وفقا للوباء الذي مازال في حالة انتشار وتوسع بالقارات الخمس وانعكاسه على حياة الانسان، ولليوم فإن من أكبر نتائجه التي أثرت مباشرة على الانسان هو الركود الاقتصادي، هذا المصطلح الذي سنسمعه بالأيام القادمة بشكل كبير ومتكرر فما هو هذا المصطلح؟
الركود الاقتصادي هو أزمة اقتصاديّة تحدث عادةً عند انخفاض المؤشرات الاقتصاديّة بشكل كبير لمدة زمنيّة متواصلة، حيث تشتمل هذه المؤشرات الاقتصاديّة على خمسة أشياء هي الدخل، والعمالة، والتصنيع، ومبيعات التجزئة، وإجمالي الناتج المحلي، إذ لا يمكن تحديده بناءً على انخفاض إجمالي الناتج المحلي فحسب، بل فقدان القرار السيادي على الثروة الوطنية ، فما بالكم بدولة كسورية التي هي من الاساس تعاني عدة أزمات واكتملت معها بأزمة الفيروس مسببا التوقف لما تبقى من عربتها الاقتصادية، ولكي نتفهم هذه الحالة الاقتصادية التي تسمى الركود يتوجب معرفة المسببات بالمرحلة الأولى وفق العرف الدولي .
أسباب الركود الاقتصادي
يوجد عدد من الأسباب الكامنة وراء حدوث أزمة الركود الاقتصادي، أبرزها انحسار ثقة المستهلكين بالأعمال التجاريّة، مما يقلل من الطلب عليها، والذي يقود الشركات لعرض وظائف أقل، مؤدياً لتفاقم مشكلة البطالة، إضافةً لوجود الأسباب التالية:
ارتفاع معدلات الفائدة والأسعار، مما يقلل من القدرة الشرائيّة. انهيار البورصة وسوق الأسهم، كنتيجة لفقدان الثقة. انخفاض مبيعات المساكن وانخفاض أسعارها، مما يؤدي للتقليل من قيمتها. التباطؤ في طلبات التصنيع. إزالة القيود المفروضة على نسب القروض. خفض الأجور، مما يدفع لتسريح العمال، الركود الذي يتبع الحروب، أو أسهم المنازل بشكل يفوق المعتاد وإذا أسقطنا تلك الاسباب على الوضع السوري سنجد مباشرة، توقف التصنيع، خفض الأجور، تسريح عمال أو بالأصح هربهم، ارتفاع الاسعار، مما ينعكس وبشكل مباشر على القوة الشرائية للعملة وارتفاع أسعار العملات الاجنبية وخلق سوق موازية لتلك العملات وبالأخير حالة الحرب والتي لا مجال بهذا المقال لمناقشة أسبابها.
تعد أسعار الصرف الموازية (أسعار صرف السوق السوداء) لأسعار الصرف الرسمية أحد المؤشرات الاقتصادية والمالية عن قوة الاقتصاد في أي دولة، وتتأثر أسعار الصرف بعوامل سياسية واقتصادية متعددة، ومن أهم العوامل الاقتصادية ما يلي:
أولاً: أسعار الصرف:
المقصود بأسعار الصرف هو السعر التبادلي بين العملة الوطنية والعملات الأجنبية الأخرى، ويعتمد ذلك على علاقات العرض والطلب بين عملتين مثل الليرة السورية ومبادلتها بعملة الدولار الأمريكي أو أي عملة أخرى والعكس في حال مبادلة أي عملة أجنبية بالعملة الوطنية الليرة السورية، وهناك نوعين من أسعار الصرف:
أ- أسعار الصرف الثابتة:
ويتم تحديد هذا النوع من أسعار الصرف على أسس تحددها الدولة، ولا يتغير سعر الصرف في هذه الحالة إلاّ في حدود منخفضة جداً.
ب- أسعار الصرف الحرة:
وفيها تتحدد أسعار الصرف للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية بناءً على العرض والطلب على العملات الأجنبية في السوق الحرة للصرف.
وتتأثر العملة الوطنية وتنخفض قيمتها مقابل العملات الأجنبية للأسباب التالية:
- ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد الوطني يؤدي إلى انخفاض العملة الوطنية مقابل العملات الأخرى، حيث تزيد عدد الوحدات من العملة الوطنية المرغوب تبادلها للحصول على وحدات من العملات الأجنبية
- تراجع الصادرات الوطنية أو انخفاض أسعارها يؤثر على حجم التدفقات النقدية (إيرادات) الداخلة إلى الدولة مما يخفض المعروض من العملات الأجنبية وترتفع أسعارها مقابل العملة المحلية نظراً لزيادة الطلب عليها.
- الحروب كما هو الحال بسورية والكوارث الطبيعية الكبيرة المؤثرة في الاقتصاد الوطني للدول، حيث تسبب اختلالاً في قوة الاقتصاد مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.
