أقرّت لجنة شؤون الأحزاب التابعة لوزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، تشكيل حزب سياسي داخل الأراضي السورية بناءً على قانون تشكيل الأحزاب الذي أصدره النظام السوري في أعقاب اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله في آذار/مارس 2011.
وقالت الوزارة في بيان ممهور بتوقيع وزيرها محمد رحمون الذي يتولى مهام رئاسة اللجنة المخولة بإعطاء التراخيص لإنشاء الأحزاب: “يُرخّص حزب باسم “القومي العربي” يتمتع بالشخصية الاعتبارية بصفته حزباً”، مضيفةً أن الحزب “يمارس نشاطه السياسي على النحو المبيّن في قانون الأحزاب السياسية ولائحته التنفيذية”.
لا حياة سياسية جديدة
ولا يتوقع الباحث السياسي محمود علوش أن تكون هناك حياة سياسية قائمة على التعددية الحزبية في سوريا، في ظل استمرار سياسة الحزب الواحد التي يحكم على أساسها رئيس النظام بشار الأسد، مشيراً إلى أنه على الرغم من فقدان “حزب البعث العربي الاشتراكي” مهامه دستورياً كحزب قائد للدولة المجتمع، إلا أنه لم يفقد قوته وصلاحيته وهيمنته.
ويقول علوش لـ”المدن”: “لا يمكن لحزب البعث أن يتحمل فكراً مناهضاً أو منافساً من حزب آخر في المشهد الداخلي”، واصفاً الترخيص بأنه “محاولة إضفاء طابع مسرحي على تعددية حزبية هي غير موجودة في الأًصل داخل سوريا بوجود نظام حاكم كنظام الأسد، لا يقبل أن تعمل الأحزاب إلا بتعليماته وتوجيهاته وتحت كنفه”.
ويضيف: “يدرك الأسد أن فتح المجال أمام أي إصلاح سياسي يعني زوال نظامه وتفكيكه على المدى البعيد، ولذلك هو منع الحياة السياسية والتعددية الحزبية في سوريا”، لافتاً إلى أن “محاربة الحريات السياسية لا تقل أهمية وخطورة بالنسبة للأسد عن خطورة الحرب وصراعه للسيطرة على الأرض المستمر منذ عشر سنوات”.
رسائل خارجية
بتقدير علوش، يبدو أن الأسد الذي نجح جزئياً في فكّ عزلته العربية والإقليمية، “يحاول أن يرسل رسالة خارجية مفادها أنه يعمل على تغيير نهج إدارته السياسية في سوريا، طامحاً لتغيير وجهة النظر الغربية في وجود نظامه وتغيّر سلوكه، وهو ما نجح في تحقيقه عبر إقامة نوع من العلاقة مع بعض دول الاتحاد الأوروبي عندما قدّم نوعاً من الوعود بوقف المهاجرين على ما يبدو”، لكن علوش يؤكد أن جميع الدول الغربية مشتركة في وجهة النظر تجاه النظام السوري وعدم قدرته على تنفيذ أي إصلاحات سياسية حقيقية لأنها ستؤدي بالمحصلة إلى زواله.
الجامعة العربية
ويتفق المعارض السياسي السوري يحيى العريضي مع علوش، ويقول لـ”المدن”، إن الأسد أصبح اليوم محتاراً في كيفية تقديم نفسه للمجتمع الدولي والعربي، بعد فشل جميع المحاولات التي قامت بها روسيا ودول أخرى من أجل إعادة تأهيله، والتي لم ينجح من خلالها بالعودة إلى الجامعة العربية وشغل مقعد سوريا في القمة العربية التي انتهت قبل أيام في الجزائر، بسبب رفض وجوده من الدول المؤثرة عربياً.
ويتساءل العريضي عمّا إذا كان الحزب الجديد المرخص الحامل لشعار القومية العربية سيجرؤ على المطالبة بالجزر الإمارتية والأحواز العربية التي تحتلها إيران الحليفة للنظام السوري، لافتاً إلى أنه “لو كانت الأحزاب بشعاراتها التي تطرحها، لكان حزب البعث في مقدمتها، إلا أن الأخير شاركت كوادره في قتل وتعذيب وقمع الشعب السوري المطالب بالحرية من نظام الأسد، على الرغم من قيامه على أهداف أساسية هي الوحدة والحرية والاشتراكية”.
ويعتقد المعارض السوري أن توقيت ترخيص الحزب الحامل لشعار القومية العربية، “يأتي بالتزامن وعن سابق الإصرار من قبل النظام مع انتهاء اعمال القمة العربية التي فشل في الحصول على دعوة لحضورها، بهدف القول للدول التي عارضت وجوده بأنه النظام العربي الوحيد الذي يحمل هموم الأمة والقومية العربية”.
المصدر: المدن