كانوا ثلاثة رجال يتسابقوا عالموت، أقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد، وصاروا مثل يا خال، طول وعرض البلاد” .
كلنا نعرف ونسمع الاغنية الوطنية لفرقة العاشقين الفلسطينية والتي كتبها الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان بعنوان في قصيدته (الثلاثاء الحمراء) تخليدا لشهداء فلسطين الثلاثة الذين تم اعدامهم بتاريخ الـ17 من حزيران، لتحل علينا الذكرى الـ93 على إعدام سلطات الانتداب البريطاني المناضلين الثلاثة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير ففي مثل هذا اليوم من عام 1930، تم إعدام الشهداء في سجن القلعة بمدينة عكا رغم الاستنكارات والاحتجاجات العربية.
وكانت في حينه اعتقلت الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين بعد اندلاع ثورة البراق، التي بدأت عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة في 14 آب/ أغسطس من عام 1929 لمناسبة ما أسموه “ذكرى تدمير هيكل سليمان”، أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة ضخمة في شوارع القدس، حتى وصلوا إلى حائط البراق، وهناك راحوا يرددون “النشيد القومي الصهيوني”، بالتزامن مع شتم المسلمين .
وفي اليوم التالي، الجمعة 16/ آب الذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف، توافد المسلمون ومن ضمنهم الشهداء الثلاثة للدفاع عن حائط البراق، الذي بيت اليهود نيتهم للاستيلاء عليه، فوقعت صدامات عمت معظم فلسطين، واعتقلت شرطة الانتداب في حينه 26 فلسطينيا ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، وحكمت عليهم جميعا بالإعدام في البداية، لينتهي الأمر بتخفيف هذه العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير.
وحددت سلطات الانتداب يوم 17 حزيران من عام 1930، موعدا لتنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء الأبطال، في وقت تحدى فيه هؤلاء الشهداء الخوف من الموت .
وسجلت الاحداث اروع قصص من الصمود الفلسطيني ليتناقلها الاجيال وكان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير ليكون أول من يتم تنفيذ الحكم فيه غير آبه بالموت، وكان له ما أراد، أما عطا وهو الثالث، فطلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود، إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو حبل المشنقة رافعا رأسه .
وسجل الشهداء الثلاثة رسالتهم الاخيرة والتي كتبوا فيها “الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، ألا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة، وأن نتذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء، وأن تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للأعداء منها شبرا واحدا، وألا تهون عزيمتها وألا يضعفها التهديد والوعيد، وأن تكافح حتى تنال الظفر” .
وتستمر مسيرة النضال الوطني برغم من الصعاب وإجراءات الاحتلال القمعية وان شعب فلسطين حتما لقادر على تغيير الواقع والتقدم نحو المستقبل الذي يليق بالتضحيات والشرفاء والقدس وفلسطين فلا يمكن استمرار الصمت امام ما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة من جرائم وتطاول من قبل الاحتلال مستهدفا الشباب الفلسطيني والنيل من ارادتهم الصلبة وعزيمتهم القوية ومستقبلهم الواعد، وان شعب فلسطين سيبقي على عهد الشهداء حافظا للوصايا ماضيا في طريق الانتصار ومتمسك بالمبادئ والإرث الكفاحي والوطني والهوية والعنوان النضالي حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
المصدر: الدستور