يشير حصول النظام السوري على أول مشروع تنموي دولي بعد العام 2011، إلى تحسن علاقة دمشق بالمنظمات الدولية. كما أن السماح للأمم المتحدة بتمويل المشاريع التنموية لدى النظام يعني نجاح خطط دمشق لجذب مشاريع التعافي المبكر.
ويعتبر النظام مشاريع التعافي المبكر منفذاً للحصول على أموال المنظمات الدولية ما جعله يضع خططا لاستجرارها من خلال خلق آليات إنفاق يسهل الحصول على تمويل لها، لأنها تقدم كمساعدات بعكس مشاريع إعادة الإعمار التي تمول كقروض واجبة السداد.
وكان وزير الصناعة في حكومة النظام عبد القادر جوخدار وقع مع ممثل منظمة ال”يونيدو” إيمانويل كالنري مذكرة تفاهم حول إطلاق المشروع الريادي لتنشيط قطاع الصناعات الغذائية الزراعية في سوريا بدعم وتمويل من روسيا.
ويهدف المشروع، بحسب وسائل إعلام موالية للنظام، إلى تنشيط قطاع الصناعات الغذائية الزراعية من خلال تعزيز قدرات المراكز الفنية الداعمة لهذه الصناعات، والخدمات التي تقدمها بالتوازي مع تطوير الشركات المعنية ومنتجاتها وتعزيز قدراتها التنافسية.
مرحلة جديدة
ويروج الإعلام الموالي لمرحلة جديدة من التعاون مع الأمم المتحدة قوامها التحسن الملحوظ في كل المجالات الاقتصادية، معولاً على “الانفتاح الاقتصادي على سوريا باعتباره ينعكس على حركة النشاط الاقتصادي وتحسن الأوضاع وتشغيل الأيدي العاملة، خصوصاً وأن هذا المشروع الريادي التنموي هو الأول منذ أكثر من عشرة أعوام”.
ويشير المشروع الذي يهدف إلى دعم مؤشرات الأمن الغذائي وتقديم الدعم الفني والتدريبي والتسويقي للشركات العاملة في مجال الصناعات الغذائية إلى تحسن ملحوظ في علاقة النظام السوري بالمنظمات الدولية بحسب الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر.
ويضيف السيد عمر ل”المدن”، أنه “على الرغم من كون منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الفرعية التابعة لها لا تأخذ القضايا السياسية كمعيار للمشاريع التنموية بل تهتم بالحالات التنموية والاقتصادية فقط، إلا أن هذا المشروع يشير إلى نجاح حكومة النظام في تحسين علاقاتها مع المنظمات الأممية، وفي استقطاب أموال مشاريع التعافي المبكر”.
وعلى الرغم من أن قيمة المشروع ليست كبيرة، إلا أنها تعطي دلالة على نجاح مساعي النظام، كما أن الانفتاح العربي على حكومة النظام قد يكون له تأثير في تحسين العلاقة بين الأخير وبين المنظمات الدولية.
ذريعة الزلزال
ومنذ كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط/فبراير، زادت زيارات وفود الأمم المتحدة إلى مناطق النظام، وتمت لقاءات عديدة مع بشار الأسد ومسؤولي الحكومة مع إقامة ورشات عمل وزيارات ميدانية متعددة.
ويلاحظ وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري وجود توجه من الأمم المتحدة تحت ذريعة الزلزال لتوسيع مشاريع التعافي المبكر وعلى رأسها المشروع التنموي الأخير.
ويحاول النظام، بحسب المصري، الحصول على مشاريع تنموية على غرار هذا المشروع بحجة التعافي المبكر، بالتوازي مع مضي منظمات الأمم المتحدة في هذا الاتجاه الذي يخدم النظام بحجة فصل السياسة عن العمل الإنساني، كما أن تقييم الاجتياجات من جهة المنظمات الأممية ليس واقعياً.
ويتزامن توقيع المشروع الممول من روسيا مع توجه أممي لدعم مشاريع التعافي المبكر المتعلقة بقطاع الزراعة بتمويل خليجي أيضاً، بحسب حديث مدير الملف السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” كرم شعار ل”المدن”.
ويضيف شعار أن “الأمم المتحدة وبكل تأكيد تدفع باتجاه تنشيط مشاريع التعافي المبكر في مناطق النظام لكن لا يزال هناك تردد من الدول المانحة، التي تعادي غالبتها النظام السوري سياسيا وتدفع باتجاه حل سياسي للأزمة”.
المصدر: المدن