هناك من يعتقد أن خطوط تقسيم سايكس بيكو لها مايبررها في التكوينات الاجتماعية والديموغرافية للمنطقة , بالتالي لاينبغي المبالغة في مسؤولية فرنسا وانكلترا في فرض تلك التقسيمات والاستسلام لنظرية المؤامرة , ومثل ذلك يقال حول تقسيم سورية الى خمس دول بعد الاحتلال الفرنسي .
لن أناقش تلك الفكرة الآن وسأكتفي بنقل ماكتبه جورج انطونيوس في كتابه المرجعي ( يقظة العرب – تاريخ حركة العرب القومية ) حول ذلك :
” أما في حالة سورية فإن الحلفاء أغرقوا في إهمال ” صالح شعبها وتطوره ” حين قرروا تجزئتها في ثلاث دول مستقلة ( يتحدث جورج انطونيوس هنا عن التجزئة الأولى عقب دخول دمشق مباشرة إلى ثلاثة حكومات مستقلة لكل حكومة حاكم عسكري ضمن ماعرف بالمنطقة الشرقية وهي الداخل السوري والمنطقة الغربية وهي الساحل السوري من انطاكية ولغاية فلسطين والمنطقة الجنوبية وقصد بها فلسطين) ذلك لأن البلاد وحدة ذاتية تتمثل من وجوه عديدة ….وكانت قد طورت حياتها الزراعية والتجارية في الميدان الاقتصادي على اساس مواردها الطبيعية وكانت تتخلل القطر كله شبكة دقيقة من نواحي النشاط المتساندة تربط بين منطقة ومنطقة وتصل الأرياف بالمدن والساحل بالداخل ولها في الوحدة موروث حضاري وتاريخي ” فإذا تناولت جميع الاعتبارات الأساسية اتضح لك أن صالح البلاد وتطورها المقبل محكوم عليهما بالتأخر إذا تحطمت وحدتها ….غير أن الحلفاء أهملوا جميع هذه الاعتبارات ووجد المجلس الأعلى للدول المتحالفة – وهو لايعبر الا عن شهوات أعضائه اهتماما – أن الطريقة الوحيدة لارضاء بريطانيا العظمى وفرنسا هي تقسيم سورية بينهما ( هنا يتحدث جورج انطونيوس عن تقسيم فلسطين ولبنان والموصل وفصلهم عن سورية ) ….بعبارة أخرى إن ماقصد أن تحققه مقررات سان ريمو عمليا هو أن ترتجل مايشبه موافقة دولية على اقتسام الغنائم بعد الحرب “
” بعد أن احتلت فرنسا دمشق في تموز 1920 امتدت دائرة النفوذ البريطاني فشملت المنطقة الواقعة الى الشرق من نهر الاردن ومد أخيرا الحد الذي وضع في كانون الأول من ذلك العام يقصد العام 1920 ) على طول الطريق الذاهب من البحر المتوسط إلى بادية الشام , ومن ثم إلى العراق وهو يبدأ من نقطة عينت تعسفا بين عكا وصور ويتخلل الريف في اتجاه شرقي تقريبا ويستمر حتى يجاوز حدود المناطق ذات السكان المستقرين وليس من المبالغة أن نقول إن هذا الحد الذي أصبح – كما قدر له – حدا فاصلا مستديما بين منطقتي النفوذ الفرنسي والبريطاني قد انتهك حرمة كل قانون معروف متبع في رسم الحدود بين الأجناس ( يقصد القوميات ) والأقطار , ومنذ ذلك الحين أصبح عقبة كؤود في وجه التجارة وغيرها من سبل الاتصال “
انتهى الاقتباس
طبعا ازدادت الأمور سوءا لاحقا بتثبيت تلك التقسيمات بفعل تعدد الدول والأنظمة والقوانين في كل دولة دون مراعاة للمصالح الاقتصادية والاجتماعية للشعوب على جانبي ذلك الخط .