سلط تحليل نشرته مجلة “فورين أفيرز”، الاثنين، الضوء على مخاطر تراجع الصين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة يجب تتكيف مع تفاقم مشاكل بكين، خاصة الأحداث الأخيرة، التي أظهرت هشاشة نظام الرئيس، شي جينبينغ.
وأشار التحليل إلى أن التعامل مع الصين الضعيفة، أكثر صعوبة من التعامل مع الصين المزدهرة، وهو ما يجب أن تستعد له الولايات المتحدة بشكل دقيق.
ويقول التحليل إنه الشهرين الأخيرين شهدا أسرع الاحتجاجات انتشارا في الصين منذ المظاهرات الجماهيرية في ميدان تيانانمين وأماكن أخرى في عام 1989، ما أدى إلى تراجع بكين، في حالة نادرة، عن إجراءاتها المتعلقة بسياسات “صفر كوفيد”، التي دفعت الكثير من المواطنين الغاضبين على الشوارع.
ويضيف أنه بعكس ما ينظر كثيرون في وسائل الإعلام الأميركية، على أن هذه الأحداث بمثابة تطورات إيجابية أو على الأقل محايدة بالنسبة للولايات المتحدة، فإن “الصين الضعيفة أو الراكدة أو المنهارة ستكون أكثر خطورة من الصين المزدهرة، ليس فقط على الدولة نفسها، ولكن على العالم أيضا”.
وأشار التحليل إلى أن سجل واشنطن في التعامل مع الدول، وهي في حالة تراجع ليس مبشرا، مضيفا أنه من غير الواضح إذا كانت الإدارة الأميركية أعدت خطة لإدارة هبوط أو تراجع الصين.
ولم تكن المظاهرات هي الدليل الوحيد على معاناة النظام الصيني مع العديد من المشاكل التي تؤثر على العالم وليس على الداخل فقط.
فعلى مدى السنوات الـ 10 الماضية، ومن تولي شي قيادة البلاد، عزز سلطته بين يديه، وألغى الحوافز البيروقراطية، وأعلى مبدأ الولاء بدلا من الكفاءة.
كما فرض قوانين أمنية صارمة جديدة، ونظام مراقبة عالي التقنية، وقمع المعارضة، وسحق المنظمات غير الحكومية المستقلة (حتى تلك التي تتماشى مع سياساته)، وعزل الصين عن الأفكار الأجنبية، وحول إقليم شينجيانغ الغربي إلى معسكر اعتقال عملاق لمسلمي الأويغور.
وفي العام الماضي ، شن أيضا حربا على المليارديرات في الصين، وضرب شركات التكنولوجيا، وزاد من قوة وتمويل الشركات المملوكة للدولة غير الفعالة وضعيفة الأداء في البلاد.
بدأ الضرر الذي أحدثته سياسة شي في الظهور بالفعل من خلال مجموعة من الطرق، إذ انهار اقتصاد الصين، بسبب تدخله المتقلب وسياسة “صفر كوفيد”، حيث كان أكثر من 313 مليون شخص في الآونة الأخيرة تحت شكل من أشكال الإغلاق.
وفي عهد الرئيس الصيني الحالي، ولت أيام نمو إجمالي الناتج المحلي السنوي بنسبة 10 في المئة. وبينما تتوقع الحكومة أن تصل البلاد إلى 5.5 في المئة هذا العام، يعتقد العديد من المحللين أنها ستكون محظوظة للوصول إلى نصف هذا الرقم.
ووصلت عملة اليوان مؤخرا إلى أدنى مستوى لها منذ 14 عاما، وتراجعت مبيعات التجزئة وأرباح الشركات والإنتاج الصناعي والاستثمار العقاري، وارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير، حيث بلغت 20 في المئة بين الشباب خلال الصيف، واضطرت ما يقدر بنحو 4.4 مليون شركة صغيرة على الإغلاق العام الماضي، كما تظهر البيانات غير الرسمية أن البلاد تعاني أيضا من هجرة العقول الهائلة حيث يهرع أباطرة التكنولوجيا والمليارديرات الآخرون والمهنيون من الطبقة المتوسطة إلى الخروج من البلاد.
كما أن الميزانيات الأصغر وعدم الكفاءة البيروقراطية ستجعل من الصعب على بكين التعامل مع العديد من الظروف الخطيرة الموجودة مسبقا مثل، عدد السكان المتقدمين في السن، وأعباء الديون الهائلة، والنقص الحاد في الموارد الطبيعية (بما في ذلك الطاقة والمياه النظيفة)، وقطاع العقارات الذي يعاني في الآونة الأخيرة، والذي يمكن أن يؤدي فشل معالجته إلى هدم الاقتصاد بأكمله، حيث تستثمر الأسر الصينية أكثر من ثلثي مدخراتها في العقارات.
في نفس الوقت يعاني الرئيس شي من عدة مشاكل خارجية، حيث سعى إلى المواجهة، من خلال تهديد تايوان وعمليات الاستيلاء على الأراضي في بحر الصين الجنوبي والشرقي، ودعم روسيا في حربها غير القانونية على أوكرانيا، ما أدى إلى تراجع مكانة بكين العامة إلى أدنى مستوياتها تقريبا.
وفي المقابل، تسعى جيرانها مثل الهند وأستراليا واليابان إلى عقد اتفاقيات أمنية مع دول أخرى على رأسها الولايات المتحدة، وزيادة ميزانياتها الدفاعية.
يحذر التحليل إلى أن ضعف الاقتصاد الصيني، سيعني ضعف الاقتصاد الأميركي أيضا، مشيرا إلى المشاكل التي عانت منها، شركة أبل، عندما بدأت نزاعات عمالية في أكبر مصانع آيفون في العالم في مدينة تشنغتشو.
المصدر: الحرة. نت