لا يمكن استمرار الصمت امام ما ترتكبه حكومة الاحتلال من إعلان رسمي للحرب الدينية التي ستشعل المنطقة برمتها وان اصرارها على تصعيد عدوانها المتواصل ضد الشعب العربي الفلسطيني ومقدساته وفي مقدمتها المسجد الأقصى بهدف الي تغير الوضع التاريخي القائم في القدس لصالح عمليات تهويد المدينة وسرقة تاريخها وارثها ويمثل هذا القرار اعتداءا صارخا على صلاحيات الاوقاف الاسلامية وإمعانا في تهويد المسجد الأقصى كون أن الحكومة الإسرائيلية تمعن في انقلابها على الاتفاقيات الموقعة وتستبدلها بسياسية فرض الامر الواقع والأوامر العسكرية التي تحقق مصالح حكومة الاحتلال القائمة على التهويد والسرقة ونهب الاراضي الفلسطينية في ظل غياب الافق السياسي والتدمير الممنهج للجهود العربية والدولية الهادفة الى خلق فرص حوار متقدم يؤدي لوقف هذا الدمار ويعيد العملية السلمية الي مكانتها .
ما يجري من اعتداءات على المسجد الاقصى يتحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي مسؤوليته شخصيا كونه اصبح الراعي لجماعات التطرف من المستوطنين وبذلك يتحمل المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاقتحامات ونتائجها ومخاطرها وما يترتب عليها من انعاسات خطيرة على طبيعة الصراع وعلى أية جهود مبذولة لوقف التصعيد الإسرائيلي لأنه من أخذ قرار التصعيد وهو من أعلن صراحةً سماحه للمستوطنين بالاقتحامات واستباحة الأقصى .
وضمن مفهومها للصراع الديني نظمت مجموعات الهيكل التابعة للمستوطنين عمليات متتالية لاقتحام المسجد الأقصى على شكل مجموعات حيث باتوا يحرصون على اداء الطقوس التلمودية بشكل عنصري وينفذون جولات استفزازية في باحاته، ويرفعون علم الاحتلال تحت حماية جنود الاحتلال الإسرائيلي، وبات اقتحام الاقصى بمثابة سياسة جديدة لحكومة التطرف الاسرائيلية يستخدمها رئيس وزراء الحكومة بالتصريح للمستوطنين بتنفيذ الاقتحامات المتتالية للهروب الى الامام من اجل الحفاظ على بقاء حكومته ولذلك باتت هذه الحكومة تنفذ سياسة التطرف وتدعم الأحزاب اليمينية التي تتبنى الفكر الاستيطاني وتدعو لطرد العرب من القدس وتهويد المدينة المقدسة .
تصعيد التنكيل والاعتداء على مدينة القدس ومقدساتها يستمر في ظل ازدواجية المعايير الدولية وغياب اي موقف دولي لضمان حرية العبادة في الاماكن المقدسة بينما يعكس ذلك طبيعة التصعيد الاسرائيلي والحالة التنافسية والتي تندرج ضمن اليات التحالف القائم بين اقطاب اليمين المتطرف ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فكل واحد منهما يريد أن يعزز دوره في الصراع السياسي الاسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية .
السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى المبارك، يعد تحديا سافرا للمجتمع الدولي وللعالمين العربي والإسلامي وتجاهلا لجميع الدعوات والجهود الدولية التي تطالب بالعدالة واخراج القدس من الصراع الديني وخصوصا مع حلول شهر رمضان الكريم إلا أن هذا القرار بالعودة للاقتحامات يعبر عن ازدرائه لتلك الجهود وتحدي للوضع التاريخي القانوني القائم وفرض واقع جديد فيه تقاسم زماني للأقصى وباحاته، وشواهد ذلك تمثلت في إغلاق أبواب المسجد بالكامل، وحصار المصلين والمرابطين وإغلاق الأبواب عليهم وتحطيمها حيث يشهد المسجد الأقصى المبارك اقتحامات متعددة لجيش الاحتلال والمستوطنين وغاليا ما يخلف ذلك عشرات المصابين والمعتقلين والاعتداء على المتواجدين في باحات الأقصى بهدف تفريغه بالكامل من المسلمين .
ولا بد من اطلاق الحملة الدولية الواسعة لتشمل المؤسسات الدولية والإقليمية لفضح جريمة الاحتلال وممارسات المستوطنين في القدس واستهدافهم للمسجد الاقصى والذي يسعى من خلالها الى اعلان الحرب على الشعب الفلسطيني ووضع حد لسياسات الاحتلال التصفوية والتي تستهدف الحقوق التاريخية والشرعية الفلسطينية .
المصدر: الدستور