- الديون الخارجية وخدمات الدين: إن ارتفاع الدين الخارجي لدولة ما يتسبب في زيادة العبء الذي يثقل الاقتصاد الوطني بسبب الالتزام بسداد أقساط الدين وأقساط الفوائد المطلوب سدادها سنوياً على فترات محددة من كل سنة، ولا شك فإن سداد أقساط القرض والفوائد في دولة تفتقر إلى موارد كافية من العملات الأجنبية يسهم في اختلال استقرار العملة المحلية وتنخفض قيمتها مقابل العملات الأخرى بسبب زيادة الطلب على العملات الأجنبية.
- انتشار آفة الفساد بجميع مؤسسات الدولة يزيد من الأكلاف على جميع السلع المطروحة بالأسواق مهما كان نوعها ويسبب عجزا بالقوة الشرائية للمواطن.
إجراءات الحد من التضخم:
تختلف الإجراءات المطلوب اتخاذها لمواجهة التضخم باختلاف مسبباته، كما تختلف الإجراءات في الدول المتقدمة عنها في الدول الفقيرة، ففي حالة التضخم الناشئ عن زيادة ارتفاع الأسعار بسبب الزيادة في الطلب على السلع والخدمات وهو النوع الشائع في معظم حالات التضخم، تعمل الدولة على معالجة ذلك باتخاذ بعض الإجراءات المالية للحد من ارتفاع معدل التضخم من خلال القيام بتنفيذ سياسات مالية ونقدية لكبح معدل الارتفاع في الأسعار.
1- السياسات المالية:
تستخدم الدولة السياسات المالية التي من شأنها التأثير على حجم السيولة المتاحة، فمن تلك السياسات المالية:
أ. تخفيض الإنفاق الحكومي ، فرض ضريبة جديدة أو زيادة في الضرائب الحالية على السلع الكمالية ، فعندما تخفض الدولة نفقاتها في الميزانية فمعنى ذلك تخفيض الإنفاق الكلي وبالتالي تخفيض الطلب الكلي للمجتمع ، وإذا صاحب ذلك فرض ضريبة جديدة أو زيادة في الضرائب السارية فإن الأثر الضريبي يقع على المستهلكين وتستطيع الدولة بذلك أن تسحب جزءاً من النقود التي لديهم ويقل الطلب على السلع والخدمات وينعكس ذلك على الطلب الكلي وبالتالي يؤدي إلى خفض معدل التضخم ، ولكن دولة كسورية تنفق كل ميزانيتها على التسلح بل وتستقرض كي تستطع الحفاظ على عرشها فأكيد التضخم سيأكلها في آخر المطاف ناهيك عن الفساد في الانفاق الحكومي .
ب. تخفيض كمية النقود المعروضة في النشاط الاقتصادي من خلال قيام الدولة ممثلة بوزارة المالية ببيع حجم الدين العام إلى الجمهور مما يؤدي إلى سحب النقد المتوفر في السوق ويؤدي ذلك إلى الحد من عرض النقد المتداول وانخفاض الطلب على السلع والخدمات فيؤدي إلى الحد من ارتفاع معدل التضخم.
2- السياسات النقدية:
من السياسات النقدية التي تستخدمها الدولة للحد من ارتفاع معدل التضخم هي في قيام البنك المركزي للدولة بوضع وتنفيذ سياسات نقدية بهدف تقليل حجم السيولة في السوق ومن تلك السياسات النقدية ما يلي:
أ. قيام البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم للأوراق التجارية المقدمة من المصارف التجارية الخاصة بتعاملاتها مع التجار وهذه الزيادة في أسعار الخصم تقلل من السيولة المتداولة.
ب. قيام البنك المركزي ببيع الأوراق المالية (العملات الأجنبية) بهدف سحب جزء من السيولة المحلية المتداولة في السوق.
ج. زيادة نسبة الاحتياطي القانوني فعند رفع البنك المركزي نسبة الاحتياطي على ودائع البنوك التجارية التي يحتفظ بها فإن القدرة الائتمانية للمصارف التجارية تقل مما يؤثر على سيولة المصارف وبالتالي تنخفض قدرتها على منح الائتمان بمبالغ كبيرة وبذلك ينخفض حجم السيولة في السوق وبالتالي ينخفض معدل التضخم.
لاحظنا هنا بالشكل العام الخطوات المتبعة للحد من التضخم دون الدخول بتقنيات هذه التصرفات ، فقط كخطوط عريضة وبمنطق القائمين على مراكز القرار كرجال وطنيين بمعنى الكلمة ، أما إذا كانت تلك المراكز يديرها رجال أبعد من أن نسميهم بمختصين أو يحملون الضمير الوطني ، حينها يحدث ما نراه اليوم بالعملة السورية والشلل الذي أصيبت به العربة الاقتصادية للبلاد ، قرارات ارتجالية مشخصنة بأغلب الأوقات، ونضيف الى ذلك فقدان أصحاب القرار حرية القرار التي أصبحت مرهونة لقوى خارجية بغية الحفاظ على السلطة وبالتدريج تحولت الثروات الوطنية الى مراكز قرار لا علاقة لها بالمواطن السوري ، همها امتصاص الثروات الوطنية حتى اقتطاع الأراضي من الوطن فأكيد لن يعد للتضخم معنى ولا للركود أثر حيث المواطن بات يعيش بقوة القادر وشفقة الآخرين ولا يهمه سوى تأمين لقمة العيش.