تساءل سيفي إسلام، وهو محلل في مركز بنجلاديش والشؤون العالمية (CBGA)، بشأن إن كان بمقدور الدول العربية، ولاسيما الغنية، تطبيع الوضع في سوريا عبر إنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوري الإنسانية وإيجاد حل سياسي دائم للنزاع، وذلك بعد أن أعادت رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية.
وفي 19 مايو/ أيار الماضي، شارك الأسد في قمة الجامعة العربية الأخيرة في السعودية، للمرة الأولى منذ نحو 12 عاما حين جمدت الجامعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 مقعد سوريا، ردا على قمع الأسد لاحتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.
وتابع إسلام، في تحليل بموقع “ذا جيوبوليتيكس” (The Geopolitics) ترجمه “الخليج الجديد”، أن “عودة سوريا إلى الجامعة العربية يجب أن يُنظر إليها على أنها أحد مكونات إعادة التنظيم الأوسع للهيكل الأمني والاقتصادي الإقليمي، في ضوء التراجع الأخير في الأعمال العدائية بين إيران والسعودية”.
وبوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، استأنفت الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إنها صراعهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في المنطقة.
ولفت إلى أن “الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يحتفظان بموقف مناهض لإعادة دمج نظام الأسد مؤخرا في جامعة الدول العربية، حيث يؤكدان أن هذا النظام لا يستحق مثل تلك الخطوة”.
وأضاف إسلام أنه “يمكن أن يُعزى عدم إحراز تقدم في بدء العملية السياسية، بناءً على قرار الأمم المتحدة رقم 2254، إلى عدم تقديم حكومة دمشق تنازلات، ومن ثم كانت عودة الأسد بمثابة دليل على تراجع هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي، مع ضرورة الاعتراف بأن سوريا لا تحتل مكانة بارزة في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية”.
وأردف: “بغض النظر عن نتيجة تلك العودة، فإنها تفشل في معالجة المعاناة العميقة للشعب السوري بشكل مناسب، وتتحمل الدول العربية الغنية مسؤولية اتخاذ إجراءات تهدف إلى تطبيع الوضع في سوريا، بدلا من تفاقم المحن، لتحسين أوضاع الشعب السوري، ويبدو أن عملية إعادة قبول الأسد تنقل رسالة للتخفيف من التحديات التي يواجهها الشعب السوري والتقدم نحو حل ممكن للقضية المستمرة”.
متطلبات ملحة
و”على الرغم من الأهمية الدبلوماسية لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، فمن المهم إعطاء الأولوية للمتطلبات الملحة للمساعدة الإنسانية ومساعي إعادة الإعمار والاستقرار المستدام داخل البلاد”، بحسب إسلام.
وأضاف أنه “يتحتم على المجتمع الدولي والعالم العربي أن يظلوا على دراية بالمأزق الذي يواجهه الشعب السوري، الذي تعرض لمحنة كبيرة ونزوح بسبب الأعمال العدائية المستمرة”.
وتابع إسلام: “باختصار، إن النتيجة النهائية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية تسلط الضوء على إحجام الجهات الفاعلة العالمية عن تزويد الدول العربية بفرصة لتشكيل مستقبلها، ويمكن تفسير القرار على أنه إشارة إلى المجتمع العالمي فيما يتعلق بعودة السياسة الخارجية العربية المتمتعة بالحكم الذاتي وإظهار التضامن والتعاون والاعتماد المتبادل”.
وزاد بأن الموقف العربي “يؤكد على أهمية إعطاء الأولوية لرفاهية الشعب السوري والضرورة الملحة لحل شامل يخفف من معاناته ويؤسس لطمأنينة دائمة”.
وتابع إسلام أن “الدول العربية الغنية لديها مسؤولية حاسمة في تقديم المساعدات والموارد للتخفيف من المحن التي يواجهها السوريون وتسهيل المسار نحو نتيجة أكثر ملاءمة، وكذلك على المجتمع الدولي أن يحافظ على تركيزه على الشعب السوري والسعي نحو حل قابل للتطبيق لمأزقهم المستمر”.
واعتبر أن “إعادة التوجيه الحالية للانتباه الغربي نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ (لمواجهة نفوذ الصين) والصراع المستمر في أوكرانيا (غزو روسي منذ 24 فبراير/ شباط 2022) أوجد فرصة للدول العربية لتجديد شباب دولها، وبالتالي، فإن إعادة دمج سوريا عنصر أساسي في تلك العملية”.
المصدر | سيفي إسلام/ جيوبوليتيكس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد