تتجه حكومة النظام السوري إلى رفع الدعم عن بعض المواد المدعومة من ضمنها المحروقات، من أجل توفير سيولة نقدية من الليرة السورية تمكنها من زيادة رواتب الموظفين في القطاع العام، بعدما باتت القضية تسبب حرجاً لحكومة النظام، جراء تدني مستوى الأجور وارتفاع الأسعار المواكب لارتفاع سعر الدولار أمام الليرة.
رفع الدعم
وقالت مصادر مطلعة ل”المدن”، إن حكومة النظام عقدت عدداً من الاجتماعات لوضع هيكلية جديدة للمواد المدعومة والمستفيدين منها، مضيفةً أن الاستراتيجية الجديدة تتجه لتخصيص الدعم إلى العائلات السورية الأشد فقراً.
وأوضحت أن الاستراتيجية الجديدة تعتمد على رفع جزئي للدعم عن مادة الخبز التي كان يعتبر المساس بها بحسب حكومة النظام خطاً أحمر، بينما من المتوقع أن تخرج الاجتماعات بقرارات ترفع الدعم بشكل شبه كامل عن البنزين والمازوت والغاز، إضافة إلى بعض المواد الغذائية والاستهلاكية التي توفرها الحكومة بالسعر المدعوم عبر البطاقة الذكية.
وأكدت المصادر أن الهدف من الهيكلية الجديدة هو توفير سيولة نقدية تمكن حكومة النظام من رفع رواتب الموظفين في القطاع العام، بعدما وصلت إلى مستويات متدنية لا تتجاوز ال15 دولاراً بالتزامن مع ارتفاع صرف الدولار أمام الليرة ووصوله إلى 9 آلاف فضلاً عن مستويات كبيرة من التضخم، ما أدى إلى عمليات استقالة جماعية لمئات الموظفين في مختلف القطاعات الحكومية.
عامل نفسي
ويبلغ حجم السيولة النقدية التي ستقدمها حكومة النظام للمواد المدعومة في العام 2023، 25 مليار ليرة سورية بحسب تصريحات حكومية، ما يعني أن رفع الدعم ولو كان جزئياً، سيوفر كتلة نقدية تمكن من زيادة الرواتب، إذ نصت موازنة العام نفسه، على تخصيص أكثر من 2 مليار ليرة لزيادة كتلة الأجور، بنسبة تقارب ال30 في المئة.
وأرجع رئيس لجنة الموازنات في برلمان النظام السوري ربيع قلعجي سبب عدم إقرار الزيادة إلى استنزاف الكتلة المخصصة لذلك في الموازنة الحكومية في 2023، جراء تحويلها لمواجهة تداعيات الزلزال الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير.
ويقول الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر إن قدرة حكومة النظام على تمويل أي زيادة في الأجور “معدومة”، كما أن التمويل بالعجز لم يعد ممكناً في ظل التضخم المرتفع، إضافة إلى أن عجز الموازنة لا يحتمل أي ضغوط جديدة، ولذلك فإن “الخيارات محدودة جداً”.
ويضيف السيد عمر ل”المدن، أن هذا الواقع دفع حكومة النظام لرفع الدعم عن بعض المواد المدعومة، مشيراً إلى أنباء عن تحرير سعر البنزين، ورفع أسعار بعض المواد الغذائية المدعومة لتوفير كتلة نقدية تغطي زيادة الأجور.
وأوضح أن الزيادة لن تحقق أي منفعة للموظفين لأن امتصاصها سيتم بشكل فوري نتيجة ارتفاع أسعار المواد، لافتاً إلى أن حكومة النظام تحاول اللعب على العامل النفسي للموظفين، من خلال إيهامهم بزيادة الأجور، ولكن الحقيقة أن “شيئاً لم يتغير”.
تنصل حكومي
وتزامنت الاجتماعات مع قرارات تنفيذية، إذ استثنت أصحاب السيارات من فئة “1500 سي سي” وسنة الصنع 2008 من الحصول على البنزين المدعوم، سبقها رفع سعر الغاز المدعوم والبنزين الحر “أوكتان 95″، إضافة إلى رفع أسعار أسمنت البناء، الذي توفر حكومة النظام الكهرباء والمازوت التشغيلي لمصانعه، بسعر مدعوم.
ويرى الباحث الاقتصادي رضوان الدبس أن سياسة رفع الدعم الحكومي هي قديمة متجددة، هدفها الوصول إلى مرحلة رفع الدعم بشكل كامل، للتنصل منها في وقت لاحق، وهو ما بدا واضحاً بسياسات المركزي السوري الذي بات يحدد سعر الليرة أمام الدولار بقيمة موازية تقريباً لسعرها في السوق السوداء.
ويقول الدبس ل”المدن”، إن رفع الدعم سيعود بالمنفعة على حكومة النظام من خلال توفير السيولة النقدية القادمة ليس فقط من ذلك، وإنما بالزيادة الموازية لأسعار المواد بدولار السوق السوداء، ما يعني إفراغ إي زيادة للأجور من مضمونها، لأن الأسعار ستتضاعف، بينما تبقى الزيادة في الأجور ثابتة.
المصدر: المدن