في ذكرى الثورة السورية: البُعد الاجتماعي.. الثورة خلقت مجتمعاً كبيراً

الحديث عن الثورة في ذكراها الثانية عشرة يحيل إلى واقعها الحالي، كما يحيل إلى وضع السوريين الاجتماعي والإنساني والمعيشي، فما تركته حرب النظام الأسدي على السوريين بكل فئاتهم وأعمارهم، إنما يشير إلى حقيقة نتائج ما جرى في هذه الحرب الظالمة.. “نداء بوست” سأل الناشطة الحقوقية روز النميري عما حدث من تغيُّرات اجتماعية في المجتمع السوري فكانت هذه الإضاءة:

ضعف الترابُط الاجتماعي

الحرب التي شنّها النظام الاستبدادي الأسدي على الشعب السوري، أدّت بالضرورة إلى حصول تغيُّرات عميقة في بِنْية المجتمع السوري، على صُعُد الترابط العامّ الاجتماعي، والترابط الأسري الخاص، في هذا الأمر تقول الناشطة روز النميري المنحدرة من مناطق حوران السورية:

“بالنسبة للترابط الأسري، صار هناك تفكُّك على مستوى العائلة السورية، حيث توزَّع أفراد هذه العائلات في أكثر من منطقة لجوء أو نزوح، وهذا أدّى إلى ضعف في النسيج الاجتماعي الأسري والعامّ السوري”.

لكن النميري، تعتقد: “أن الحرب على الشعب السوري خلقت في داخل كل فردٍ منا قسوةً، هذه التغيرات في بِنْيتنا النفسية، أحالتنا جميعاً إلى الحاجة للتشافي النفسي، مما تركته مشاهد الدمار والقصف العشوائي على الآمِنين في بيوتهم من أطفال ونساء وشيوخ ورجال وشباب”.

وتعترف النميري، بأنها خضعت لعلاج نفسي، للخلاص مما تعانيه من عذابات، تقول عنها: “إنها آلام نفسية سبّبها الاعتقال والخوف الشديد مما يفعله نظام الاستبداد الأسدي بالناس، وسببها أيضاً، شَرْذَمَة الأسرة الواحدة، التي طغت على حياة قطاع واسع من الأُسَر السورية”.

لكن النميري، التي مرّت بكل هذا القهر، ترفض القول الذي يردده البعض بأن (الثورة انتهت)، فتقول: “أحد عشر عاماً من الثورة المستمرة، يأتي مَن يقول: إن الثورة لم تَعُدْ موجودة، في حين نجد أن أي كلام من الشبّيحة أو المؤيدين لنظام الاستبداد القهري، يعيد إنتاج هذه الثورة في أعماقنا”.

مضيفةً: “رغم أننا في لجوئنا ونزوحنا نعاني من مصاعب العيش وتأمين اللقمة، إلا أننا نحرص على ألا تحيلنا أوضاعنا الصعبة هذه إلى اليأس، فنحن نؤمن بانتصار ثورتنا رغم تأخُّره”.

وترى النميري: “أن الحرب على الشعب السوري أثّرت على مجمل العلاقات الاجتماعية بين السوريين، فخفّ الترابط، وتحوّلت المشاعر وتغيّرت الاحتياجات الاجتماعية”.

مبيّنة أن الثورة أخذت الكثير من السوريين، وهم ينتظرون أن يحصدوا نتائجها في دولة المواطنة والمؤسسات والعلاقات الإنسانية الرحيمة، وهذا يجعل كل سوري على العموم في حالة أمل مستمر رغم فظاعة ما جرى ويجري.

أسرة كبيرة هدفها الحرية

ولا يمكن التغافل عما أحدثته الثورة السورية من تغيرات عميقة في بِنْية المجتمع السوري، فالشعب السوري الذي واجه بصدور عارية رصاص نظام القهر والديكتاتورية والاستبداد الفظيع، لم ييأس البتة من تحقيق هزيمة هذا النظام.

جيهان الخلف الإعلامية السورية تقول لـ ”نداء بوست“ في الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية: “كان المجتمع السوري قبل اثنَيْ عشر عاماً مقيّداً بالعادات والتقاليد، وكذلك مقيّداً بقوانين تمنعه من ممارسة حريته السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

وتضيف الخلف: “ولكنّ الصرخات التي أطلقتها الحناجر في آذار أطلقت الحرية لكل الأصوات، ومنها صوت المرأة، فالبرغم من أن مطلقيها كانوا أطفالاً إلا أن كلماتهم هزّت عروش النظام”.

وترى الخلف أن الأسرة السورية عاشت مخاض التغيّر بسبب الثورة، فكان فيها آراء متباينة وأفكار مختلفة ومتعددة، حيث تقول: “حتى وجهات النظر انقسمت بين السلبية والإيجابية، ولكن ذلك جعل من الأسرة الصغيرة أسرة أكبر ذات رؤية واضحة وذات أفكار وأهداف واحدة”.

وتتابع الخلف قولها: “اتجه أفراد المجتمع السوري نحو تحقيق حلم الحرية والمدنية والديمقراطية والمساواة والعدالة أمام القانون، وقد فتحت الثورة السورية مساحات أكبر أمام المفكرين والمثقفين وأمام فئات المجتمع المختلفة”.

وبرأي الخلف فإن الثورة السورية أتاحت للجميع حرية التعبير وحرية الرأي من خلال منابر الإعلام والثقافة، وأتاحت حدوث تجمُّعات وأنشطة المجتمع المدني والعمل السياسي، وهذا ما كان يفتقده المجتمع السوري قبل أحد عشر عاماً”.

 

المصدر: نداء بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى