنة الدستورية فيلغي هذه وينقل تلك دون أن تحقق أي واحدة منها أي مصلحة للشعب السوري ولكنها حققت الكثير للنظام وإيران وروسيا، فانتقلوا من مجرمي حرب ضد الشعب السوري إلى ضامنين لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي لن ترى النور بهذه المسارات بوجود معارضة هزيلة ومتواطئة ومرتهنة.
مايحقق مصالح الشعب السوري هو إرادة السوريين أنفسهم وعملهم ودأبهم لاستكمال ثورتهم التي لم تنهزم ولم تتراجع ولو أن المحطات على الطريق طالت ولكن النصر قريب ولابد لشعبنا أن يحقق إرادته بدولة وطنية مدنية ديمقراطية تكنس نظام الاستبداد والقتل ليحل محله النظام الذي نطمح إليه نظام الحرية والعدالة والكرامة وإن غدًا لناظره قريب.
المصدر: إشراق