هاجرت أسراب الطيور
و أنت تعود
لتحرس عشا
في جدار كنيسة قديمة
تحجز تذكرة للعبور
من بين قضبان القفص
و طلقات الصيادين
تحلق عاليا بين النجوم
و تترنم بألحان
أغنية قديمة
كانت تغنيها أمك
كل ليلة
لتنام بعد الشغب
في أحضان السرير
و تبقى لتراقبك
كل يوم
و زغب ريشك ينمو
ليغطي عينيك
مثل باقي القطيع
و أنت تكبر
شبرا بعد شبر
فلما استويت
على رجليك قائما
و نمت منك الخوافي و القوادم
صفقت بجناحيك
طرت بعيد
خلف البحور
و أنا أمام السرير الخالي
كل ليلة
أغني لتنام
و أرسل نداء استغاثة
لينقذوك من الغربة
و أراك في المنام
تصارع العواصف و الأعاصير
لا تستجيب لنداء خفي
أرسله كل ليلة
ثم تعود لنداء امرأة أخرى
“يا خائن”
لتموت عشقا في أحضانها
و تحرمني من نظرة
الوداع الأخير
تنام أخيرا
بعدما بح قلبي
من ترنيم أغنيتك الآثيرة
سورية بدها حرية
سورية بدها حرية..
تنام بسلام..
و عيناك مفتوحتان
ترصدان كل مشهد
و كل صوت و صورة
و تخزناه في النعش
المعد لك سلفا
قبل العبور
الكاهن ينتظر اعترافك
أي جهاز أرسلك؟
و أي بنك مولك؟
و أي فصيل أدخلك؟
و أنت تغط في صمتك
تحت ركام كلمات أغنية قديمة
كانت تستحضر
جنية النعاس في الأسحار
و الكاهن مازال ينتظر الجواب
و أنا انتظر القداس
خلف نعش خال
أمام كنيسة قديمة
و الجميع في انتظار
ينتحر الصمت
بين زوايا رصاصات
تحلق في الهواء
و أخرى تخترق التابوت الخالي
لتقتل الذكريات
التي رفضت مراسم الدفن
مثل باقي الأموات
في حفرة مجهولة
بين الحفر
مع رقم كودي
أو بلا رقم
و تتسرب من ثقوب التابوت
مثل تبخر الندى
في صبيحة أيار
تلف وشاح الحلم
حول رأسك
و تحلق إلى غيمة بيضاء
على شكل طائر مهاجر
ما دفنوا ذكراك
و لكن شبه لهم
و ما علموا أنك
تعود كل ربيع
إلى عش في جدار
كنيسة قديمة
لتقرع الأجراس
و هم في غفلة
من أمرهم
و سكرة توهم بانتصار