فصل محمد رشيد رضا المفكر الاسلامي بين شيئين متميزين بين الدين ونظام الحكم السياسي , بمعنى أن الدين ثابت لايتغير بجوهره وثوابته , أما نظام الحكم السياسي فأمر دنيوي يتغير مع تغير العصور , ويخضع للمصلحة العامة للناس وفق زمنهم وظروفهم .
يقول رشيد رضا في كتابه : الخلافة :فأما الهداية الدينية المحضة فقد جاء بها تامة أصلا ً وفرعا، وفرضا ونقلا، إذ مدارها على نصوص الوحي، وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم لها بالقول والفعل، ولما طرأ الضعف على المسلمين جهلوا هذا الأصل، فغلا بعضهم في الدين، فزاد في أحكام العبادات والمحرمات الدينية، والمواسم والأحزاب والأوراد الصوفية، ما ألفت فيه المجلدات، ويستغرق العمل به جميع الأوقات .
ويستلزم جعله من الدين نقصان دين الصحابة والتابعين، إذ لم يكن لديهم شيء منه، ولو اشتغلوا بمثله لماوجدوا وقتًا لفتح البلاد، وإصلاح أمور العباد.
وأما السياسة الاجتماعية المدنية فقد وضع الإسلام أساسها وقواعدها، وشرع للأمة الرأي والاجتهاد فيها لأنها تختلف باختلاف الزمان والمكان، وترتقي بارتقاء العمران وفنون العرفان، ومن قواعده فيها أن سلطة الأمة لها، وأمرها شورى بينها، وأن حكومتها ضرب من الجمهورية، وخليفة الرسول فيها لا يمتاز في أحكامها على أضعف أفراد الرعية،
وإنما هو منفِّذ لحكم الشرع ورأي الأمة، وأنها حافظة للدين ومصالح الدنيا، وجامعة بين الفضائل الأدبية، والمنافع المادية ، وممهدة لتعميم الأخوة الإنسانية، بتوحيد مقومات الأمم الصورية والمعنوية .
ولما طرأ الضعف على المسلمين قصروا في إقامة القواعد والعمل بالأصول، ولو أقاموها لوضعوا لكل عصر ما يليق به من النظم والفروع.
المصدر: صفحة معقل زهور عدي