تفاقمت أزمة شح المحروقات في سورية، ما زاد سعر ليتر المازوت في دمشق عن 8500 ليرة (نحو 1.5 دولار) بالأسواق، وبلوغ سعر ليتر البنزين، اليوم الإثنين، 13 ألف ليرة، رغم أن سعر ليتر المازوت الرسمي المدعوم للمواطنين 500 ليرة وللقطاع الخاص 2500 ليرة سورية.
الأمر الذي أدى، بحسب مصادر من دمشق، إلى شلل تام للنقل، بعد توقف وسائط النقل واعتماد من بقي على قيد العمل رفع الأجرة بنسبة 100%، إذ لا تزيد تسعيرة النقل داخل دمشق عن 400 ليرة رسمياً، بينما رفعها أصحاب سيارات الركوب “السرافيس” إلى ألف ليرة.
وتشير المصادر لـ”العربي الجديد” إلى تعطل الأعمال بسبب شلل النقل وانقطاع الكهرباء وشح المحروقات، ما دفع جهات عدة، منها حكومية، لتعطيل المدراس والأعمال الوظيفية، ريثما تمر ما يصفونها بأسوأ أزمة تعصف بسورية منذ عام 2011.
وتكشف المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن الارتفاع الأعلى في أسعار المحروقات كان في محافظة السويداء، التي تشهد احتجاجاً منذ أمس، بسبب ارتفاع الأسعار وشح المحروقات، إذ سجل سعر ليتر البنزين اليوم نحو 15 ألف ليرة وارتفع سعر ليتر المازوت إلى 9 آلاف ليرة.
الليرة تواصل التهاوي
وهوى بالمقابل سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الرئيسية، ليسجل اليوم أدنى سعر على الإطلاق، بعد وصول سعر صرف الدولار إلى 5830 ليرة وسعر غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً إلى 297 ألف ليرة، بحسب مصادر من العاصمة السورية وموقع “الليرة اليوم”.
وارتفعت تكاليف المعيشة أكثر من 30% خلال شهر، بحسب الاقتصادي السوري علي الشامي من دمشق، بعد ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية والمحروقات إلى أعلى سعر منذ مطلع الثورة السورية.
وفي حين يقدر الشامي تكاليف المعيشة “للطعام فقط” بأكثر من مليوني ليرة سورية شهرياً، يشير لـ”العربي الجديد” إلى أن التحويلات الخارجية هي كلمة السر ببقاء السوريين على قيد الحياة، لأن الراتب الذي لا يزيد عن 100 ألف ليرة لا يكفي لنفقات خمسة أيام للأسرة السورية.
ويضيف الاقتصادي السوري أن “نقص المحروقات بدّل من واقع الاقتصاد والأسعار والأسواق”، مشيراً إلى ان “الإغلاقات المتكررة للمنشآت الصناعية والمحال بواقع انقطاع التيار الكهربائي اثنتي وعشرين ساعة يومياً، ما أدى إلى تراجع حركة المبيع والشراء وانتشار ملامح ركود حاد، بواقع انعدام القدرة الشرائية ومجاعة عامة”، على حد وصفه.
وحول استجابة حكومة بشار الأسد لدعوات رفع الأجور، التي كانت آخرها طلب أعضاء مجلس الشعب اليوم الإثنين، يقول الشامي إنه لا توجد سيولة لدى حكومة الأسد، لا لشراء المحروقات ولا القمح، فكيف ستزيد الأجور، اللهم إلا من خلال طبع عملة بروسيا والتمويل بالعجز”.
واعتبر أن “مطالبة أعضاء مجلس الشعب، اليوم، بتحسين مستوى المعيشة خلال مناقشة لجنة الحسابات للموازنة العامة، طرح عمومي من قبيل الواجب، لأن الجميع يعلم مدى إفلاس حكومة النظام التي وصل بها الحال إلى طرح ممتلكات المهجرين من حمص وإدلب للإيجار وعبر إعلان رسمي بالصحف الحكومية، بعد أن ألزمت القطاع الخاص باستيراد بعض المواد والسلع الأساسية لسد عجز السوق وخلل العرض”.
وتعاني سورية من نقص حاد في المحروقات، بعد تبدل خريطة الإنتاج منذ مطلع الثورة عام 2011، فتحولت سورية من بلد منتج لنحو 380 ألف برميل يوميا، ويساهم فيه النفط بنحو 24% من الناتج المحلي و25% من عائدات الموازنة العامة وأكثر من 40% من الصادرات الإجمالية، إلى بلد مستورد لأكثر من 150 ألف برميل يومياً.
وتراجع إنتاج المناطق التي يسيطر عليها النظام إلى نحو 20 ألف برميل، إضافة لاستجراره نحو 20 ألف برميل من مناطق “قسد “التي تسيطر على منابع الطاقة شمال شرقي سورية، ما يوصل العجز اليومي إلى أكثر من 100 ألف برميل.
وانعكس شح وغلاء حوامل الطاقة على أسعار المنتجات والسلع الغذائية، إذ يكشف الإعلامي السوري صبري عيسى، خلال منشور اليوم، أن سعر ليتر زيت الزيتون وصل إلى 44 ألف ليرة وسعر شطيرة الفلافل إلى 3 آلاف ليرة سورية، مشيراً، إلى شلل النقل واستغلال سائقي التاكسي الأزمة ورفع تعرفة الراكب إلى 5 آلاف ليرة سورية.
وبحسب مصادر من العاصمة السورية دمشق، فقد تعدى سعر كيلو البطاطا 3400 ليرة والبندورة 2500 ليرة، وزاد سعر كيلو السكر عن 6 آلاف ليرة، وسجل الأرز أعلى سعر بنحو 6200 ليرة، لتبقى اللحوم خارج حسابات السوريين وموائدهم، بحسب المصادر، بعد وصول سعر كيلو شرحات الدجاج إلى 22 ألف ليرة وسعر كيلو لحم الخروف إلى 40 ألف ليرة سورية.
وفيما تتفق تقارير دولية على أن أكثر من 14 مليون سوري في الداخل يعانون من الفقر المدقع، يقول مدير مكتب الاحصاء المركزي السابق، شفيق عربش، إن معدل الفقر في سورية بلغ 90 في المئة بين عامي 2020 و2021، مضيفا خلال تصريحات إعلامية سابقة أن “الفقر أصبح أعمق حاليا”.
المصدر: العربي الجديد