آباء و أمهات مظلومين

د- حسين علي غالب بابان

أصبحت أعرفه من بعيد، فلقد حفظت بدلته السوداء المهترئة التي لا يغيرها بتاتا طوال الصيف والشتاء، أما زوجته الطيبة المسكينة فتخرج فقط لتشتري حاجياتها من المواد الغذائية وتعود مسرعة بلمح البصر لكي تعد الطعام ويكون جاهزا قبل قدومهم من المدرسة .

إنهم جيراني أعرفهم تقريبا منذ عامين ـ والرجل وزوجته أحياء لكنهم بالنسبة لي ولكل من يعرفهم حق المعرفة كالأموات ، فهم لا  يفعلون أي شيء يذكر لأنفسهم وكل شيء مخصص إلى أبنائه الثلاثة الصغار.

نظام تقليدي متوارث غريب لكنه موجود في مجتمعاتنا ، حيث يصبح الزوج والزوجة في حال مختلف عند قدوم الأطفال إلى حياتهم ، نعم إنني أقدر تعب الأباء وجهد الأمهات لكن لا أن يحرموا أنفسهم من أبسط مستلزمات الحياة مهما كانت بسيطة ومتواضعة.

إن هذا النظام الأسري يخلق البرود العاطفي بين الزوج وزوجته فالزوج يعمل ليل نهار والزوجة مسجونة في البيت بين اربع جدران ، والزوج لا يعرف شيء عن زوجته وكذلك الزوجة لا تعرف شيئا عن زوجها ويلتقيان في المساء لكي يستسلموا للنوم العميق من شدة التعب والارهاق، كما أن الأبناء صحيح يحتاجون إلى مصاريف كثيرة لكنهم محتاجين للرعاية والاهتمام المكثف لساعات طويلة كل يوم ، فما أكثر الأبناء الذين كانوا يحصلون على كل شيء يريدونه لكن قلة الاهتمام وعدم الرقابة عليهم تركهم عرضة إلى رفاق السوء أو الإدمان أو دخول عالم الجريمة.

زر الذهاب إلى الأعلى