بدأت الجهات المحلية للشؤون الإنسانية في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، بالتعاون مع منظمات تركية وأخرى دولية، بنقل 10 آلاف أسرة نازحة تباعاً من المخيمات العشوائية الواقعة في مجرى السيول والوديان التي تتعرض للغرق خلال فصل الشتاء، إلى شقق سكنية جاهزة، للحد من معاناة النازحين أثناء العواصف المطرية والثلجية وتلف الخيام وغرقها بمياه الأمطار.
بمشاعر من الفرح والسعادة، تسلّم أحمد، برفقة أفراد من أسرته وأطفاله، شقة سكنية جديدة في تجمع «الكمونة» السكني الذي بنته «هيئة الإغاثة الإنسانية التركية» شمال إدلب. وجاء انتقالهم إلى هذه الشقة بعد عناء دام لأكثر من 4 أعوام أثناء إقامتهم في مخيم «نور الهدى» العشوائي قرب مدينة سرمدا، علماً بأن هذا المخيم تعرض مرات عدة للغرق وتلف الخيام فيه، وعانى قاطنوه نتيجة الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة خلال فصول الشتاء الماضية.
وقال أحمد (48 عاماً)، وهو رب أسرة مؤلفة من زوجة و6 أولاد، إنه «يشعر وأسرته بالفرح والسعادة للمرة الأولى منذ سنوات». وأوضح، أنه نزح منذ 4 أعوام من بلدته جرجناز شرقي إدلب جراء القصف والعمليات العسكرية لقوات النظام، ولجأ إلى مخيم عشوائي. وهو حصل الآن على منزل جديد يضم 3 غرف ومطبخاً وحماماً صغيراً، ضمن تجمع سكني تتوفر فيه كل الخدمات الضرورية كالطرق والممرات المرصوفة والمعبّدة التي تحمي السكان من الغرق، مقارنة بالخيمة التي كان آوى إليها وأسرته وأقاموا فيها لسنوات، حيث تعرّضوا لأشكال من المعاناة، سواء في فصل الشتاء، حيث كانت الخيمة تغرق بمياه الأمطار، أو في فصل الصيف الذي كانت درجات حرارته المرتفعة «تخترق سقف الخيمة وتحوّل حياتنا إلى جحيم».
أما أم سعيد (37 عاماً)، وهي نازحة مع زوجها وأطفالها من ريف حلب الجنوبي، فقد كانت منهمكة في ترتيب ما تمتلك من أشياء منزلية في المطبخ والغرف الأخرى، وسط أجواء من الفرح والسعادة المتبادلة مع أفراد أسرتها في منزلهم الجديد الذي حصلوا عليه في تجمع «الكمونة»، خلال عملية نقل النازحين من مخيم «كفتين» العشوائي. قالت أم سعيد، إنها عاشت مع زوجها وأطفالها الخمسة 3 أعوام ضمن «خيمة واحدة لا تتجاوز مساحتها 6 أمتار مربعة، في مخيم (كفتين) شمال إدلب. كان المخيم مكتظاً بالخيام والنازحين، ولم تكن فيه خصوصية. كل شيء كان فيه عشوائياً، عدا مياه الصرف الصحي التي تمر ضمن مجرى مكشوف من جانب الخيمة والروائح المنبعثة منه. كان المخيم أشبه بسجن، بينما اليوم نعيش حياة جديدة في المنزل الجديد الذي يبعث شيئاً من الأمل والفرح، فالمنزل له باب رئيسي ونوافذ وإطلالة جميلة، بالإضافة إلى وجود مطبخ وصنابير مياه للشرب… ونظافة».
من جانبه، قال مسؤول في الشؤون الإنسانية في إدلب «تلبية لاحتياجات النازحين السوريين في المخيمات، وخصوصاً العشوائية التي تتعرض لظروف صعبة خلال فصل الشتاء وغرقها جراء السيول، بدأت مديرية الشؤون الإنسانية العاملة في إدلب، بالعمل على نقل 10 آلاف أسرة نازحة من المخيمات العشوائية ومنها مخيمات زمزم واليمامة والمنصورة والفقراء وفحيل وزيتان والنجمة والسعادة والبر والصالحين، ومخيمات أخرى في مناطق الدانا وجسر الشغور وأطمة بريف إدلب، إلى شقق سكنية ضمن تجمعات الكمونة ودير حسان وكفرلوسين التي جرى تشييدها من قِبل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، وهي جهة إنسانية غير حكومية، وبإشراف مباشر من قِبل مؤسسة الشؤون الإنسانية والتنمية في (حكومة الإنقاذ السورية) في إدلب». ولفت إلى أنه «يجري الآن الإشراف على إنشاء 600 كرفان (عربات للعيش) في مخيم المهندسين في منطقة جسر الشغور غربي إدلب، لنقل العائلات التي تقطن الخيام وإسكانهم فيها، في حين يجري تقييم الأوضاع الإنسانية في المخيمات الأخرى الواقعة في السهول والوديان في مناطق أطمة وسرمدا وكللي وحارم والدانا بريف إدلب؛ تمهيداً لنقل النازحين إلى تجمعات سكنية بهدف إنهاء معاناتهم وحمايتهم من الكوارث التي تتسبب بها العواصف المطرية والثلجية خلال فصل الشتاء».
وقال عمر حاج محمود وهو ناشط معارض في إدلب، إنه في ظل انسداد أفق الحل السياسي في سوريا، وعدم إمكانية عودة المهجرين إلى ديارهم، ومعاناة أكثر من مليون ونصف المليون نازح يقيمون في أكثر من 1200 مخيم عشوائي تنتشر بالقرب من الحدود السورية – التركية شمال إدلب «لا بد من توفير إقامة مؤقتة وآمنة، تحميهم من الكوارث والعواصف والظروف الجوي».
وأشار إلى تعرض أكثر من 40 مخيماً للنازحين للغرق مع بدء فصل الشتاء هذا العام.
المصدر: الشرق الأوسط