لا أدري، حالة من الغضب والقهر والألم تضغط علي وأنا أتابع ثلاثة مشاهد وأحداث في واقعنا الراهن:
** مشهد الشعب الفلسطيني يواجه منفرداً قوات الاحتلال الصهيوني في الضفة، وهي تستخدم كل شيء ضد حراكه الوطني من الطيران الحربي، إلى قطعان المستوطنين، إلى جحافل قواته الخاصة، ويقف الفلسطيني لوحده بينما يلتزم النظام العربي ويكتفي بعبارات باهتة وسخيفة من التنديد والادانة، وعلة هذا النظام في موقفه ما يدعوه باتفاقات “السلام”.
ومع هذا الموقف الثابت للنظام العربي، ومع هذا الموقف الثابت للعدوانية الصهيونية، ومع هذا الموقف العظيم للشعب الفلسطيني ترتسم أول مشاهد هذا الواقع.
** مشهد آخر لا يختلف في الجوهر عن الأول، وإن اختلفت مكوناته، ويتمثل هذا في التهافت والفرح الذي عم هذا النظام العربي وهو يستعيد النظام السوري إلى أحضانه، ودعواه هنا أن سوريا عادت إلى “الحضن العربي”، والحق أن النظام العربي أعاد فتح أبوابه للنظام السوري، أما سوريا قلب العروبة النابض،: سوريا الشعب، والجغرافيا، والحضارة، والشعب، والفاعلية السياسية، فلم يكن لها أي حساب حينما مضى النظام العربي في اتجاه حاكم سوريا: القاتل، الفاسد، الطائفي، المستبد، وأخير الراعي لتجارة المخدرات.
في هذا المشهد يصح القول ” وافق شن طبقه” ويصح القول: إن الطيور على أشكالها تقع.
ولقد كان الشعب السوري، المهجر نصفه، والمقتول والمغيب خمسه، والمحتلة أرضه، والذي أصاب الدمار بلاده، غائب عن مشهد النظام العربي، وهمومه، واستهدافاته.
** مشهد ثالث مدلواته مفارقة، تمثل فيما يفعل بكل ما يشير الى جمال عبد الناصر، وكان آخرها، تغيير اسم أكاديمية ناصر العسكرية، بحذف اسم ناصر، ولتنضم هذه الخطوة لسابقاتها حيث حذف اسم ناصر من بحيرة السد العالي، ومن شركات وطنية كانت تحمل هذا الاسم.
والملفت للانتباه وهو موطن التعليق اساسا، أن تبرير هذا التغيير الذي قدم هو أن هناك من يتحسس من الإسم وأن هذه الحساسية مما يعوق تحويل هذه الأكاديمية وطويرها لتكون على مستوى عالمي.
أكثر من نصف قرن على رحيل جمال عبد الناصر، والجهود لا تتوقف لإزالة آثاره: تم بيع الكثير من أعمدة الصناعة في القطاع العام، وجاري نقض كل المكتسبات التي تحققت في عهد ذلك الزعيم، ويتم تغيير المعالم التي تحمل اسمه، بل إننا سمعنا وتابعنا جهودا تطعن في “السد العالي”، وفي قرار “تأميم قناة السويس”، فقط لأن ذلك حدث يستدعي صورة وزمن ومعايير وقيم تلك المرحلة.
المشاهد الثلاثة لها المدلول نفسه.
بل نستطيع أن نضيف إلى قتامة هذه الصورة أن رد الفعل الشعبي الذي صاحب ويصاحب هذه المشاهد ضعيف جدا، حتى لا يكاد يذكر، وهو أمر لا يفسره إلا نجاح النظام العربي بعد مرحلة “الربيع العربي”، بتفتيت الموقف الشعبي، وتفكيك مفاصل القوى الشعبية التي تراكمت على مدى عقود وحاولت أن تعطي أكلها في أحداث ذلك الربيع المجهض.
ألم وغضب وقهر،
لكن مع ذلك فإن عمق هذه المشاهد نفسها مدلولات تجعلنا لا نتجه إلى اليأس، بل قد تبشرنا بأن كل هذا المشاهد المحبطة ما كانت لتكون لولا أن الطرف الآخر: العدو، الخصم، المعتدي، يستشعر وجود حيوية حقيقية لم تتمكن عوامل الزمن، و القهر، والعدوانية، أن تنهيها.
الشعب الفلسطيني أقوى مهما فعل المعتدي ومهما تواطأ بذل النظام العربي
والشعب السوري أقوى مهما تخاذل عنه هذا النظام، الذي بالأصل منذ البداية كان متآمرا على حراكه الثوري، وأهداف ذلك الحراك.
وجمال عبد الناصر الذي غاب منذ عقود طويلة، ما زال حاضرا حضورا يدين التهاون بحق الوطن والشعب والأمة.
لا نيأس، ولا نحبط، ولا نخاف المستقبل، فقط ندعو لتملك الرؤية الصحيحة، استعدادا ليوم موعود لا بد أن يأتي.
يجب أن أكون هنا الآن.,
في هذه المدينة حيث الحرب…
لقد جف احتياطي القوة بالكامل تقريبا,
الذي أعطاني إياه الرب.
أحتاج لإنقاذ الأطفال,
من الألغام والصواريخ النازية,
حتى يتمكنوا من الاستمرار في النمو,
حيث لا يوجد شر.
إنه لأمر مخيف بالنسبة لي أن أكون في أعين العدو,
أتذكر عائلتي…
وأنا أنب نفسي لكوني ضعيفة,
ويصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لي.
ولكن يمسك الصليب على صدره,
شعرت بموجة خلف ظهري,
بعد كل شيء ، هناك دائما أمل,
وسوف يمنحك الرب المزيد من القوة.
هذا قريب جدا من هدفي,
حسنا ، دعني أكون ضعيفا الآن,
أصلي ، أقول لنفسي: صدق!
وسوف تأتي الساعة المنتصرة
سنحمي البلاد – سنحمي أطفالنا-مستقبلنا